المقالات

اسمعوا وعوا

1100 11:30:00 2009-07-18

باسم العلي

هنالك قول انكليزي مشهور مفاده "ان من يستغفلني مرة فعيب عليه ومن يستغفلني مرتين فعيب علي... وطيح الله حضي اذا استغفلني مرة ثالثة". لااريد في هذه المقالة ان اكون واعضا دينيا لاني اقل العارفين بذلك ولكني اقراء التاريخ واستخلص منه العبر.

لم يمر على التاريخ العربي منذ ان خلق الله امة العرب, ولم تمر فترة زمنية على العالم الاسلامي ان كان هنالك عدلا كما كان في ايام الرسول الاعظم وايام حكم الامام علي ابن ابي طالب... ومن عنده قصر في هذا التاريخ او في حقيقة ما اقول فليقراء التاريخ العربي والاسلامي.

ان الفترة التي حكم فيها الامام علي الامة الاسلامية والحروب التي تلت قسمت الامة الاسلامية الى قسمين او جهتين جهة العدل والديمقراطية والمساواة متمثلة بالامام علي وجهة الظلم والاستبداد والفساد الديني والاخلاقي والتي تمثلت بحكم معاوية.

فلقد كانت حكومة الامام علي تامر بكتاب الله وسنة الرسول (ص) وكانت رعية الامام علي تتمتع بكامل الحقوق وبكامل الحريات لدرجة ان يضاهر الناس ولاتهم وحاكمهم الشرعي وبكل حرية وبدون تنكيل او اعتداء على حرياتهم او خوف على ارواحهم, عوائلهم او اموالهم. اما حكومة معاوية فكانت حكومة نخب تتمتع فيها النخبة بعطايا ومواهب الحاكم وعلى حساب الفقراء من ابناء الشعب, فالحريات مقيدة بارادة ومنفعة الحاكم وليس هنالك حق منصوص عليه في كتاب سماوي او قيمة دينية, فالحق محصور فقط بما يريده ويرغب به الحاكم.

كلتا الدولتين كانتا تعملان وكل واحدة منهما بخصائصها ولكن في خطين مختلفين تماما. ان دولة الامام علي بدات رخوة سهلة الوغول والتمادي فيها فلاحجر ولاحد تقف عندها حرية الكلام, حرية التنقل, حرية الاجتماع وحتى حرية التخطيط لانقلابات خطيرة تضر بسلامة الدولة. تلك الارض السهلة الخصبة استخدمها معاوية لبث جواسيسه وعملائه ليتصيدو الفرص و ضعاف النفوس ممن لاايمان حقيقي لهم سوى ايمان المصالح الشخصية والماكاسب المالية والوعود بالجاه, وما اكثر واسهل الحصول على مثل هاؤلاء الاشخاص في المجتمعات الانسانية. انشغل جواسيس معاوية في هذا المضمار حتى صارت لهم منضمات تدعي التزامها بالاسلام وتبعيتها لمحمد ودين محمد وانها تاتمر وتامر بدينه لتحقيق مارب ليس لها بمحمد ولادينه اية صلة او علاقة انما غرضها خداع البسطاء من الناس. في المقابل وعلى ارضه, عزز معاوية حكمه في الشام باتجاهات عدة ومركزة فلقد قرب النخب من رؤساء العشائر ومن بعض اصحاب رسول الله (ص) ومن قواد للعسكر فاغدق عليهم العطايا والاموال والجاه وقربهم اليه... اما من عارضه فلقد ناله الخسران المادي وحتى الحياة.

في هذا السيناريو بدات جبهة الامام علي جبهة مخاخلة وجبهة معاوية صلبة صلدة. ورغم ذلك لم يكن لمعاوية ولالجيشه القدرة على ان يجابه جيش علي الذي كان فيه من المؤمنين الذين لاهم لهم الا الاسلام ولا عبودية عليهم الا لله فقط ولم تستهويهم المادة والجاه. فخسر معاوية الحرب... واخترع عمر ابن العاص فتنة التحكيم... وثار الذين اجبرو عليا على قبول التحكيم ... فبدلا من ان تنتهي حكومة معاوية, ابتلى عليا بمحاربة الخوارج وانتهى الامر باستشهاد الامام علي.

باستشهاد الامام علي وانتقال الحكم الى الامام الحسن تنفس معاوية الصعداء واعاد ترتيب دولته لتظهر الاقوى بين الدولتين. فاشترى المزيد من الذمم ودس الكثير من الدسائس مما جعل دولة الامام الحسن الاضعف لانها ارض خصبة للمؤامرات فلا يوجد فيها كبت للحريات مما سهل امرالدسائسين والمتامرين. واذا لم يكن هذا كافيا فان الامام الحسن استمر على عدل ابيه وجده المصطفى محمد(ص)... الحقوق مصانة... "القوي عندي ضعيف حتى اخذ الحق منه والضعيف عندي قوي حتى اخذ الحق له"... ولاعطايا من اموال المسلمين للنخب وانما لمن يستحقها من المسلمين و كما انزل الله.

جائت الخديعة الثانية والمؤامرة التي قصمت ظهر حكومة الامام الحسن... بعث معاوية بورقة بيضاء وموقعة من قبله يطالب الامام الحسن بالصلح بدعوى حقن دماء المسلمين على ان تنتقل الخلافة بعد معاوية الى الامام الحسن وعلى ان يتنازل الامام الحسن عن الخلافة الى حين وفاة معاوية ولللامام الحسن ان يكتب ماشاء من الشروط.

بعد توقيع الاتفاقية دخل معاوية بجيشه الى الكوفة وبمحفل من الناس... سبق معاوية الامام الحسن بالصعود الى المنبر ومزق وثيقة الاتفاق ورماها تحت قدمه وقال ان هذه الوثيقة تحت قدمي...انا لم احاربكم لامركم بالصوم والصلاة وانما حاربتكم لاتامر عليكم.

واليوم ورغم ان حكومتنا ليست حكومة الامام علي او الامام الحسن ولكن فيها الكثير من صفات حكومتيهما فهنالك حريات (حتى للمجرمين لهم حريات وحقوق) وهنالك مسافة واسعة وشاسعة للمتامرين والنفعين واصحاب المصالح الدنيوية واللاوطنية والطائفية والحاقدين ان يسرحوا ويمرحوا ولا يحق لاحد ان يستجوبهم او اعتقالهم مالم توجد ادلة قطعية على ارتكابهم جرم مشهود... واذ لم يكن هذا كافي فهنالك قنوات فضائية عربية وعراقية وباعداد كبيرة تبث الشائعات والدعايات المغرضة وتقليب للحقائق وتشجع ارهابي العرب والمسلمين لكي ياتوا الى العراق لقتل الابرياء بحجة المقاومة والدفاع عن الوطن المغتصب (وكان اسرائيل ارض فلسطينية محررة). في المقابل فانك ,وفي كل البلاد العربية, تجد ان الحريات مكبلة وفي احسن الاحوال موجهة في خدمة الحاكم وليس هنالك حرية للتعبير او الاعتقاد ناهيك عن حرية التنظيم والفعاليات التي تسير عكس اتجاه الحكومة.

ان جبهة العراق اليوم مفتوحة وجبهتهم مغلقة يدسون الدسائس ويصرفون الاموال الطائلة من اجل الاطاحة بالحكومة الشرعية الوحيدة في العالم العربي. ان واحدة من اهم واخطر المؤامرات التي الان تحاك ضد الشعب العراقي هي تفتيت الكتل الكبرى في البرلمان وتشتيت الاصوات وبكل الوسائل ومن اخطرتلك الوسائل هي خلق كيانات متعددة صغيرة ومتناحرة. واذا لم يكن ذلك كافي فانهم يحاولون تاليب الناس على المرجعية الدينية بالعراق بالرغم من ان الجميع يشهد على ان المرجعية كانت ومازالت صمام الامان في البلد ولولا المرجعية لما كان هنالك بلد يسمى "عراق". ان هذا التسقيط هو وسيلة اخرى لتفتيت صف الشعب العراقي وكما فعلو مع حكومة الامام علي والامام الحسن.

