د. حسن عبد راضي ||
ما الذي فعله الرئيس الأمريكي المنصرف دونالد ترامب طوال فترته الرئاسية على الصعيدين الداخلي لأمريكا والخارجي للعالم؟ وما هو سجل الإنجازات التي يمكن للمرء أن يقرنها باسم الرئيس الخامس والأربعين؟ وهل أصبح العالم ..أو حتى أمريكا فقط، بل يمكننا أن نذهب أبعد فنقول البيت الأبيض ومبنى الكابيتول أكثر أماناً في عهده البغيض؟
الحق أننا صرنا نسمع كثيراً عبارة مفادها إن "ترامب هو الوجه الحقيقي لأمريكا" ولا أجد هذا الأمر بعيداً عن الحقيقة، فأمريكا العنصرية وجدت فيه من يعيد إليها أقنعة عصابات الكوكلوكس كلان لكن بصيغة أخرى تليق بالقرن الحادي والعشرين، فقد بدأ عهدَه بتشييد جدار الفصل العنصري بين الولايات المتحدة والمكسيك بدعوى مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وأمريكا الدولة النووية الوحيدة التي استخدمت القنابل النووية في حروبها وتسببت في إبادة ملايين المدنيين في اليابان، ظلت تحارب أي دولة يكون لديها تطلع لامتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية، لا سيما الجمهورية الإسلامية في إيران، وبعد سجال ومفاوضات دامت سنوات جرى التوصل إلى الاتفاقية النووية التي وقعت عليها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا فضلاً عن إيران، فجاء ترامب ومزق الاتفاقية بطريقة صبيانية لا تفعلها دولة مؤسسات تحترم تعهداتها، وإلا فما قيمة اي اتفاق إذا كان من حق أي رئيس أن ينقض اتفاقية أبرمها الرئيس الذي سبقه؟
والولايات المتحدة دولة المؤسسات التي وقّعت على اتفاقية باريس للمناخ عام 2015 أيام الرئيس أوباما، عادت ايام ترامب ومزقت الاتفاقية وخرجت منها على نحو غير مبرر، رغم أنها من أكثر الدول تلويثاً للبيئة بمخلفاتها الصناعية وانبعاثات الغازات التي تسببها مصانعها.
لقد بلغت الوقاحة بهذا الرئيس أن كرّس كل جهده وكل موارد الولايات المتحدة لإشعال الصراعات مع دول عدة، لا سيما الصين التي ناصبها العداء تجارياً، وبدأت المماحكات بإثارة المشكلات وتوجيه الاتهامات ضد شركة هواوي، واستمر التصعيد حتى بلغ درجة من الخطورة والجدية تهدد أمن الاقتصاد العالمي، ناهيك عن احتمال تفجير صراع عسكري في أي لحظة.
وجاءت أزمة فايروس كورونا والجائحة التي نجمت عن انتشاره الغامض، إذ تشير الشكوك إلى ضلوع ترامب ونظامه في نشر الفايروس واتهام الصين بذلك، كما أن الطريقة التي تعامل بها ترامب مع انتشار المرض في الولايات المتحدة تثبت غباء هذا الرئيس وعنجهيته التي نجم عنها أن أصبحت الولايات المتحدة الدولة الأولى من حيث عدد الإصابات والوفيات، إذ جاوزت إصابات كورونا فيها مليوني حالة، بينما بلغت الوفيات أكثر من 300 الف حالة.
أما الإنجاز العنصري الأبرز لترامب فقد تجلى في سلوكيات رجال الشرطة التي ورثت كل تراث العنصرية الأمريكي على امتداد عمرها في التعامل مع الملونين والسكان الأصليين، فانفجرت قضية جورج فلويد التي أظهرت حقيقة النظام العنصري في أمريكا، مما أثار مشاعر الغضب في ولايات ومدن أمريكية كثيرة، وجعل الأمريكيين ينقسمون عمودياً على نحو حاد، بين رافضين للنهج العنصري السائد والمدعوم من البيت الأبيض، وبين عنصريين مؤيدين لما جرى ومستبشرين بنهضة العرق الأبيض على يد الرئيس.
أما فضيحة الانتخابات الرئاسية الأخيرة فقد كشفت كذبة الديمقراطية الأمريكية، وأبرزت صورة ديكتاتور وشيك، كان على بعد دورة انتخابية أخرى ليبسط نفوذه بقوة السلاح لا بقوة القانون على كل مفاصل الدولة الأمريكية ومؤسساتها، ولئن شهدت السنوات الأربع الماضيات قفز كثيرين من سفينة الرئيس أمّا بالاستقالة أو بالإقالة، فإن أيامه الأواخر شهدن وقوفه وحيداً أمام احتمالات عزله ومحاكمته برلمانياً وتجريده من أي أمل بالترشح مرة أخرى لأي منصب فيدرالي.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha