منى زلزلة
......................
لا تتغير العادات والقاليد الاجتماعية بسهولة وتبقى حاكمة على تصرفات المرأة عشرات السنين بل ترسم اهدافها وتقرر حياتها وموتها !
وتنشأ العادات والقاليد عادة لتلبية حاجات اجتماعية ملحة وضرورية وتنشأ بأتباعها اماناً وحمايةً لحقوق وممتلكات ومبادئ وقيم ضرورية ولهذا تختلف من مجتمع الى آخر حسب قيمة وطبيعة حركة ونوعيته فالحروب والحصار وانتاج النفط , كلها عوامل قوية في تغيير المجتمعات وتبعاً لذلك تتغير العادات وتكون في حالة صراح مع العادات القديمة .. وتحسم نتائج الصراع وتنعكس في كثير من الاحيان على حركة المرأة وانطلاقها في المجتمع .
والملاحظ ان العراق مم يحسم نتائج صراعه بشكل واحد بل مختلف من بقعة جغرافية الى اخرى ومن عائلة الى عائلة اخرى : بسبب قوانين السلطة والاعلام والشعور الديني السائد ولم يكن ذلك خافياً على بنت الهدى لهذا رسمت منذ بداية تحركها هدفاً يسعى اليه شابات اليوم بلهفة وهي الحرية والعفة في التألق والسمو وخططت لأسلوب العمل الذي مازالت الكثيرات منا ينتهجن بنهجها وأقتداءاً بها .
فالعراق بلد زراعي سكنه البدو الرحل من زمن بعيد , وتزاوجت العادات الريفية والبدوية معاً ,وبقيت أثارها مع الريفي الذي انتقل الى المدينة بسبب أكتشاف النفط والاعتماد عليه بدلاً من الانتاج الزراعي وبالرغم من تغير نوعية العمل وشكل الارتباط ونمط الحياة لكن هذا التغير لم يقدر على الانتصار وتبديل كل العادات الريفية المترسخة لألآف الســنين
بل نجد التحول الاجتماعي في كثير من جوانبه الممتدة على الرقعة الجغرافية هو مازال صراع فعلى سبيل المثال لا الحصر :-
عودة المرأة الى البيت قبل غروب الشمس هي عادة ريفية مستحكمة ومفيدة .. حيث لا عمل لأحد من النساء والرجال في الحقل بعد الغروب , وأنما الاعمال والوظائف داخل البيت في ذلك الوقت , وقد ترتبت أحكام قضائية يقوم بها ابناء الريف لفك الخصومات على هذا الاساس .
وجاءت العادات العشائرية لحماية المرأة في الحقل في النهار دون الليل , فأذا اعتدي على المرأة بعد الغروب في الحقل تقتل مع الغاصب لها واذا اعتدي عليها في النهار فيعاقب الرجل فقط هذا الامان العرفي وفر حماية لحركة وانتاج المرأة الريفية .. لكن هذه العادة مفيدة لحركة المرأة وانتاجها في المدينة التي يتطلب خروج المرأة بعد الغروب .. وبالرغم من توفر وسائل النقل والحماية للمرأة نجد ان الرجل اليوم مازال متعوداً على انه يغضب على المرأة اذا تأخرت ليلاً في عودتها !! ولا يغضب منها اذا عادت قبل الغروب فهذه العادة الريفية مازالت متملكة في عقول الرجال وحتى البنت وهي تابعة لاهل الريف وغير منجذبة لاهل المدينة لهذا نجد ان البعض قد حسم نتيجة صراع العادات المدنية والريفية لصالح المدينة وآخر لصالح اوهامه الريفية وحنينه الى تراث اجداده !!
والتغيرات الاجتماعية تبدأ بتغيير ثقافة المجتمع ومعتقده ولا ننسى أن الاعلام (السلطة الرابعة ) في المجتمع اثر كبير في تغيير العادات الاجتماعية بغض النظر عن حاجة المجتمع الى هذا التغيير أولاً ...
كما ان للقوانين التي تسنها السلطة الحاكمة اثر مهم في تغيير العادات والتقاليد , فعندما تم فرض قانون لبس السترة والبنطلون للموظف والطالب تغيرت الملابس الشعبية وانحسرت داخل البيوت ,لكن مثل هذا القانون لم يفرض في الحجاز ... فبقي الشعب هناك متمسكاً بعاداته القديمة في اللبس.
والدين والمعتقد وما يتركه من آثار ومعتقدات وعادات موروثة ... يعمل بها أكثر الافراد في اكثر الاحيان بدون وعي ... ولا يقدر على تركها .. فهويشعر بتأنيب ضمير كبير , واحساس ثقيل لأنه ترك هذه العادة فهو لايعرف اسرارها ومعانيها العميقة ... وكل ما يدركها انها عادة دينية تنجيه وترضي الله ... وبالتالي ترضي ضميره الديني ( مهما كان ضعيفاً ):
هنا يمكن ان نقسم العادات والتقاليد الاجتماعية حســــــــب المنشـــــــــــــأ الى :-
1. عادات وتقاليد قديمة ( تنشأ بحكم العمل ونوعه وشكل وحاجة الارتباط الاجتماعي ).
2. عادات وتقاليد وافدة ( تنشأ بفعل قانون السلطة والاعلام والاستعمار ).
3. عادات وتقاليد موروثة عن الدين .
لم تتآلف هذه العادات والتقاليد مع بعضها البعض لتنتج وتولد عادات مزدوجة او جديدة .
فلم يكن بينهما حوار كالذي أوجدته الشهيدة في تيارها ولم يكن هناك تلاقح كالذي نما يوماً بعد يوم الى وقتنا الحالي
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)