هيثم الخزعلي ||
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يتبنى نظرية ( الجيو ايكونمك) ، التي تعتمد الاقتصاد وسيلة لتمديد مجالها الحيوي، ومع ان هذه الاستراتيجية لا تختلف عن الاستراتيجية الصينية كثيرا.
الا آنها تختلف عن الاستراتيجية الأمريكية القائمة على (الحماية Protection,) ولكن تبقى هذه النظرية منحسرة لصالح النظرية الأمريكية في المنطقة. مالم تجد مجالا للتنفيذ.
كما أن السيد السوداني يتبنى نظرية( العلاقات المنتجة)
وهذه النظرية من المدرسة الواقعية السياسية، التي تهدف لبناء علاقات دولية على اساس المصالح المشتركة ومبدأ (مصلحة العراق اولا).
وعند ملاحظة كلتا النظريتين نجدها يلتقيان بالمصالح الاقتصادية لكلا البلدين.
ومن منظور العراق فان أوربا بحاجة للموارد الاقتصادية خصوصا موارد الطاقة، والعراق بحاجة لتطوير هذا القطاع خصوصا في جانب استثمارات الغاز المصاحب، الا ان هذا لا يمنع تنمية القطاعات الأخرى من بنى تحتية وتعليم وصحة وزراعة وسياحة والدفاع ومكافحة الفساد والبيئة.
وبنظرةواقعية لبناء عراق حر وقوي ومتمكن اقتصاديا لابد أن نعتمد على الاستثمارات الأجنبية، وهذه الخطوة جوبهت برفض أمريكي لعقد العراق اتفاقيات مع الصين في فترة حكومة السيد عبد المهدي.
فاتجه السيد السوداني لفرنسا لتحقيق هذا الأمر بأيدي فرنسية مستثمرا ثلاث عوامل :-
١) حاجة أوربا وفرنسا خصوصا لمصادر الطاقة خصوصا الغاز.
٢) عدم ممانعة الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الاستثمارات واتفاقيات مع حلفائها الاوربيين خصوصا في فترة الحرب الاوربية الحالية.
٣) الامكانيات الفرنسية التكنولوجية في القطاعين العام والخاص وحاحتها لدعم الاقتصاد الفرنسي بالاستثمار في دول غنية بالموارد كالعراق.
هذه النظرة العميقة للسيد السوداني انتجت اتفاقية استراتيجية بين العراق وفرنسا تكونت من ٦ فصول و٤ أبواب و٥٠ مادة و٦٤ فقرة وتم عقد الاتفاقية في قصر الاليزيه لاهميتها بالنسبة للفرنسيين، و كان اهم جوانبها :-
قطاع الطاقة :- حيث اتفق العراق وفرنسا على استثمار الغاز المصاحب لإنتاج الطاقة الكهربائية وبناء محطات كهربائية جديدة وصيانة المحطات القائمة ومعالجة مشاكل التوزيع فيها.
كما تم الاتفاق على تطوير استخدامات الطاقة النظيفة ضمن اتفاق باريس للمناخ وزيادة إستخدام العراق للمواد الصديقة للبيئة.
اما في المجال الصناعي فاتفق الطرفان على دخول الشركات الفرنسية للاستثمار وتطوير القطاع الصناعي العراقي من حيث الاستثمار او إدخال التقنيات المتطورة وتأهيل الكوادر فنيا.
وفي مجال البنى التحتية اتفق العراق وفرنسا على تطوير طرق النقل والمواصلات وتنفيذ مشروع( مترو بغداد) وتطوير المواصلات العامة للتخفيف من أزمة الزخم المروري في المدن العراقية.
وفي المجال الزراعي اتفق العراق على حوكمة الزراعة واستخدام طرق ري وزراعة حديثة، وبناء وتطوير السدود المائية، وتنمية الصناعات الحيوانية وتربية المواشي من أجل توفير الأمن الغذائي العراقي.
اما في جوانب الأمن والدفاع فاتفق العراق على أن تقوم فرنسا بتطوير الصناعات العراقية العسكرية، (ولاول مرة تزويد العراق ب منظومة دفاع جوي متطورة) ، وتدريب وتأهيل الكوادر الأمنية العراقية. بالإضافة للتعاون في مجال مكافحة المخدرات .
وفي مجال النزاهة ومكافحة الفساد تم الاتفاق على مكافحة غسيل الأموال وتهريبها وتعهد فرنسا بإعادة الاموال المهربة والأشخاص المطلوبين بتهم فساد، خصوصا ان العراق لديه اموال من زمن النظام السابق في البنوك الفرنسية.
وفي مجال الثقافة اتفق الطرفان على تطوير قطاع التعليم العالي وزيادة ابتعاث الطلبة العراقيين لباريس والجامعات الفرنسية الأخرى، وتطوير أساليب ومناهج التعليم في العراق.
بالإضافة لصيانة المتاحف والآثار العراقية والمناطق التراثية، ومساعدة العراق في استرجاع تراثه المنهوب واشتراك العراق في المؤتمرات الفنية مثل (مهرجان كان) الفرنسي.
وتطوير قطاع السينما والمسرح وزيادة التبادل الثقافي بين البلدين، إضافة لزيادة الاستثمار في القطاع السياحي واعادة الخط الجوي بين البلدين لزيادة وتسهيل الزيارات:-
· التوصيات :-
١) وفي صدد هذه الاتفاقية الكبيرة لابد للعراق آن يزيد احتياطياته من (اليورو) ويسعى لتنويع سلة عملاته الأجنبية.
٢) كما نتمنى أن يزيد احتياطياته الذهبية، خصوصا ان فرنسا تستثمر كثيرا في إنتاج الذهب في أفريقيا.
بالنهاية اعتقد ان هذا الانفتاح سيجلب التحرر الاقتصادي للعراق، وقيادة عملية تنمية شاملة مبنية على رؤية واقعية ومستفيدة من الظروف الدولية.
فقد آن الأوان للعراق لتسنم موقع الدولي والاقليمي متصدر... مادامت هناك قيادة وطنية وارادة سياسية حقيقية.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha