استنكر ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 15/محرم / 1431 هـ الموافق1-1-2010 م استهداف المجاميع التكفيرية والإجرامية بعض مواكب العزاء الحسيني في بعض مدن العراق وكذلك الزوار العائدين من مدينة كربلاء بعد أدائهم لمراسيم العزاء الحسيني ... حيث سقط العشرات من الشهداء والجرحى ... واستهداف هذه المجاميع الإرهابية أيضا إخواننا وأهلنا السُنّة في مدينة الرمادي حيث سقط عدد من الشهداء والجرحى ... مبينا إن هذه المجاميع الإرهابية لا تفرّق في أعمالها الإجرامية واستهدافها لطائفة معينة دون أخرى من طوائف الشعب العراقي ولا شريحة اجتماعية دون أخرى، بل هي تستهدف الجميع دون استثناء شيعة وسنة ومسلمين ومسيحيين وعرباً وأكراداً ... حكومة ومواطنين ... موضحا إن هذا الاستهداف للجميع يحفِّزُنا ويدفعنا – نحن أبناء هذا الشعب العراقي حكومة وشعبا وجميع الكتل السياسية من دون استثناء وجميع الطوائف والأعراق – لاتخاذ موقف وطني موحد، وان تتضافر جهودنا جميعاً للوقوف بوجه هذه الأعمال الإرهابية ومنعها من أن تنال من وحدة العراق وقوته وصموده وإيذاء شعبه ..
وعلل سماحته ذلك بان خطر تلك الجرائم عام وشامل للجميع دون استثناء .. ولا سمح الله تعالى لو إننا لم نتوحد لصدِّ هذه الأعمال الإجرامية ويتخذ البعض هذه الظروف وسيلة للمزايدات السياسية ولم ندرك جميعاً حجم هذه المخاطر على العراق وشعبه؛فان الجميع سوف يخسر، وان السقف الذي يظلـّنا جميعاً – وهو سقف بلدنا العراق – والذي نريد أن نتفيأ بظلاله سيسقط في النهاية علينا جميعاً وسنخسر حقوقنا ومصالحنا،وسوف لا نتمكن أن نبني العراق ونعمل لخيره وازدهاره ، لان نجاح هؤلاء الأشرار وإخفاقنا،يعني نجاح الشر والباطل وشيوع الدمار والخراب ..
وبعد نجاح الزيارة المليونية لعاشوراء الحسين ( عليه السلام) في هذه السنة والتي فاق أعداد المشاركين فيها السنين التي سبقتها أعلن الشيخ الكربلائي أنه قد شارك في تلك الزيارة عدة ملايين في إحيائها من داخل العراق وخارجه،ووجه شكره وامتنانه لجميع المشاركين في مراسم العزاء،وكذلك للأجهزة الأمنية والخدمية لجهودها الكبيرة في إنجاح هذه الزيارة،وكذلك وجه سماحته الشكر والتقدير للطائفة المسيحية في العراق التي ألغت احتفالاتها بمناسبة ولادة السيد المسيح (على نبينا و آله وعليه أفضل التحية والسلام) تضامناً واحتراماً لمشاعر المحبين لأهل البيت ( عليهم السلام) الذين يقيمون العزاء بمناسبة استشهاد سبط رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ... وهذا يعبِّر عن روح المواطنة التي يحملها أبناء هذه الطائفة لان من أهم أسس المواطنة،هو مشاركة مواطني البلد الواحد – مع قطع النظر عن انتماءاتهم الطائفية والعرقية – بعضهم مع البعض الآخر في أحزانهم وهمومهم وأفراحهم واحترام الخصوصيات المذهبية والدينية لكل طائفة ودين ..
واستشهد ممثل المرجعية الدينية العليا بما قد صرح به البعض من رؤساء هذه الطائفة ،إن لموقف المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد السيستاني – دام ظله الوارف – من خلال مظلته الأبوية ورعايته لجميع المواطنين العراقيين من دون استثناء، تأثيره البالغ في هذه المبادرة الطيبة ..
وفي جانب آخر من خطبته تعرض سماحته عن بعض الأصوات التي تهدف إلى تمزيق الأمة الواحدة،وتفتيت أوصالها بقوله: طلع علينا رجل الدين السعودي " محمد العريفي " بكلام خلال خطبة الجمعة في العاصمة الرياض تضمن الإساءة لمقام المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف وهو كلام ناب ولا يليق بخطيب جمعة في عاصمة دولة إسلامية كبيرة ... مبينا ما يلي:
1- إن المرجعية الدينية العليا لا ترد على مثل هذا الكلام،لان مقامها أسمى وارفع من أن تردّ على ذلك،وان ينالها كلام هذا الرجل وأمثاله بسوء، وهي في هذا الموقع الرسالي والإلهي لا تقابل الإساءة إلا بالإحسان ..
