قال سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي " في اليوم الذي تكون لدينا فيه ثقافة حوار مع الآخر ، وان انتصر لرأي ولكن أعطي نسبة من الصوابية الى الرأي الآخر وبالتالي أصغي وأسمع حديثه وأتفهم ظروفه ، حتى لو اختلفت معه ، في اليوم الذي تشيع فيه هذه الثقافة سنجد ان مشاريعنا السياسية كالمصالحة وغيرها تتقدم الى الامام بشكل كبير ، في اليوم الذي نتفهم فيه ان الذي يختلف معي في الرأي ليس بالضرورة ان يكون عدواً والذي يخالفني في الموضوع ليس بالضرورة انه خرج عن ربقة الاسلام ، فليس بالضرورة ان اتقرّب الى الله بدمه لأنه يختلف معي في رأيي حينذاك لا يتبقى مجالاً للمتطرفين وقاعدة وغيرهم الذين يفجرون انفسهم في كل يوم ويعتقدون انهم يتقربون بدماء الابرياء من ابناء شعبنا ، في اليوم الذي تصير فيه ثقافة المشاركة بين الناس والابتعاد عن حالة الاحتكار والاستفراد ، ثقافة الرحمة والشفقة والمفاهيم الاخلاقية المطلوبة في ذلك اليوم سوف لن يقبل احد منا ان يأخذ امتيازات كبيرة على حساب المواطن البسيط واذا منحت له هذه الامتيازات فأنه من تلقاء نفسه يخصص نصفها او ثلثها او ربعها الى أولئك الفقراء المعوزين.
جاء ذلك في المقابلة التي أجرتها مع سماحته قناة الديار الفضائية وتناولت العديد من الملفات التي تشهدها الساحة السياسية والامنية العراقية والقضايا ذات الصلة بالواقع العراقي .
وفيما يلي نص المقابلة ....
المراسل / نحن تابعنا بشغف الزيارة التي قمتم بها الى دول الجوار ولذلك وجدنا ان يكون المحور الأول في هذه المقابلة الخاصة بماذا خرجتم من جولتكم الأخيرة في بعض دول الجوار لاسيما انكم التقيتم الرئيس السوري بشار الاسد وربما دار في فضاءات الحديث في العاصمة السورية دمشق ، هل لنا معرفة النقاط التي ناقشتموها ، الى ماذا توصلتم مع رئيس الجمهورية العربية السورية ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / لاشك ان علاقة العراق مع أشقائه العرب واجهت حالة من التلكؤ في السنوات الماضية لعل هذا التلكؤ ناشئ من مخاوف استشعرها بعض الأشقاء نتيجة النظام الديمقراطي القائم في العراق وبالطريقة التي تدار فيها البلاد وبعض الإفرازات السياسية والقوى التي لم يسبق ان كان لها حضور في المشهد السياسي العراقي او العدد الكبير من القوات الأجنبية وبعض الشعارات التي طرحت من قبل أطراف دولية في ظروف سابقة عن شرق أوسط كبير وما الى ذلك وبالتالي انطلق النظام الجديد في العراق مشوباً بمثل هذه المخاوف ، نحن نعتقد اننا كعراقيين نتحمل جزء من المسؤولية في الانفتاح على هذه الدول الكريمة وتطمينهم وأشعارهم بان التجربة العراقية تخص العراقيين في تفاصيله وكل بلد له ظروفه وخصوصياته وايضاً شرح الواقع العراقي وما يجري في العراق من ايجابيات وتطورات قد لاتصل الى مسامع القيادات العربية والزعماء العرب بالطريقة التي نراها نحن كعراقيين وبدون رتوش ، من المعروف ان هناك تشويش وهناك نظرة أحادية من الكثير من وسائل الاعلام وبعد عربي ناتج من عدم وجود سفارات تراقب وترصد وتقيم التجربة العراقية عن كثب وتنقلها بأمانة الى بلدانها ، لمثل هذه الاعتبارات نعتقد اننا نتحمل جزء من المسؤولية وأشقائنا العرب ايضاً معنيون بان يخطو خطوات نحو العراق ، ما تحدثنا به للزعماء العرب قلنا ان حضوركم الايجابي في العراق والدور العربي البناء في العراق هو ليس مصلحة عربية فقط وانما هو ضرورة عراقية ايضاً ، نحن كعراقيين وحفاظاً على الهوية العربية للعراق وتحقيقاً للتوازن في علاقاتنا الإقليمية بحاجة الى حضور اشقائنا العرب الى جانبنا ، العراق معتز بهويته العربية ونحن كعرب في العراق لنا اعتزازنا الكبير بانتمائنا العربي مع اعتزازنا واحترامنا الكبير لشركائنا في الوطن من الكورد والتركمان والقوميات الأخرى ، اللقاء مع الرئيس الأسد طبعاً جاء على خلفية تقديم العزاء له بوفاة شقيقه وأخذت الزيارة طابع أنساني ولكن على هامش أداء مراسيم العزاء كانت فرصة للقاء مطول وخاص مع الرئيس الأسد استمر ما يقرب من ساعتين تداولنا فيه المشهد العراقي بتفاصيله والرغبة بالتواصل وحسن الجوار والإسناد السوري للعملية السياسية في العراق ودراسة بعض الملفات العالقة والإشكاليات التي طرأت على العلاقة بين البلدين كنا نحمل رسالة من بعض المسؤولين في الحكومة العراقية ترتبط بالعلاقة بين البلدين طرحنا هذا الموضوع ووجدنا تجاوباً وترحاباً من الرئيس الاسد والرغبة الحادة في تحقيق وتعزيز الامن في العراق وتوسيع دائرة العلاقات والمصالح المشتركة بين البلدين لذلك اعتقد انها وان اخذت الطابع الإنساني والاجتماعي الا انها حققت مكسباً مفيداً للعراق وللعملية السياسية .
المراسل / نستطيع القول ان هذه الزيارة رطبت الأجواء فهل ان القيادة السورية معززة برئيس وهو الرأس الاول في الدولة رئيس جمهورية سوريا العربية كانت منفتحة في الحوار مع سماحتكم ، هل هناك تقبل للفكر والفكر الأخر تقبل السؤال والجواب المطروح في الشارع العراقي الى القيادات السورية ، هل كان هناك تفهم ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / الحقيقة أشاطركم الرؤية ، عراق الحروب والخصومة مع دول الجوار والمنطقة ذلك المشهد الذي صنعه النظام البائد ما افاد العراقيين الا الخراب والدمار والقصور في الخدمات ، اليوم نرى المواطن العراقي بأمس الحاجة الى ابسط الخدمات في بلد يمتلك اكبر الثروات في العالم ، اذن نحن بحاجة الى سياسة جديدة فيها حوار وفيها التعامل الإنساني مع الآخرين فيها اشعار الآخر ان له مصلحة في ان يتعامل معنا وان العراق هذا البلد الكبير والمهم يمكن ان يكون محطة لمصالح مشتركة بين العراقيين وبين الآخر ، مثل هذا المنطق هو الذي يمكن ان يحقق نتائج طيبة في تجاربنا الإقليمية والدولية ، لم نشهد في يوم من الأيام ان الصراع والتصريحات الإعلامية الساخنة استطاعت ان تعالج مشكلة من مشاكل العالم بل العكس فإنها كثيراً ما عقدت الأمور لذلك نحن مع مبدأ الحوار والتواصل واذا ما كانت مشكلة مع أي طرف آخر فالأجدر ان نذهب ونحاور هذا الطرف ولدينا من المنطق ما يمكن ان نقنع به الآخرين وان نجعل في تجربتنا ومشروعنا وبلدنا مصلحة للآخر ، نريد للعراق ان يكون محطة التقاء وليس محطة تقاطع لمصالح الآخرين والعراق تاريخياً لعب هذا الدور كان جسراً بين الآخرين وحل مشاكل الناس بعضهم مع بعض خيرات العراق عمت العراقيين أنفسهم وخيرهم وصل الى غيرهم ايضاً من خلال هذه التعاملات وتبادل المصالح الى غير ذلك ، الحقيقة ما لمسته من سيادة الرئيس بشار الاسد كان تجاوباً كبيراً وتعامل بانفتاح وصراحة متناهية وفي هذه الجلسة التي اخذت طابع ودّي تناولنا كل شيء وتحدثنا عن كل شيء بدون قيود وكان متجاوباً ومتفهماً فنطرح بعض ما يشار ويطرح حول العلاقة العراقية السورية في ابعادها الايجابية حتى النظرة السلبية التي قد يتحدث بها البعض كيف نعالج هذه النظرة اذا كانت بعيدة عن الواقع كيف نبدد أجواء إعطاء مثل هذه الرسائل الخاطئة والانطباعات السلبية والرجل تجاوب تماماً مع هذه الأطروحة والحديث وكان يتفاعل ويبدي آراء قيمة وطيبة ولمست منه حرصاً على ترميم وتطوير العلاقة وان تبقى سوريا والعراق يمثلان علاقة طيبة ورصينة في منظومة علاقاتنا الاقليمية .
المراسل / في الآونة الأخيرة تشنجنا في العلاقة مع بعض دول الجوار مع السعودية وغيرها ، باعتقادكم ما هو المطلوب من العراق لينفتح ويعيد صياغة العلاقة مع دول الجوار التي ربما ستنعكس بالخير والفائدة على ابناء الشعب العراقي عن طريق الاستثمارات جلب العقول الزيارات المتبادلة التعاون المشترك سواء على صعيد التجاري او الاقتصادي او التبادل الفكري والثقافي ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / اعتقد كما أشرتم ان العلاقة فيها بعدين وطرفين ، وأن نحمل الآخر كامل المسؤولية ونتحدث بمنطق المؤامرة ونقول ان هذا نظام ديمقراطي والكل لايريد التعامل معه ونرمي المشاكل على الآخر قد لايكون كلاماً منطقياً تماماً ، كما اننا نتحمل كامل المسؤولية ونقول اننا سبب كل المشاكل ايضاً هذا كلام غير منطقي ، نحن نتحمل جزء من المسؤولية بان نخطو خطوات ونطمئن ونوضح ونضع منظومة علاقات فيها تبادل مصالح وفيها احترام لظروف الآخر وفيها توقع ان يحترم الآخر ظروفنا وخصوصياتنا فيها الندية و احترام السيادة المتبادل الى غير ذلك هذا هو الشيء المطلوب نحن نخطو خطوة ونطلب من اشقائنا ان يخطو نحونا ايضاً في المنطقة ان كانت دول اسلامية وعربية محيطة بالعراق ، الثقة هي المدخل و المفتاح السحري لحل كل المشاكل حينما تكون ثقة فيما بيننا سننجز الكثير من الأمور ما لمسته في الغالب مع العديد من القيادات والزعماء العرب نشعر ان هناك قصور وضعف في الثقة المتبادلة قلة الاتصالات الرؤية المشوشة عن الواقع العراقي المعلومات الخاطئة التي تصل الى مسامعهم عبر بعض وسائل الاعلام او حتى احياناً عبر بعض الشخصيات العراقية ، فوجئت من قبل بعض الزعماء حينما كنت أتحدث وانا ذهبت لأتحدث باسم العراق فاذكر المشهد العراقي ، الايجابيات في الواقع العراقي سياسياً اقتصادياً تنموياً ، على مستوى المصالحة والوفاق بين العراقيين فاجئني احد الزعماء وقال هذه أول مرة نجلس مع شخصية سياسية عراقية ونسمعه يعطي رؤية شاملة ومتكاملة عن العراق يبدو ان هناك شخصيات عراقية التقاها سابقاً وقدموا له رؤية محددة عن جانب معين وليس رؤية متكاملة فلما وجدني أتحدث واطلبه ان يدعم العراق والعملية السياسية ولم اذكر احد بسوء فقال انت لم تذكر احد بسوء أليس لكم منافسين وخصوم قلت له التنافس السياسي على الأرض شيء ونحن كعراقيين وانتمائنا للعراق وعلاقتنا مع اصدقائنا وحلفائنا وشركائنا في المنطقة شيء آخر ، نحن أبناء البيت الواحد ويحصل بيننا ما يحصل من اتفاق واختلاف هذا شأننا وحين نخرج لتمثيل العراق ندافع عن التجربة بكل تفاصيلها الا الإشكاليات البسيطة داخل البيت العراقي فهو شان داخلي عراقي وليس ، اذن هناك تشويش ونحن بحاجة الى ان نزيله وبحاجة الى ان نوضح الصورة العراقية و ان نتحدث عن الايجابيات ، وسائل الاعلام في اغلب الاحيان تركز على ما هو مثير وتجد الاثارة في التفجير والقتل لذلك نجد العواجل دائماً هي عواجل الموت ، عواجل التفجير نتمنى تكون العواجل عواجل الحياة والبناء والاعمار ايضاً لم نشهد في فضائية محلية او عربية ان يقال عاجل : تدشين المستشفى الفلاني او فتح المشروع العملاق الفلاني او انطلاق مطار النجف او غيرها من المشاريع العملاقة التي حصلت في البلد و هذه أوجدت انطباعات لمن ينظر الى العراق من بعيد وهذه الانطباعات نراها احياناً لدى مواطنين عراقيين يعيشون في الخارج ايضاً باعتبار انكم تتابعون في وسائل الاعلام هناك مشكلة الاعلام يبحث عن الاثارة فاذا اختلف اعضاء البرلمان في قضية فان هذا الخبر يبث واذا عقد عشرين اجتماع للمجلس ولم يجري فيه اختلاف فانه لايبث ولايركز عليه وهكذا لذلك تتكون انطباعات خاطئة علينا ان نعمل على معالجتها وبناء صورة صحيحة للواقع العراقي وهذا ما يتطلب تواصل وثقة .
المراسل / في زيارتكم الأخيرة الى محافظة البصرة قلتم ان المسؤول العراقي اخذ كل شيء وحصل على امتيازات ربما لم تكن في دولة عالمية أوربية او عربية وبقي المواطن العرقي يحمل همومه على كفيه وعندما يراجع وزارة ما لايجد استساغة لطلبه الا النزر اليسير هل وضعتم في ستراتيجيتكم المستقبلية الفقر العراقي مساعدة الناس إيجاد وظائف للفقراء والمحتاجين والمثقفين ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / بالفعل دولتنا وانا اتحدث عن دولة وليس عن حكومة اتحدث عن الدولة النظام العام الدولة ليست دولة مواطن حتى هذه اللحظة كما اقرها الدستور هي دولة المسؤول واحياناً نعاتب على الحديث بهذه الطريقة ولكن يجب ان نكون صادقين مع أنفسنا ومع شعبنا نعتقد ان تبرير الخطأ ليس أمر صحيح الاشارة الى الخطا على انه خطأ والعمل على معالجته وان لانكرر الاخطاء هو الشيء الصحيح ان نقول أن هناك خطا وهناك خلل في ادارة العملية السياسية في العراق ويحتاج الى معالجة هذا خير من تبرير هذه الاخطاء واظهارها على انها موقف صحيح الامتيازات والرواتب العالية الخدمات التي يحظى بها المسؤول الايفادات اموال طائلة تنفق وتصرف في الدولة العراقية لخدمة المسؤول اموال وامكانات بشرية من اموال الدولة العراقية فيما ان الكثير من أبناء شعبنا يعيشون الفقر المدقع في بعض مساحاتهم كيف يمكن ان نبرر مثل هذه المواقف في النظام الديمقراطي لاتبرر هذه لاخطاء ، ينظر الى المسؤول على انه موظف بدرجة خاصة لديه الامكانات ما قد لايتوفر لرئيس في دولة أوربية ، كنت في سويسرا في زيارة ربما قبل خمسة عشر سنة كان لقاء بالجالية العراقية هناك أخبرت ان الرئيس السويسري مكتبه مفتوح لأي مواطن او أي سائح يأتي لغرفته الزجاجية وهو جالس لمزاولة عمله فان الناس تدخل لترى وتنظر هذا الرئيس يجلس في غرفة زجاجية فالمواطن يدخل ليتجول في حديقة القصر ويرى الرئيس ويسلم عليه ويلتقط معه صورة هذه تعطي انطباع معين ، فالموظف اليوم هنا وربما غداً في مكان آخر اما نحن وزيرنا اليوم او المدير مع احترامي لجميع الذوات او النائب له من الامكانات والامتيازات والاعتبارات ، فهل كل ذلك يربط بالامن انا اعتقد ان هذه القضية مبالغ فيها .
المراسل / هل تعتقدون ان هنالك حرية وفضاءات كبيرة في الحوار لدى الاعلام والصحافة لاسيما وان هناك قيوداً أصبحنا نواجهها في جولاتنا الميدانية وتصويرنا لبرامج تخدم المواطن العراقي ، ما هو توجه سماحة السيد حول حرية التعبير وكيفية إعطاء فضاءات كبيرة الى الإعلامي والصحفي بدءاً من الحركة ثم التصوير ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / مبدئياً اعتقد وبناءً على ما كنا نتحدث به من ان دولتنا لازالت دولة مسؤول وليس دولة مواطن لذلك حينما يكون الاعلامي ضمن مؤسسة قد يتعرض الى ضغوط في ان يغطي الامور ضمن الأجندة او السياقات او السياسات المقرة وبالتالي مسؤول قسم الاعلام في وزارة لايستطيع ان يقصر الوزير او المدير العام او المسؤول في تلك الوزارة ويعتبر مهمته دائماً هي تحسين الصورة يبرز ايجابيات حتى لو كانت ليست واقعية تماماً ، اذن هذه ثغرة واشكالية ، وسائلنا الاعلامية يمكن القول انها تحظى بفرص جيدة قد تتعرض الى ضغوط من مسؤول اتصالات او شؤون من هذا النوع ولكن هناك حرية ، المواطن أصبح يقف وينتقد اكبر المسؤولين في الدولة العراقية دون ان يشعر بإحراج او يحتمل ان تحصل له ملاحقة او يطرق باب بيته لانه تحدث عن رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او مسؤول معين او ماشابه ، الحريات وتدعيمها وتطويرها وتوسيعها الى اوسع مساحة ممكنة ، والثاني نشر ثقافة التعبير المسؤول ، الحرية لاتعني ان يأخذ كل منا جانب معين من الحقيقة ويظهره وكأنه كل الحقيقة ليأتي شخص ويأخذ ايجابية معينة ويصور العراق وكأنه اليابان ويذهب آخر ويلتقط صورة سلبية معينة ويصور العراق على انه الصومال مع احترامنا لليابان والصومال ، الواقع في العراق لايشير الى اننا يابان ولا يقول بأننا صومال هناك رؤية متوازنة ومهنية يجب ان تعطى عن المشهد العراقي في مختلف جوانبه بلد فيه مؤشرات الحياة الكبيرة فيه الارادة العراقية المهمة فيه حركة حقيقية على الارض ويعاني ايضاً من أشكاليات ومن كبوات ونواقص تحتاج الى معالجة جادة وموضوعية ، هذه النظرة الموضوعية من المفترض ان يعنى بها الاعزاء الاعلاميين ليقدموا صورة متوازنة لا تشعر المواطن العراقي باليأس والاحباط ولا تشعره بتفاؤل يفوق الحقيقة فيأتي الى الواقع والى الحقيقة ليجدها مختلفة عن الصورة التي رسمت له وايضاً يصاب بأنتكاسه او احباط .
المراسل / الا تتفق بأن الفرد بحاجة الى ثقافة جديدة تتماشى مع التطور العلمي وتطور المجتمعات سواءاً على الصعيد التقني او الاجتماعي على اعتبار ان المنطق يقول ان الذي يتعلم او التعليم تغيير في السلوك ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / انا أشكركم على هذه الأطروحة وقليلين مناصرينا والذين يفكرون بالطريقة التي أشرتم بالحقيقة نعتقد ان المشكلة السياسية او الامنية او حتى الاقتصادية في العراق لها خلفيات ثقافية ، في اليوم الذي نتعلم فيه ان نستمع من الآخر ، في اليوم الذي تكون لدينا فيه ثقافة حوار مع الآخر ، وان انتصر لرأي ولكن أعطي نسبة من الصوابية الى الرأي الآخر وبالتالي أصغي وأسمع حديثه وأتفهم ظروفه ، حتى لو اختلفت معه ، في اليوم الذي تشيع فيه هذه الثقافة سنجد ان مشاريعنا السياسية كالمصالحة وغيرها تتقدم الى الامام بشكل كبير ، في اليوم الذي نتفهم فيه ان الذي يختلف معي في الرأي ليس بالضرورة ان يكون عدواً والذي يخالفني في الموضوع ليس بالضرورة انه خرج عن ربقة الاسلام ، فليس بالضرورة ان اتقرّب الى الله بدمه لأنه يختلف معي في رأيي حينذاك لا يتبقى مجالاً للمتطرفين وقاعدة وغيرهم الذين يفجرون انفسهم في كل يوم ويعتقدون انهم يتقربون بدماء الابرياء من ابناء شعبنا ، في اليوم الذي تصير فيه ثقافة المشاركة بين الناس والابتعاد عن حالة الاحتكار والاستفراد ، ثقافة الرحمة والشفقة والمفاهيم الاخلاقية المطلوبة في ذلك اليوم سوف لن يقبل احد منا ان يأخذ امتيازات كبيرة على حساب المواطن البسيط واذا منحت له هذه الامتيازات فأنه من تلقاء نفسه يخصص نصفها او ثلثها او ربعها الى أولئك الفقراء المعوزين ، اليوم سماحة السيد الحكيم غائب عنا ورحل ولذلك أستشهد به لأنه ليس له مصلحة في هذا الحديث ولكن حينما كان يخصص راتبه بالكامل في ان ينفق لزواج ابناء الشهداء والطلبة الجامعيين والشباب كان لا يقوم بذلك لمزايدات أعلامية او لحملة انتخابية لسنوات طويلة على مدار الست سنوات تجمع كل المخصصات والرواتب ولا يأخذ منها ديناراً واحداً وتصرف تماماً لتزويج الشباب وابناء الشهداء هذه الثقافة لانقول الجميع ليعمل ويعطي كل ما يحصل عليه فمن حق البعض انه يأخذ ما يحتاج ولكن الفائض عن الحاجة بدلاً من وضعه في مصارف وحسابات ويشتري به عقارات معينة وللصالح الخاص فليقدم لهؤلاء ،ً لدينا مشكلة ثقافية هذه المشكلة الثقافية تنعكس على واقعنا السياسي وواقعنا الامني وعلى واقعنا الاقتصادي ، ما الذي يمنع