حمل مواطنون وناجون من تفجيرات أمس، السلطات المحلية في المناطق، مسؤولية عدم متابعة شاغلي الدور والشقق السكنية المنتقلين حديثا من المناطق الأخرى، وذلك على خلفية سلسلة من التفجيرات الاجرامية التي استهدفت ستة مجمعات سكنية، جميعها في جانب الكرخ في بغداد.
ودان رئيس الجمهورية جلال طالباني، في بيان، السلسلة المتوالية من الجرائم الإرهابية التي استهدفت المدنيين الأبرياء ومقار البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق، فيما اتهم التيار الصدري جهات لم يسمها بالوقوف وراء هذه الاعمال بهدف الحصول على مكاسب سياسية.
وقال الرئيس طالباني في بيان : ان «قوى الإرهاب الغاشمة تأبى الرضوخ لإرادة الشعب التي تجسدت في مشاركته الواسعة في انتخابات نيابية تفتح صفحة جديدة في مسيرة بلادنا على طريق الديمقراطية».
وأضاف «فقدنا اليوم عشرات من الشهداء وما يربو على مئة مصاب، بعد أن كان الإرهابيون قد عمدوا في اليومين الماضيين إلى استهداف المدنيين الأبرياء قرب عدد من السفارات والمواقع الأخرى».
وأكد البيان ان «هذه السلسلة المتوالية من الجرائم تشير بوضوح إلى أهداف سياسية صريحة في مقدمتها تعويق المسيرة الديمقراطية وإشاعة جو من التوتر والكراهية ومحاولة إثارة احترابات داخلية على أسس دينية أو طائفية أو حتى سياسية، وإعاقة اندماج العراق بمحيطه العربي والإقليمي».
وشدد الرئيس طالباني، بحسب البيان، على «إننا إذ ندين بشدة هذه الجرائم وندعو أجهزة الأمن إلى تحمل مسؤولياتها الكاملة، فإننا نناشد القوى السياسية إلى أن تنأى بنفسها عن الانجرار إلى مسلك تبادل الاتهامات وإلقاء كل المسؤولية على الأجهزة الأمنية من دون الإشارة إلى الجناة الحقيقيين، ما يحرف الأنظار عن الأطراف المحركة والمنفذة للجرائم».
الى ذلك اعلن رئيس الوزراء نوري المالكي ان القوات المسلحة والاجهزة الامنية ستضاعف اجراءاتها لمواجهة الارهابيين.
وقال المالكي في بيان صحفي : إن الجرائم التي ارتكبها الإرهابيون وأعوانهم خلال الأيام القليلة الماضية خصوصا في بغداد ، تشير بوضوح إلى طبيعة الأهداف والمخطط الذي يراد تحقيقه. إنهم يريدون دفع البلاد إلى الفتنة والفوضى وتحطيم إرادة العراقيين.
واضاف : إن طبيعة هذا المخطط وما لدينا من معلومات تتطلب اتخاذ إجراءات أمنية احترازية لاسيما في العاصمة بغداد وضواحيها . وبناء على هذا فان القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ستضاعف من إجراءاتها الحازمة والفاعلة والمستمرة لمواجهة الارهابيين.
ودعا المالكي المواطنين جميعا إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية في تنفيذ هذه الإجراءات،كما دعا كافة الأحزاب والقوى السياسية إلى التكاتف والوقوف إلى جانب الأجهزة الأمنية وعدم صب الزيت على النار.
وقال : ان هذا الوقت ليس مناسبا لاطلاق الاتهامات والنيل من معنويات الأجهزة الأمنية والصيد في الماء العكر.
وطالب جميع وسائل الاعلام ولاسيما المحلية منها إلى : التحلي بروح المسؤولية الوطنية والوقوف إلى جانب الشعب والقوات المسلحة في مواجهة هذا التحدي وعدم السماح للارهابيين باستكمال مخططاتهم من خلال التحريض والدعوة إلى إشاعة الفوضى.
وأكد التيار الصدري من جانبه بأن التفجيرات التي استهدفت مرافق عديدة في بغداد تهدف الى احداث ضغط على السياسيين من اجل التنازل عن المناصب السيادية.
وأوضح نائب رئيس الهيئة الادارية للتيار الصدري قصي السهيل في تصريح وزعته الهيئة الاعلامية العليا لمكتب الصدر بشأن التصعيد الامني الاخير: «ان هذا التصعيد الواضح في مثل هذه الأوقات، هو ابتزاز وضغط على السياسيين من أجل الاستجابة لمطالب البعض، والتنازل عن بعض الأمور وهو متوقع من أجل الحصول على مناصب سيادية».
وجاءت هذه التصريحات عقب سلسلة تفجيرات استهدفت أمس ست عمارات سكنية في جانب الكرخ من بغداد، توزعت بين مدينة الشعلة ومنطقة جكوك وحي العامل، اضافة الى السيدية والعلاوي والشرطة الرابعة.
وأصدرت الامانة العامة لمجلس الوزراء أمس بيانا اهابت فيه بالمواطنين وأصحاب العمارات السكنية ان يحرروا عقود الايجار بالاستناد الى المستمسكات الرسمية للمستأجر وتصديقها في مراكز الشرطة، ومتابعة الشقق الشاغرة بشكل دوري.
ونقل المركز الوطني للاعلام عن الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق في بيان صحفي قوله:» نهيب بالمواطنين الكرام خدمة للوطن وامن المواطن «ان لا يبرم عقد الايجار بالاتفاق الشفوي انما يتم بصيغة تحريرية مكتوبة يبرز فيها المستأجر هوياته التعريفية بما في ذلك بطاقة السكن وبطاقة الحصة التموينية اضافة الى هويته الشخصية وهوية الاحوال المدنية تدون تفاصيلها في نسخة العقد». وشدد البيان على أهمية «ان تتم المصادقة على صحة المعلومات الواردة في عقد الايجار من قبل مركز الشرطة المختص وذلك بختم وتوقيع ضابط المركز المؤيد لصحة المعلومات الواردة في العقد»، اضافة الى «قيام مالك العمارة السكنية بالاتفاق مع الشاغلين على اجراء كشف يومي في الاماكن الشائعة بينهم وبالتناوب او تعيين حارس للقيام بهذه المهمة».
وروى شهود عيان وناجون من حادث التفجير الذي استهدف احدى العمارات السكنية في منطقة جكوك للصباح ان شخصا استأجر مؤخرا أحد المحال التجارية في الطابق الارضي للعمارة المتكونة من ثلاث طبقات، ونقل اليها مواد وتجهيزات من المفترض انها تتعلق بطبيعة عمله، الا انه تبين انها كانت عبارة عن مواد شديدة الانفجار وقام بتفخيخ المحل.بدوره، أفاد آمر قاطع الكرخ الثانية للدفاع المدني العقيد مازن بدر ان حجم التدمير الذي لحق بالعمارة كان كبيرا وأوقع العديد من الضحايا، مرجحا ان تكون المواد المستعملة في التفجير هي عبوات مؤقتة تم تفجيرها عن بعد.وذكر العقيد مازن الذي كان في موقع الحادث بصحبة فرق الدفاع المدني التي تقوم بانقاذ الضحايا، ان عمارة اخرى في شارع 60 بمدينة الشعلة جرى تفخيخها وتفجيرها بطريقة مشابهة في وقت متزامن.
واعلنت وزارة الداخلية ان احصائية غير نهائية أظهرت استشهاد واصابة 175 مواطنا في تفجيرات أمس.
يشار الى ان قوات من الجيش والشرطة فرضت طوقا أمنيا حول مكان الحادث في جكوك ومنعت وسائل الاعلام من تصوير العمارة التي فجرت، كما منعت مرور الاشخاص في الشارع.
عدد من المواطنين القوا باللائمة على المجلس البلدي للمدينة لعدم متابعته المستأجرين والتعرف على طبيعة الاعمال التي يمارسونها وخلفياتهم.
ودعوا الى ضرورة اتخاذ الاجراءات الاحترازية الكفيلة بالحد من هذه العمليات التي تكررت للمرة الثانية في بغداد، مشددين على ضرورة ان تقوم المجالس البلدية ومختارو المناطق بمتابعة المستأجرين الجدد سواء للمساكن أو المتاجر والتأكد من طبيعة الاعمال التي يزاولونها والاستعانة بالاجهزة الامنية في هذا الامر.
إحدى المواطنات في المنطقة أكدت أن منطقة جكوك من المناطق الامنة وتمتاز بتكاتف ساكنيها وتوحدهم، مشيرة الى ان أحد الاشخاص أثار شكوكها ذات مرة ما دفعها الى ابلاغ المجلس البلدي وعدد من المواطنين وتمكنوا من القاء القبض عليه وتبين انه ارهابي يحمل الجنسية المصرية. وتحدثت فائزة أم احمد قائلة ان المنطقة لم تشهد حالات عنف أو تفجير وهي من المناطق الامنة والمستقرة، منوهة بان الارهاب بات يستهدف المناطق التي لم تطلها يد الارهاب من قبل.
بسمة هادي لم تخف المها ودموعها على فقد جارتها مريم التي استشهدت في التفجير، ملمحة الى ان «الدم العراقي يهدر كل يوم ونحن نتفرج».
فيما تساءلت أم جنان أحد الناجين من الانفجار: متى يتوقف نزيف الدم ومن سيتفقد وضعنا بعد الانفجارات؟، مضيفة: «فقدت كل ما املك حتى الشقة التي كانت تسعني مع عائلتي».
صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية جاسم هادي حمل المجالس البلدية والمخاتير مسؤولية اختراق العمارات السكنية وتفخيخها، مشددا على ضرورة التأكد من كل مستأجر عن طريق التدقيق في مستمسكاته الأصولية وجهة اصدارها ومن ثم تزكيته من قبل مختار المنطقة كما كان يجري في السابق.
واضاف: يجب أن تكون المسؤولية مشتركة بين المواطنين والمجالس البلدية ومخاتير المحلات كي لا تتكرر مثل هذه الحوادث التي سبق ان قامت الجماعات الارهابية بتنفيذ عمليات مشابهة لها في عدد من احياء بغداد في يوم الانتخابات.
جابر علي مدرس في ثانوية قريبة من مكان الانفجار قال: لحظات الصراع بين الحياة والموت قد تكون دهرا، هذا ما اشاهده مع توقف عمليات الانقاذ بعد وقت قصير من التفجير اثر ورود معلومات غير موثوقة عن وجود عمارة اخرى مفخخة على مقربة من العمارة المنـــكوبة في جكــوك.وتساءل علي: الا توجد أجهزة لكشف المتفجرات لدى رجال الدفاع المدني للتأكد من خلو اماكن الحوادث الارهابية من المفخخات او العبوات الناسفة، مشيرا الى ان توفر هذه الاجهزة لدى فرق الانقاذ يسهم بالاسراع في عمليات اخلاء الجرحى وتأمين المكان المحيط بالحوادث.
https://telegram.me/buratha