2- إن المسؤولين في ذلك البلد الذي خرج منه ذلك الصوت المفرِّق للأمة الإسلامية والذي جرح فيه مشاعر وأحاسيس مئات الملايين من المسلمين، يتحملّون المسؤولية عن صدور هذا الكلام،والنتائج المترتبة عليه .. وذلك لان هذا الرجل ليس مواطناً عادياً،بل له موقع رسمي وموقع ديني متميّز في تلك الدولة،فهو خطيب جمعة في العاصمة لتلك الدولة .. ونُشِر كلامه من خلال مواقع إعلامية بعلم ورضى تلك الدولة، ومن الواضح انه لا قيمة لكلامه من دون هذا الموقع الرسمي والديني .. وبالتالي فان المسؤولين في تلك الدولة، إمّا أن يكونوا راضين عن هذا الكلام الذي يسيء لمئات الملايين من المسلمين فهم يتحملّون المسؤولية برضاهم هذا ... وتساءل قائلا: كيف نستطيع أن نبني ونوثـّق العلاقات الإسلامية والأخوية فيما بيننا ونمد جسور المودة والمحبة ونزرع التآلف والتآزر فيما بيننا؟!
كما ان رعاية تلك الدولة للمؤتمرات الإسلامية التي يراد منها توحيد الأمة إنما يقتضي إيقاف هؤلاء الخطباء عند حدِّهم لئلا يسيئوا للأمة الإسلامية ..
وأضاف سماحته:وإما أنهم غير راضين عن مثل هذا الكلام فلماذا السكوت عليه؟! ولماذا لا يتخذون الإجراءات التي تضع حداً لمثل هذا الكلام الذي يسئ للأمة الإسلامية،لأنه يزرع الأحقاد والتفرقة فيما بينهم، بل يسئ أيضا لحكومة تلك الدولة لان الكلام المذكور انطلق من عاصمتهم ومن صلاة جمعة... ويفترض من هؤلاء المسؤولين وهم يرعون في كل فترة مؤتمراً إسلاميا أن يضعوا حلاً لمثل هذا الكلام الذي يجرح مشاعر مئات الملايين من المسلمين..
وفي معرض خطبته ذكـّر الشيخ الكربلائي بأن يوم السبت 23 / محرم الحرام / 1431هـ يوافق ذكرى هدم قبة الإمامين العسكريين (عليهما السلام) وتوجه بدعوة المؤمنين لزيارة المرقد الشريف لتجديد العهد والولاء والمحبة والنصرة للإمامين العسكريين (عليهما السلام) بهذه المناسبة .. كما دعا إلى أن تكون الشعارات والهتافات والردّات العزائية معبّرة عن روح الولاء والمحبة للائمة وبيان مظلوميتهم وفي نفس الوقت تدعو للوحدة والتآلف والمحبة بين أبناء الشعب العراقي، داعيا كذلك إلى الابتعاد عن أي كلام أو شعار أو هتاف يستفز مشاعر الآخرين ويجرح عواطفهم .. مطالبا الجميع بالتوحّد والتآلف والتآزر لحماية وطننا وشعبنا ولكي ننتصر على أعداء بلدنا وشعبنا ..
وفي الختام توجه ممثل المرجعية الدينية العليا إلى أعضاء مجلس النواب الإسراع في إقرار الموازنة العامة لعام 2010م لان ذلك سيساهم في الإسراع بانجاز مشاريع الإعمار والمشاريع الخدمية في مختلف جوانبها الطبية والتربوية والتعليمية والبلدية وغيرها .. وبعكس ذلك سنحرم البلد والمواطن من هذه الفرصة وسنساهم في تأخير الانجاز لهذه الأعمال والخدمات التي يحتاجها المواطن، وأعرب عن أمله من أن تغلِّب الكتل السياسية مصالح هذا البلد على مصالحها الضيقة الفئوية خصوصا وان مجلس النواب في آخر الفصل التشريعي الأخير لدورته الحالية .. ولا بد أن نزرع الأمل والثقة لدى المواطن من خلال الإسراع بإقرار الموازنة ليكون ذلك دافعاً لتجارب المواطن مع الوضع السياسي الجديد في العراق ..
https://telegram.me/buratha