غياب الثقة بالنظام الاداري وضعفها تجاه المنظومة السياسية ، فسحت المجال واسعاً للقبول بأي نوع من الاتهامات التي تكال للمسؤولين في النظام بشكل شخصي او بهجمات داعمة ، فاختلط بذلك الحابل بالنابل وتهاوت المعايير التي تقاس بها نزاهة هذا الطرف او فساد الطرف الاخر. صار من السهل جداً اتهام اي شخص مسؤولاً كان او مواطناً عادياً بذمته ونزاهته والطعن بهما وان لم تتوفر الادلة او الشواهد لتثبت ذلك فغدا الجميع متهمون وعلى كل واحد ان يثبت براءته امام هذا السيل الكبير من الطعون والشكوك التي تلاحق كل موظف خدمة عامة ، هذا لايعني ان لا وجود للفاسدين او ان الجميع غير مشتبه بهم ، لكن الاعمام في الاتهام اصبح ثقافة عامة تلقفها المجتمع الذي تآكلت بناه الاخلاقية بسبب ما خلفته الحقب السياسية من حروب وحصار وايغال في نسف المرتكزات التي تدعم استمراره قوياً. الارادة السياسية المنحرفة وجدت في تعميم هذه الثقافة ضالتها التي توفر بها سقف حماية من خلال خلط الاوراق واظهار الجميع بصورة المتورطين وان كان بعضهم بريئاً ، حتى يبدو الجميع متهماً فيتستر الفاسد ويضيع في خضم هذا الكم من التقاذف بالتهم بل ويجد فرصة للنفاذ والخلاص حين يلبس الاتهامات لبوساً سياسياً ويغدو ذلك ذريعة للافلات من العقوبة حين تتدخل الجهات السياسية النافذة وتنبري للدفاع عن الفاسد باعتباره ضحية لخلاف سياسي . الذي عمق غياب الثقة واشتغل عليها هي القوى السياسية الفاشلة لانها وجدت في ذلك منفذاً لتسويغ الكثير من فشلها ووضعه في اطار الاعذار الجاهزة ، التي باتت من المسلمات بدعوى ان الاوضاع غير المستقرة للبلاد اسهمت في هذا الانهيار والتردي ولايد للقوى السياسية فيها ، فمرة الارهاب واخرى الشح المالي والازمات الاقتصادية وغيرها من الاسباب التي تسوق لتكون مصداً ورداً جاهزاً لكل من ينتقد. بدون اعادة الثقة للنظام الاداري للدولة لن يكون هناك استقرار ولايستطيع احد ان ينقذ البلاد مما هي فيه ، باعادة الثقة لن يتحكم الفاشلون بمقدرات الشعب ولن يكون هناك فساد.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)