قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :
انا مدين بالاعتذار الى الأخوة الأعزاء والأخوات الكريمات على طول غيابي ولكن سفر وعلاج كنت قد اجلته لمدة اربعة سنوات رغم الآلام التي كنت اعانيها ولكن وبعد انتهينا من مجلس النواب والواجبات المتعلقة به حانت هذه الفرصة فأنا اعتذر سلفا ومتأخرا ايضا عن حالة الأنقطاع التي دامت لستة اسابيع ولكن يشهد الله ويعلم انني كنت في اشد الشوق لأخواني الأعزة وان اكون من جملة الذين يذكرون الله في هذا اليوم العظيم ذكرا يرضاه وذكرا يتقبله عبر صلاة الجمعة المباركة .
وقال سماحته :
أحداث كثيرة خلال هذه الفترة لعلها لا تغيب عن جميع الأخوة الأعزاء ( الملف الأمني وتراكمات الملف الأمني ، ملف الخدمات ومأساة الكهرباء التي قدر الى العراقيين ان يعانوا من مهزلته كل هذه الفترة رغم الأموال الكبيرة التي اعطيت ، وايضا الملف السياسي وما يرتبط بطبيعة تشكيل الحكومة ) . ولا شك ان الناس مهتمة بالملف الأخير اكثر من اي ملف آخر ، تارة للأسف الشديد ليأسها من الحصول على نتيجة وأخرى لأنها ملت من كثرة الوعود وكذلك فان الملف الثالث ملف خطير وملف مصيري . الأمور التي تحصل الآن هو اننا اصبحنا على مشارف انعقاد مجلس النواب ولكن هذه المرة في تصوري لن يشبه مجلس النواب السابق فمجلس النواب القادم سيكون في غالبية الأحيان مجلس نزاع وصراع أكثر مما هو مجلس حل ومجلس تحقيق للمصالح المنتظرة فطبيعة الأحداث التي مرت تكسف عن طبيعة ما سيأتي وطبيعة التصريحات التي نسمع والمواقف التي نرى تشير الى إننا متجهون باتجاه مجلس من هذا القبيل لذلك ارجو ان لا يفاجئ الأخوة الأعزاء من انني لن اكون في البدل ولا في غير البدل ، فالتعويضية دفعتها إلى أخينا سماحة الشيخ همام وحتى في البدل اي عندما يفرغ احد المقاعد لن أكون عضوا وهذا طلبي من أخواني في قيادة المجلس لأني أود ان أتفرغ بشكل أكثر للجانب العقائدي والفكري لمجتمعنا ولخدمة أبناء هذه الأمة والخدمة لا تتعلق فقط بمجلس النواب ، فسابقا كانت المصالح الحقيقية والرئيسية المتعلقة بتلك المرحلة تتم في مجلس النواب ، اما في هذه المرحلة فستكون المصالح اصغر من السابق وبالنتيجة ان شاء الله من سيرد الى هذا المجلس سيقوم بهذه المهمة وأرجو ان لا تنسوني من الدعاء لأن الأخوة لا زالوا معارضون لمثل هذه الفكرة .
وحول اسس تشكيل الحكومة قال :
انا اعتقد ان الجدل الموجود الآن حول من سيكون رئيس الوزراء ومن سيتولى منصب رئيس الحكومة . هذا الجدل للأسف الشديد يخلو من المحتوى ويخلو من المضمون ، فمشكلتنا ليست في شخص نأتي به لكي يمسك بالدفة وإنما مشكلتنا في ان هناك اختلاف جدي في وجهات النظر في طبيعة المركب الذي يؤدي إلى إنقاذ العراق مما هو فيه . المسألة ليست مسألة أشخاص بقدر ما هي مسألة فهم لكيفية إدارة الحكم وكيفية تشكيل حكومة تخدم المواطنين وتحقق لهم الاستقرار المنشود .
حينما نتحدث عن الاستقرار في العراق يجب ان يكون هناك ثابت في مقابل هذه القضية ، فعندما أقول ان بيتي يجب ان يستقر فلا يوجد معنى ان اقول استقرار البيت هو في إغلاق الشبابيك والأبواب فهذا استقرار داخلي ، اما جيراني فهم معنيون بي وانا معني بهم والشارع الذي انا فيه انا به وهو معني بي فانا واحد من هؤلاء وأنا لست الكل ، كما انني لست في جزيرة مستقلة وإنما أعيش ضمن الآخرين والآخرون ايضا يتأثرون بمعيشتي لذلك عندما أتحدث عن الاستقرار يجب ان أتحدث عن المشاركة لكلمن يتعاملون مع ملف الاستقرار هذا ولا معنى لأن اقول ان البلد يستقر اذا كل المكونات شاركت ثم أقول لهذا المكون لا تشترك انت فهذا منطق لا يمكن ان يؤدي الى الاستقرار كما انه لا معنى لأن افتح محلا واجعل هذا المحل يكسد معيشة الآخرين ثم اقول انني اريد ان أعيش بسلام . فعندما أقول انني اعيش مع الآخرين يجب ان أؤمن كل ما يترتب على المعيشة معهم ، لذلك حينما نادينا منذ البداية انه لا بد من مشاركة المكونات وبغض النظر عن انني ارضى عن هذا او ذاك فهذا كلام لا يدخل في السياسة فالسياسة تضع أمامي أرقام من الواقع ففلان حصل على كذا وفلانة حصلت على كذا فكل من جاء ووضع بضاعة في هذا السوق اذا صح التعبير فانا معني به وهو معني بي وبغض النظر عن ان كنت أحبه أو اكرهه او انه غير مخلص فهذا كله ليس له واقع في السياسة والذي له واقع في السياسة هو من وضع بضاعته في هذا الشارع .
وعن التجاذبات السياسية تحدث سماحته :
لذلك استهجن واستغرب من يتحدث البعض بلغة فيها إقصاء لهذا الطرف او إبعاد لذلك الطرف اذا كنا نريد استقرار ، أما إذا أردنا ان " نتعارك " نعم أأخذ كل الذي استطيع اخذه بل واضرب هذا ضربتين حتى أأخذ ما عنده فأفعل ذلك اذا كان القتال هو خيارنا . اما عندما نتحدث عن بلد يريد ان يتجه الى الاستقرار فلا مندوحة امامنا غير التوجه الى مشاركة حقيقية ومسألة المشاركة شعار يطلق والسياسيون يتحدثون عنه ولكن عندما نريد وضعه على المحك فلابد ان نقول ما هي حدود المشاركة وما هي مصاديقها العملية ، فانا اريدك ان تشارك فيمكن ان اضعك عند الباب ويمكن ان أضعك في المحراب وكل واحدة لها معنى . اما انني بأسم المشاركة اجعلك على " الكيشوانية " وأنا اجلس في صدر المجلس فهذا غير معقول لذلك لا بد من وجود فهم مشترك فأنت تريدني ان أشارك وانا أريدك ان تشارك ولكن مفهومي عن المشاركة يختلف عن مفهومك لها مما يؤدي الى الرجوع إلى الاحتراب . فعندما نتحدث عن الوحدة الوطنية يجب ان نتحدث عن مفهوم متكامل ، فمثلا القول ان الملف الأمني يجب ان يدار بالطريقة الفلانية فهذه " اليجب " مرة انا وحدي اقولها ومرة الكل يقولونها فأيهما انسب ؟؟ قطعا التي يقولها الكل تؤدي إلى الأمن . الآن لماذا الأمن ارتفعت الوتيرة السيئة له والأحداث الأمنية ضربت بهذه الطريقة التي رأيناها ؟؟؟ لأن هناك فريق يؤمن بأن الأمن يتحقق بهذه الطريقة والآخرون يقولون انه لا يمكن ان يتحقق بهذه الطريقة ، وقد يكون هذا هو الصحيح ولكن عندما يكون الآخرون لا يؤمنون بنفس الفهم ففي ذلك الوقت تكون المطبات والعراقيل وربما تحدث مساعدة للقوى الإرهابية من اجل تكريس هذا الفهم . بينما عندما نتحدث عن المشاركة يجب ان نقول ان الفريق ألف يؤمن بالمشاركة على الطريقة الفلانية والفريق باء يؤمن بالطريقة العلانية ، ومهمتنا الآن هو نأتي ونوفق بين فلان وعلان ومن دون ذلك سيمشي كل واحد بطريق وبالتالي سنكون قد مشينا باتجاه الصراع والتنازع . لذلك عندما قلنا في دعوتنا لهم ان تعالوا واجلسوا قبل ان تفكروا بمن سيشكل الحكومة ومصطلح الطاولة المستديرة الذي نادينا به قبل الانتخابات وقلنا على السياسيين ان يحددوا اطر مشتركة فيما بينهم للتعاون والمشاركة بين الجميع . الآن الملف الأمني فيه مئة قصة وقصة والملف الاقتصادي فيه مئة قصة وقصة وملف الخدمات لا يمكن لطرف واحد او لشخص واحد ان يحله ولو جئنا بالأنبياء وقلنا لهم هذا ملف الخدمات فسيقولون لا بد من من يأتي الآخرون لكي نحله . طيب هؤلاء الآخرين عندما نقول انهم يأتون ومرة نقول اننا نعطيكم كذا عدد من الوزارات وأولئك لهم كذا عدد من الوزارات حتى فلان يكون رئيس الوزراء فهل ستحل المسألة ؟! أبدا لن تحل وستبقى نفس الأربع سنوات الماضية وتتكرر وتبقى الناس تزرع شعرات وتحصد شعارات وتوضع أمامها أنواع من الشعارات وعندما يأتي الصباح لا تجد لا كهرباء ولا ماء ولا خدمات ولا أي شيء . ففي خلال السنوات الأربعة الماضية كم سمعتم من الشعارات ؟! وكم سمعتم وعود والآن بعد أربع سنوات اذا مرت الكهرباء على بغداد ساعة فالناس حمد الله وشكره ، فالكهرباء تنقطع ومعها الماء يجب ان ينقطع أيضا .
اذا أردنا ان نبقى نعيش كما فعل المجرم صدام حيث علمونا على سياسة الشعارات فما هي النتيجة وكما يقول احدهم لم نحصل غير أيدينا تحمر لكثرة التصفيق فإذا السياسة سياسة شعارات فقطعا لن يحدث شيء .
ولكن عندما نقول بيننا مابين الله هذا شعبنا وضمير شعبنا ومئات يقتلون في كل اسبوع والناس التي تحترق في حر الصيف وما زال لم يهجم علينا بعد ، وسبق ان تحدثت وخاطبت الحكومة ان عليكم ان لا تنظروا الى الكهرباء في الخريف او في الربيع لأنه لا يوجد استهلاك كبير ، ولكن في الصيف او الشتاء عندما يكون هناك استهلاك كبير ستعرفون ان هناك كهرباء ام لا !!! .
فبعد اربع سنوات وقبلها سنتان وبعدها الله اعلم ولا زلنا لحد الآن نحصل على ساعة او ساعتين من الكهرباء فهل هذا الذي اردناه ؟! قطعا لا والخلل ليس صعب جدا . ثقوا بالله ان بعض الدول بأدوا يتندرون بنا ويقولون ما هي قصة الكهرباء الطويلة العريضة وهي ليست لها قيمة . كنا في الهند وهي بلد كبير وفيه ما يقارب المليار والكهرباء متوفرة في القرى الصغيرة وفي الجبال وعمق الغابات مع العلم ان فقرهم اكثر من فقرنا وأناسهم اكثر من أناسنا ومساحتهم اكبر من مساحتنا فلماذا الكهرباء عندهم متوفرة وعندنا لا ؟؟!! .
لا بد من وجود شيء آخر غير المسالة الفنية في الكهرباء فهم يصرحون ويطلقون الوعود ولكن مالذي حصل عليه المواطنون ، فالحر لا هب في الصيف وبرد قارص في الشتاء وبالنتيجة يظهر لنا الوزير الفلاني او المسؤول الفلاني ويقول أتينا بكذا وجئنا بكذا واشترينا كذا وبدون نتيجة . المهم الذي اريد ان اذكره من شاهد انه حدثت عندهم مناسبة في منطقة ليست فيها كهرباء فجاؤوا بعشرات السيارات تحمل مولدات بسعة اثنين ميغا وتمت إنارة المنطقة بكاملها وهي منطقة شاسعة . نحن لا نريد الـ (ge) ولا الــ ( سيمنز ) وارجعوا وفكروا حتى " بالجولة " وفكروا لنا بألم الناس بما هو ألم الناس . لقد قلتم ان هناك بوارج جاءت واين هي فلم نرى الكهرباء ؟؟! وقلتم دفعنا كذا مبلغ وانا اعرف اننا وحتى السنة القادمة لن نرى كهرباء لأننا غير متفقون على سياسة القضاء على الفساد وغير متفقون على سياسة النزاهة وغير متفقون على إستراتيجية الحلول ، لذلك فأن مطلبنا الأساسي في الأمن والملف الاقتصادي والسياسة الخارجية والسياسة الداخلية وفي كل الملفات هو لا بد من ان تجلس جميع الجهات السياسية وتتفاهم فيما بينها " وليتعاركوا " افضل من "يتعاركون" في الإعلام وكل يوم واحد يهدد وآخر يتوعد وانا اقولها كلمة حق بيني ما بين الله اننا عندما نجلس ونتفاهم فأن الكثير من الجليد يذوب والكثير من الظنون تذهب والكثير من الناس يقتنعون ويقولون نعم هذا الحل ودع الأمور تسير .
أمس المبادرة التي بادر بها السيد رئيس الجمهورية وهي مبادرة لطيفة وهي جلسة غداء ومجرد أنهم جلسوا وأكلوا ولكنها أزالت الكثير من الجليد وخرجنا من فرقعات الأعلام ومتفجرات الفضائيات وجئنا باتجاه كيف نجلس سوية . ونحن مطالبنا الأساسية نحن نقول ( الحكومة لا يمكن ان تشكل بعيدا عن الائتلافين وكيف ما درستها لا مجال غير هذا المجال ) ، وهذان الائتلافان هذه المرة لم يجتمعا لمجرد الاجتماع والبحث الموجود الآن بحث في محتوى إدارة الحكم وكيف تدار الأمور قبل ان نعرف من هو رئيس الوزراء فاذا جاء زيد بن ارقم أو أرقم بن زيد فالمشكلة ليست " بمن " ولكن المشكلة " بكيف " سيدير البلد وكيف سيعمل من اجل إدارة الملفات الكبيرة ، فواحد يأتي ويظن انه قادر على حل كل هذه الملفات فأربع سنوات أثبتت ان هذه نظرية لا صحة لها على الإطلاق ونحن نريد أربع سنوات قادمة ان شاء الله تعالى تعم بالخير على الناس والناس ترى مقدارا من الوعود التي أعطيت لهم خلال الانتخابات . اما تعالوا واتحدوا كيف ما اتفق فهذا لا يمكن كأن تأتي بقنينة وتضع فيها عسل وخل وطرشي وشكر فما الذي يكون فيها !!! . اما ان تأتي بمقدار بسيط ومتحد فهذا ينمو ويزكى ويمكن ان تعول عليه وتتأمل منه .
وفي استقراءه للأيام القادمة قال الشيخ الصغير :
طبعا المسألة لن تجري خلال أيام وأتعجب من بعض التصريحات التي تقول أننا خلال أيام سننهي الموضوع ولكن مع ذلك فالمسألة وان طالت اذا جاء متفقون على كيفية الإدارة . والأربعة الأساسيين دولة القانون والائتلاف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني هؤلاء يجب ان يجلسوا مع بعضهم لتوحيد الرؤى وتقسيم المواقع القيادية بالطريقة التي تؤدي إلى نشوء البلد والى تقديم خدمة حقيقية , ومن دون ذلك يبقى نفس المنطق . نعم بالاستحواذ يمكن ان أأخذ حصة الجهة الفلانية ولكننا جربنا خلال الفترة الماضية فاذهب واستحوذ فما الذي ستحصل عليه ؟؟ وقد تحصل في منطقة محددة ولكن باقي المناطق أليست في العراق ولأهل العراق ؟؟ قطعا كلها لهم .
لذلك انا اكرر دعوتي وسبق ان وجهت دعوة مثلها قبل ذلك ولكن اعتقد ان مشاركة حقيقية جادة تبتنى على أساس طاولة مستديرة لتبيان معنى المشاركة وتحديد اطر هذه المشاركة وتنبثق عنها سياسات متفق عليها في شؤون البلد المختلفة تؤدي إلى تشكيل الحكومة . اما حكومة تشكل " وبعدين " نتفاهم فأعتقد ان الحكومة لن تشكل بهذه الطريقة ، نعم جلسة البرلمان خلال الأسبوعين او الثلاثة القادمة قد تعقد ولكن ستكون جلسة أولى يفتتح ثم ترفع الى ما يعلم الله تعالى حتى يتفقون . المعركة ايها الكتل السياسية أخرجوها من الأشخاص ( فلان لازم يصير وفلان لازم يصير ) فهذا المنطق لن يؤدي بكم الى نتيجة ومثلما انت تريد فلان فان غيرك يريد فلان والكل ثابت انه محتاج الى الكل فالأرقام كلها جاءت متقاربة في المحصلة النهائية فالأثنين اذا اتفقوا وحتى الثلاثة اذا اتفقوا فيما بينهم فلن يستطيعون حل المشكلة لذلك لابد من المشاركة وبغض النظر انني ارضى عن فلان او لا فهذا حديث آخر وفي السياسة يجب ان تعاون معه واسحبه للتعاون معي وبهذه الطريقة يمكن ان يتقدم البلد .
وختم سماحته الخطبة قائلا :
انا أناشد الكتل السياسية بترك المصالح الخاصة والنزوع الى المصلحة العامة فانتم ترون الإرهاب وهو يستغل الفراغات ويضرب ضربات شرسة جدا كما جرى في الحلة والبصرة وفي بغداد في أماكن متعددة ، فهي ليست نزهة او مجرد رقم اننا فقدنا كم شخصا ، عيب علينا بعد كل هذه السنوات وهذا العدد من الأجهزة والأموال والصرف ونقاط التفتيش ثم تحصل عندنا هكذا احداث . هذه المسالة يجب ان ننتهي منها فاسرعوا في تشكيل الحكومة وفق الأسس التي أشرت اليها وان شاء الله يقطع دابر الإرهاب ونرى افق لسياسة حكيمة تتجه لتبني خدمات لهذا البلد بدل ان تعطيه وعودا .
https://telegram.me/buratha