انتقد سياسيون عراقيون اقتراح الزعيم الليبي معمر القذافي، طرح أربعة ملفات عراقية خلال القمة العربية التي ستعقد في مدينة سرت الليبية تحت رئاسته السبت المقبل، ففي حين اعتبر قيادي في الحزب الإسلامي أن التدخل بشؤون العراق يحدث بسبب الساسة العراقيين أنفسهم، أكد سياسي آخر أن القذافي شأنه شأن غيره من القادة العرب متخوف من التجربة الديمقراطية العراقية، فيما لفت محلل سياسي إلى أن على كل دولة محيطة بالعراق مراعاة مشاعر العراقيين ورغباتهم.
وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد التقى أمس الأول وفدا من البعثيين الصداميين في ليبيا، واقترح عليهم الاهتمام بأربعة ملفات، عن "الاحتلال والإبادة الجماعية وسجن أبو غريب وإعدام أسرى الحرب وعلى رأسهم صدام حسين"، وطلب تشكيل ملفات لهذه القضايا، وان تكون وراء تلك الملفات غرف عمل وفريق قانوني وسياسي على مستوى العالم، متعهدا في الوقت نفسه بإقناع الساسة العرب بتبني هذه القضايا.
السياسيون العراقيون هم سبب التدخل بشؤوننا
ويقول القيادي في الحزب الإسلامي العراقي وعضو جبهة التوافق رشيد العزاوي إن "القمة العربية لا تستطيع فعل شيء للعراق يمكن أن يعول عليه مستقبلا، لا في هذه الملفات الأربعة ولا في غيرها"، مؤكدا أن "كل تدخل من قبل أية دولة خارجية في شؤون العراق يعد تجاوزا على السيادة العراقية".
ويضيف في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "التدخلات الخارجية في شؤون العراق تأتي من خلال الساسة العراقيين أنفسهم، لذلك نحن لا نستطيع أن نعيب على دول الجوار هذه التدخلات"، لافتا إلى "أهمية إعادة النظر في علاقة الساسة العراقيين بدول الجوار، لكي تكون هذه العلاقات بطريقة الند للند، وليست بطريقة التابع والمتبوع"، على حد تعبيره.
وكانت الحكومة العراقية انتقدت في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، قيام الرئيس الليبي معمر القذافي بالاجتماع مع عدد من قيادات حزب البعث المحظور وممثلين عن الجماعات المسلحة قبيل موعد انعقاد القمة العربية المقرر تنظيمها في طرابلس الغرب نهاية شهر آذار الحالي، مؤكدة في الوقت نفسه أنها الممثل الرسمي الوحيد للعراق لحضور القمة.
وقال مدير المركز الوطني للإعلام علي الموسوي في حديث لـ"السومرية نيوز" إن "الحكومة العراقية تنتقد قيام القذافي بلقاء عدد من الشخصيات المعروفة بموقفها المعادي للعراق، وصلاتها بالمجاميع الإرهابية"، لافتا إلى أن "هذا الأمر يمثل تدخلا في الشؤون الداخلية للعراق".
وكان مصدر في حزب البعث الصدامي قد ذكر لــ"السومرية نيوز"، أمس الاثنين، أن الرئيس الليبي معمر القذافي التقى وفدا ضم عددا البعثيين من بينها مندوب العراق السابق في الأمم المتحدة محمد الدوري، وعضو قيادة مجلس الثورة السابق صلاح عمر العلي وأرشد الزيباري وسعد فياض الكروي وصباح مجبل الجوراني وهما من الضباط الكبار في الحرس الجمهوري السابق في عهد الطاغية المقبور صدام حسين، بالإضافة إلى ممثل عن المجرم عزت إبراهيم الدوري، وممثل عن محمد يونس الأحمد، فضلا عن شخصيات مثلت كتائب ثورة العشرين والجيش الإسلامي الارهابيين فضلا عن رجال دين عراقيين يقيمون خارج العراق في دمشق واليمن ومصر والإمارات العربية المتحدة منذ مارس 2003، مؤكدا أن القذافي تجاوب مع مطالب الوفد ووعد بطرحها في القمة التي تستضيفها طرابلس الغرب.
أما عضو التحالف الكردستاني عادل برواري، فيرى أن التدخل من قبل معمر القذافي في ملفات تهم الشعب العراقي لن يؤدي إلى شيء، لأن الشعب العراقي هو من يؤكد أهمية هذه الملفات من خلال معاناته الطويلة في مقارعة ظلم النظام البائد.
ويضيف برواري في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "النظام البائد هو من تسبب بهذه الكوارث التي جعلت الشعب العراقي عرضة للتدخلات الخارجية من خلال حروبه وسياساته المتهورة، وضرب شعبه بالكيمياوي ومعاداته لدول الجوار"، مبينا أن "معمر القذافي لا يختلف عن صدام في شيء، كما انه يطمح إلى الحصول على صفة القائد العربي على الدول العربية والشرق الأوسط".
ويؤكد برواري على أن "أي رئيس عربي أو أجنبي لا يحق له التدخل بالشأن العراقي، لأن العراق دولة غنية وحضارية وشعبه حريص وقادر على تدبير أمره من دون تدخل من أحد"، حسب قوله.
ويتابع قائلا إن "القذافي مثله مثل غيره من القادة العرب المتخوفين من التجربة الديمقراطية العراقية، وهم يخشون من دخول نظام كهذا في دولهم، لأنها التجربة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، لافتا إلى أن "الهدف من تدخلهم في شؤون العراق، هو إفشال تجربته الجديدة وليس لمساعدة الشعب العراقي كما يقولون".
على الدول المحيطة مراعاة مشاعر العراقيين ورغباتهم
من جانبه، يرى المحلل السياسي عامر الفياض، أن "العراق يرحب بكل حضور عربي إذا كان حضورا ايجابيا، وان لم يكن ايجابيا فان العراق يستطيع أن يرد من خلال ممارسته العملية وعلاقاته بالمستوى الخارجي العربي، وتغلبه على أي حضور سلبي سواء كان عربيا أو غير عربي".
ويقول الفياض في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الكرة تبقى في ملعب العراق أولا وأخيرا، وذلك من خلال تحسين سياسته مع محيطه العربي، وترحيبه بأي حضور عربي".
ويتابع الفياض أن "على كل دولة محيطة في العراق أن تراعي مشاعر العراقيين ورغباتهم فالعراق يستحق مستقبلا غير موجود في حاضره، آو ماضيه، والسبب هو أننا لا ننشد عراقا يرجع إلى الوراء، وعليه فلابد لعلاقاتنا الدولية أن ترتقي إلى مستوى أرفع مما هي عليه الآن، فالأمر لا يتعلق بمعركة بين "شقاوات"، حسب قوله.
يذكر أن العراق سيشارك على مستوى وزارة الخارجية الممثلة بالوزير هوشيار زيباري في القمة العربية العادية الثانية والعشرين، المزمع عقدها في مدينة سرت الليبية أواخر الشهر الجاري، حيث سيتم مناقشة أبرز القضايا العربية، ضمنها القضية الفلسطينية، ومشروع النظام الأساسي للبرلمان العراقي المقبل، فيما يتوقع أن يغيب لبنان عن المشاركة على المستوى الرفيع بعد إعلان الرئيس اللبناني ميشال سليمان عدم مشاركته الشخصية، على خلفية الشكوك المحيطة بليبيا في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر.
https://telegram.me/buratha