ان الحكومة والنواب بشر فمنهم الصالح ومنهم الطالح ولكنهم يمثلون جبهة المظلومين. لم يسلم اي عراقي رجل كان ام امراءة, كبير السن ام صغيره, مسلمه ومسيحه, سنيه وشيعيه, عربيه ام غير عربيه. فالحرمان والعوز والاضطهاد والظلم كان القاسم المشترك لكل العراقين. ان ممثلي الكتل في البرلمان الحالي وبالرغم من كل مساوئهم فانهم عندما يحق الحق فانهم سوف يصوتون من اجل العراق والعراقيين, ولن يسمحوا بضياع الحقوق التي حصل عليها الشعب العراقي.

ان في نظري والى ان تترسخ المفاهيم الديمقراطية وتسيطر الدولة على اراضيها واجوائها ومكانتها في المجتمع الدولي وتحقق الرفاهية الى البلد يجب ان لانضيع حتى ولا صوت واحد بحجة او اخرى لان ذلك معناه هدرا لانسانيتنا ولحقوقنا وارادتنا. لانه اذا خسرت الكتل الكبيرة مقاعدها او لم تحصل على مقاعد اكثر يعني ذلك ان البرلمان وبالتالي الحكومة سوف تنتقل وبالتدريج الى سيطرة الوهابين والبعثين ولن تقوم للعراقيين الشرفاء قائمة وسوف ترجع حليمة الى عادتها القديمة (مقابر جماعية وانفال)... والى ان يستيقظ الضمير العالمي ( وذلك عادة بعد فوات الاوان) سيكون من يبقى عبيدا, عبوديتهم امر من اي وقت مضى.

ان الارهابيين والبعثيين الصداميين قد اثبتوا انهم لايملكون ذمة ولاضمير ولاانسانية وتاريخهم حافل بشواهد اختبرها العراقيين سواء بالعبوات الناسفة او السيارات المفخخة او بالاحزمة الناسفة. ولمن يتذكر منكم اعزائي القراء, بعد انقلاب شباط المشؤم, المجازر والجرائم التي يندى لها جبين كل انسان عنده ذرة من الشرف والانسانية. فكيف تتصور سوف يكون تصرفهم الان بعد بانوا على حقيقتهم وهم يتفاخرون بتلك الحقيقة.

اناشد كل عراقي ان يحكم ضميره قبل ان يدلي بصوته وان يسال نفسه... هل اترك معسكر علي والحسن واذهب الى معسكر معاوية اواقف على جنب؟ وهل اترك الحسين وحيدا فريدا بغير ناصر ولامعين مرة اخرى؟ وليدرك ان على جوابه سوف يترتب مصير امة فكما ربح المعركة معاوية ويزيد وذاق المسلمين الامرين من حكمهما سوف يذوق العراقيين مرارة او حلاوة اختياراتهم. فالخاسر انت... والرابح انت. وفي الاخير, الامر لك وبالرغم من ان اختيارك يقرر مصيرامة.. فاما العز واما الذل.

ان تشتت دويلات المسلمين في الاندلس كان سببا في ضياع الدولة الاسلامية هناك, ولكن وبعد وبعد فوات الاوان توزع الاندلسيون في العالم الاسلامي انذاك ينوحون ويبكون بموشحاتهم الاندلسية على العز الذي فقدوه.

واعود واردد االقول الانكليزي و للمرة الاخيرةمن يستغفلني مرة فعيب عليه ومن يستغفلني مرتين فعيب علي... وطيح الله حضي اذا استغفلني مرة ثالثة

باسم العلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الربيعي
2009-07-18
لا والله لن نترك معسكر الامامين علي والحسن عليهما السلام..ولن نترك الحسين عليه السلام وحيدا...والله على مانقول شهيد
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك