حسن المياح ||
الذي يريد ويدعو وينشد الإصلاح في واقع ميادين الحياة كافة , عليه أن يتبع منهج الإصلاح وبرنامجه الحركي في العمل الإصلاحي , لا أن يتبع الشخص المسؤول الذي يتصدى للمسؤولية ويزعم أنه يتحمل أمانتها , لأن الشخص خاضع للمتغيرات التي تؤثر على فكره وواقع سلوكه بما له من غريزة حب الذات التي تحكمه وتسيطر على سلوكه ومجريات عمله .
فالمنهج هو طوق النجاة , وهو الذي تلمس منه العصمة في التخطيط , والدقة في التطبيق , وإلا كيف يكون المنهج قاعدة أمينة وركيزة سليمة , وهو لا يعصم ذاته ووجوده من الخطأ والإنحراف ... ? ? , والذي يفقد الشيء لا يعطيه ولا يقدمه , ولا منه يرتجى مهما إدعى ونطق وزعم , لأن دعوته وكلامه , وإدعاءه وزعمه هواء لا يستند على وافر خزين يمده عطاءآ ووقودآ يديم وجوده وحركيته في عالم الواقع ومسيرة الحياة .
وإذا سألتني عن هذا المنهج , وأين يوجد , وكيف يمكن الوصول اليه والتعرف عليه , وهل يمكن تطبيقه وتدشينه في حياة الإنسان , ومن خلاله يبسط العدل , وتشرع المسيرة بسلام وأمان في خط الإستقامة من دون إنحراف أو تغيير أو تبديل في أساسيات محتواه وتكوينه , وفي مبادئه وأسسه ???
والجواب جاهز وحاضر ومعروف ومشهور ومقتنع به وهو , أن الذي خلق الإنسان وأوجده ومنحه الحياة في عالم الخلق والوجود , هو الذي يقدم له التخطيط الشامل الكامل للمنهج الذي يحييه , وينظم حياته , ويربيه , ويرشده , ويدليه , ويوصله الى شاطيء الأمن والسلام والعيش الرغيد , ويمتعه بالسعادة الدنيوية التي هي التمهيد الى سعادة خالدة في عالم الآخرة . والله سبحانه وتعالى هو من خلق الإنسان في أحسن تركيب وتقويم , ويعز عليه أن يرديه الى أسفل سافلين , إلا إذا أراد الإنسان نفسه وقرر وصمم أن يهبط ويسفل وينحدر ويسقط ويكون في الدرك الأسفل في عالم الوجود , فيمكنه ذلك لأن الإنسان قد خلق حرآ مختارآ , وعلى أساس إختياره والحرية التي يتمتع بها , يتحمل المسؤولية التي تستبطن الجزاء ثوابآ أو عقابآ.
ومنهج الله في خلقه , هو مضامين القرآن وما يحتويه هذا القرآن من عقيدة ومفاهيم وأحكام وتشريعات , وما يشتمل عليه من أوامر ومناه مرشدة للإنسان في مسيرته , والقرآن هذا هو الذي يرسم للإنسان شوط عمله وسلوكه ومباديء الخلق التي عليها يستقيم .
ولذلك يتحقق الإعتقاد والإيمان من خلال التمسك بالمنهج الإلهي الذي يقوم الوجود والفكر والسلوك , وأن يكون الخضوع له خضوعآ واعيآ مريدآ مضحيآ قاصدآ , لا مشركآ أو لاغيآ أو متحببآ أو متعاطفآ أو أو أو ...... وما الى ذلك من إختيارات وإضمامات ليست من ضمن أساسيات وركائز وموجودات المنهج .
وأما الحال الذي درجنا عليه في حياتنا , ومن خلال التجارب المعاشة في عالم التنافس السياسي المتصدي للحاكمية , نلاحظ أن الإنتماء هو للشخص السياسي المتصدي القائد , لا للمنهج الإلهي المستقيم المقوم الرشيد الراشد . وأن الولاء الى منفعة الذات ومصلحة الحزب والتجمع , لا لمباديء وأساسيات ذلك المنهج ومبادئه وأسسه .
لذلك تحدث النكسات والأزمات , وتكثر الأخطاء والزلات , وتستفحل الإنحرافات والإلتواءات , وتزداد الموبقات والسيئات ; عكس ما هو مأمول ومرتجى في أن يكون التغيير والإصلاح نحو الأفضل والأصلح والأجمل والأمثل .
وهذا هو منبع وأساس حالة الصنمية التي تؤله الشخص المسؤول المتصدي لقيادة الدولة أو الحزب لا إعتقادآ بها وإذعان , ولا إيمانآ بوجودها ويقين ; وإنما هي وسيلة لتحقيق منافع الذات المجرمة المنحرفة , وتلبية رغبات النفس الأمارة بالسوء . ولذلك لا ترى بصيص نور للإصلاح , ولا تتحسس صوت تغيير نحو الأصلح والأمثل , ما دامت غريزة حب الذات غير المهذبة هي الحاكمة والمسيطرة على عقل المسؤول وتفكيره , وإرادته وسلوكه .
فالسياسيون الحاكمون في عراقنا المؤمن الطيب الجريح يتصرفون حاكمية طبقآ لأهوائهم الذاتية وإن كانوا يدعون الإنتماء لمنهج الله الصالح القويم , ويزعمون الولاء لتطبيق أحكامه وتشريعاته , فهم منافقون كذابون دجالون خادعون غاشون , وأنهم يعملون لبناء ذواتهم الهزيلة المريضة المنحرفة , مدعين الكفاح للإصلاح من أجل الشعب العراقي المستضعف وهم الخبثاء الماكرون , والنضال للتغيير نحو الأصلح والأفضل والأمثل من أجل إسعاد الناس وهم الدجالون المزيفون , الذين يجرون النار لإنضاج قرص عيشهم , وإستواء وإدامة وجودهم الحاكم الظالم الفاسد المجرم الناهب القاتل السالب .
لذلك هم لا أمناء ولا يؤتمنون , ولا هم قادة تغيير ولا زعماء إصلاح كما يتمشدقون ; وإنما هم ثلة عمالة مقادون , لتحقيق وإشباع رغبات غريزة حب الذات , ولتنفيذ أجندات الأسياد تراهم يتزاحمون ويتنافسون ويتقاتلون . فلا تغيير منهم يتوقع , ولا إصلاح منهم يحدث , بل لا يفكرون في إصلاح لأنه يتعارض مع وجودهم الحاكم الطامع المجرم الفاسد الناهب .
الفرعون الطاغية لا يؤمن بمنهج الله سبحانه ولا يؤتمن , ولا السامري يستقيم عقيدة , فكيف على تطبيق منهج الله به يطمئن ???
فالإنتماء للشخص المسؤول الحاكم تأليهآ صنمآ , والولاء الى زعيم الحزب عبادة وثنآ , هي الصنمية الجاهلية المشركة , وهي الوثنية المجرمة الكافرة المتسلطة والحاكمة على الشعب العراقي المستضعف الذي لا بد له من الخلاص منها بإتباع منهج الله والإلتزام بأحكام القرآن وتشريعاته .
وإلا فلا تغيير يحدث أو ينتظر , ولا إصلاح يكون أو يرتجى .
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)