اليوم ان ينتقل اقتصاد الدولة الى اقتصاد السوق ، ما الذي يمنع من تحرير الاقتصاد ، مالذي يمنع من الاعتماد على طاقات الامة في البناء والاعمار والحركة والحيوية ، أنجح فندق في العراق ستجده فندق مالكه أهلي وليس للحكومة ، أنجح شركة اتصالات موبايل في العراق ستجدها اهلية وليس للحكومة في العراق ، في أي بلد آخر المالك هو الشخص المالك لعمل معين يكون هو الذي يبذل جهد من اجل تطوير هذا العمل ، اليوم في أسوأ الاوضاع الامنية في العراق تجد أفضل البضائع في كل مكان من القطاع الخاص ولكن البطاقة التموينية تواجه العديد من المشاكل وما يصل منها يصل منقوص ، لماذا الشاحنة التي يمتلكها شخص معين اذا اراد جلب بضاعة فانها تصل الى مكانها ولكن الشاحنة الحكومية تكون معرضة للسرقة ، أذاً نعتمد على الناس والناس أقدر على ادارة شؤونهم وهذا ما بيّنه الدستور ، نحن لم نتحدث عن نظريات بعيدة عن واقعنا ودستورنا الدستور يتحدث عن شيء وهناك من يسير باتجاه آخر ، المشكلة ثقافية .
المراسل / تحدثتم عن الواقع الذي يعيشه المواطن وربما خدشنا بعض الشيء صمام أمان العائلة العراقية وهي البطاقة التموينية ، فالبعض من البرلمانيين ذهب الى نظرية لا اعرف من اين جاء بها ((لم لا ترفع البطاقة التموينية )) على الرغم من ان المواطن لا يحصل على العديد من مفردات البطاقة التموينية وبعضهم من يتحدث وكأنه بعيد عن المجتمع العراقي حتى بعضهم اصبح وكأنه أحاط نفسه بشرنقة شفافة في شكلها معقدة في تركيبها على الرغم من ان معظم المسؤولين يقولون ابوابنا مفتوحة ولكن عندما يأتي المواطن او المراجع او عابر السبيل يريد ان يقدم طلب تعيين او يأخذ حقه من هذه الدائرة او تلك تغلق هذه الابواب ، برأيكم وانتم عشتم في هذا المجتمع من التغيير ولحد الان كيف السبيل لخلق ثقافة ان المسؤول وجد لخدمة هذا الشعب ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / كما أشرتم نحن نحتاج الى ثقافة جديدة هذه الثقافة يجب ان نتعاون عليها جميعاً ، المواطن العراقي هو الذي يضع احياناً هذه الهالة للمسؤول كما ان هناك من يحيط بالمسؤول ويسمعه كلمات عن فكره وعن مؤهلاته وعندها يبدأ المسؤول يصدق بأنه بشر ليس كسائر الكائنات ويتميز بقدرات هائلة فتصبح أشاراته اوامر وحديثه لا يناقش علماً ان هذا المسؤول كان كأحد المواطنين في يوم من الايام ، كما ان الثقافة العامة للجمهور بدءاً من المحيطين الى المراجعين تساعد على اعطاء هذه الهالة للمسؤول ، من ناحية أخرى ضعف البناء المؤسسي للدولة فحينما تشخصن ويأتي وزير ويقلب سياسات الوزارة 180 درجة يوقف مشاريع ويفتح مشاريع ، يغير أولويات ، فيما ان البناء المؤسسي يعني هناك مؤسسة تتحرك سواءاً بهذا الوزير او ذاك ، الوزير يدير ولكن ضمن اولويات وسياسات يحددها الخبراء في أي مؤسسة او أي مفصل من مفاصل العمل وهذا ما لا نجده لحد الآن ، الوزير له قدرة التأثير في المسارات وتغيير الأولويات حسب ما يراه ، و هذه ظاهرة جديرة بالاهتمام ، كيف نبني مؤسسات قوية ، كذلك ان تعاقب الزمان والابتعاد عن تلك الاجواء السابقة في النظام الديكتاتوري مرت 4 سنوات وحصلت انتخابات وتقدمت وجوه جديدة وتعلم الجميع ان هذه الوجوه لا تدوم الى الابد ويأتي شخص كل اربع سنوات فان أحسن الأداء تعاد الثقة به وان لم يحسن أستبدل بغيره وهكذا ، هذه العملية حينما تكرر لعدة مرات تخلق أجواء جديدة لدى المواطن العراقي وفي نفسيته. كذلك نحتاج الى نوع من الحزم في وضع الضوابط ومتابعتها لكي لا يأخذ المسؤول كل الامتيازات على حساب الآخرين .
المراسل / نعود مرة اخرى الى المجتمع العراقي ، في جولاتنا الميدانية وفي برامجنا أتألم احياناً الى حد البكاء على المواطن العراقي لماذا نحن نسير على هذه الآبار النفطية الكبيرة والعملاقة والثروات والأنهر والتربة المباركة ولكن نجد في تجوالنا فاقة كبيرة وحياة صعبة للمواطن العراقي ، كيف نغير الواقع الذي يعيشه الشعب العراقي ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / اولاً نحتاج الى وضع خطط صحيحة ومناسبة ، الخطط الملائمة هي التي تدفعنا الى الأمام ، حالة الانفعالات واتخاذ المواقف الارتجالية وتقديرات الموقف والنظر الى المشاكل الجانبية هذه الطريقة لا يمكن ان يدار بها البلد يجب وضع الخطط القصيرة والمتوسطة والطويلة الامد ، نتحدث الى بعض القيادات العراقية بأننا نريد وضع خطط لـ 50 سنة قادمة أجابوا بان الوضع الامني وغيرها لا يساعد على ذلك طيب مضت 6 سنوات لو كنا قد وضعنا خطة قبل 6 سنوات لكان مضى منها 6 سنوات ، الشعوب التي لها همم عالية وترغب ان تنهض تضع ملامح المشروع المستقبلي لواقعها وتحدد خارطة طريق .
هذه جولة التراخيص الأخيرة للعقود النفطية ستنهض بالمنتوج النفطي العراقي الى 12 مليون برميل خلال 6 سنوات مما يجعل ميزانية العراق تصل الى 300 مليار دولار سنوياً اذا بقي النفط بسعر اليوم اما اذا راتفعت أسعاره فسيكون شكلاً آخراً ، طيب هذه الثروات كيف نصرفها ايضاً تتحول كلها الى ميزانية تشغيلية وأيفادات ودرجات خاصة وتضيع او يجب ان تكون هناك خطة شاملة لتحويلها الى ثروة وطنية حقيقية ورأس مال ليس لنا ولشعبنا بل للأجيال القادمة .
المراسل / قبل ايام قامت قوات ايرانية بأحتلال حقل الفكة في محافظة العمارة ، على الرغم من تأكيد ايران الدائم على انها جارة طيبة للعراق وتتمع معه بعلاقات ستراتيجية ، فلماذا الهجوم على حقل الفكة وكيف تنظرون وتقيمون ذلك ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / الحقل يطلق على العشرات او المئات من الآبار والذي حصل هو تقدم عدد من العناصر الامنية على البئر رقم 4 وهو بئر واحد من عشرات الآبار التي تستخدم وفي الواقع هناك أشكاليات حدودية للعراق مع العديد من الدول وهناك سياقات عمل لمعالجة هذه الاشكاليات في التعامل ويبدو اننا بحاجة الى تفعيل اللجان المشتركة وان نذهب ونحاور الآخرين لندافع عن حقوقنا ونستبين الحقوق ، ما دمنا لا نضع الشريط الحدودي بوضوح ولا يتبين اين هي الارض العراقية تماماً واين هي الارض الايرانية لذلك تبقى هذه النظرية عرضه للنقاش كذلك في الحدود مع البدان الاخرى كل بلد يتقدم 20 او 30 م تعرف في الصحراء قد لا يتم التعرف على الكثير من التفاصيل دون ان تكون هناك مؤشرات معينة ، لم نستبين تماماً السبب في تقدم هذه القوة الايرانية لعشرات الامتار الى الامام ووضع اليد على البئر رقم 4 البعض يعتقد ان ذلك يرتبط بالأستثمار الذي نتحدث عنه وقدّم هذا الحقل الى الاستثمار قبل ان تنتهي الحوارات بين الطرفين في تحديد الملكية او ان هناك شراكة بين الطرفين في الأمر ، كما ان هذه القضية تعد قضية تخصصية ووزارة النفط معنية بهذا الأمر وان الجهات المختصة تحدد ذلك وكيف ما كان فأن رفع العلم الايراني على البئر لا اعتقد انه موقف حكيم واعتقد انه من الأنسب ان لا يرفع العلم وان لا تتقدم هذه القوة وان يتابع الايرانيون هذه القضية مع الجهات المختصة العراقية وحينما حصل هذا التقدم فنحن سعداء ان ينزل العلم اليوم وان القوة ترجع ولكن علينا ايضاً ان لا نرتكب ما وقع به الآخرون ، علينا ان نذهب الى حوار وان نتحدث ونعالج الأمور ضمن السياقات المقرة بين البلدين في اتفاقيات سابقة هناك سياقات عمل لحل هذه المشاكل ، علينا ان نذهب ونفعّل هذه اللجان ونحل المشاكل وندافع عن حقوق العراق والمواطن العراقي الى الفلس الأخير .
المراسل / ما الفرق بالنسبة لسماحة السيد عمار الحكيم بين الحكومة اذا كانت علمانية او مدنية وأيهما يرجح السيد ان تكون سعيدة في المجتمع ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / اولاً نحن نتحدث عن دستور نحترمه ونلتزم به ودستورنا يعتبر النظام السياسي في العراق والحكومة حكومة مدنية تحترم الهوية الاسلامية للشعب العرقي ، الحكومة المدنية هي الحكومة الغير مؤدلجة التي تنفتح على الجميع مع احترام غالبية المواطنين من المسلمين ، فالهوية الاسلامية في هذا البد تحترم وهذا النص هو النص المتداول في أغلب الدول العربية الكريمة ، الحكومة العلمانية قد يفهم منها وخصوصاً في بعض التطبيقات والاستخدام السياسي الذي يحصل لمثل هذه المفردة ، في منطقتنا هي الحكومة التي تتقاطع مع الدين ، الحكومة المدنية هي الحكومة الغير مؤدلجة وقد يكون الحاكمين فيها متدينين ولكنها لا تنطلق من حكم شرعي في ادائها كما وضعناه في رؤيتنا لبناء العراق ، كما ان الدستور العراقي الذي أستفتى عليه العراقيون يقول ان الحكم مدني تحترم فيه الهوية الاسلامية ولا يسن قانون يتقاطع مع الثوابت الاسلامية ولكن في التفاصيل الأخرى الناس يتباينون فيما بينهم من خلال ممثليهم في مجلس النواب على تشريع الأمور المختلفة ، اذن نحن لسنا امام حكومة أسلامية او ضد الاسلام والتي قد يطلق عليها أحياناً علمانية نحن امام حكومة مدنية غير مؤدلجة كما اننا نعتقد ان تسييس الدين أمر فيه ضرر كبير على الدين ومخل بقداسة الدين ولا نؤمن بتسييس الدين ولكن نؤمن بتدين السياسة ، السياسة يجب ان تكون خاضعة لقيم أخلاقية وانسانية واجتماعية والقول بان الغاية تبرر الوسيلة هذا ليس من تدين السياسة بل من سياسة المكر والخداع والالتفاف على الواقع للوصول الى مآرب معينة ، لذا نحن لسنا مع تسييس الدين ولكننا مع تدين السياسة .
المراسل / أنتم باستمرار تزورون الجامعات وتلتقون بالمثقفين والطلبة ، هل تفكرون بأعادة مسرح المدارس والطفولة لاسيما انكم اجتهدتم في فتح قاعات ثقافية وحوارات كثيرة في الجامعات ، ما هو رأيكم بمسرح الطفولة في المدارس ؟
سماحة السيد عمار الحكيم / لابد لنا من القول ان مجتمعنا يهمل الشباب كثيراً ولا يؤمن بطاقات الشباب وهذا خلل كبير ، الشاب يملك طاقات كبيرة والرسول الكريم حينما قال (( أنصروا جيش أسامة ، لعن الله من تخلف عن جيش أسامة )) في أهم معركة قبل وفاة الرسول (ص) وأسامة هو ابن الثامنة عشر شاب في هذا العمر جعله أميراً على جيش الاسلام في اهم معركة للمسلمين امام الامبراطورية البيزنطية ، هذا دور الشاب وموقعه في فهم الاسلام وفي رؤيتنا ولكن مع الاسف الشديد لا يعطى الادوار الكبيرة في مجتمعنا وهذا ما ينبغي التركيز عليه .
اما بالنسبة للطفولة والمدارس فنعتقد ان الادب والفن مداخل مهمة لتفجير الطاقات والمسرح في المدرسة يمكن ان يكون تعبير وفرصة لإظهار مثل هذه الطاقات والحالة المشاعرية والعاطفية يمكن ان تستثمر لبناء مجتمع قيمي المسرحية قد تترك أثر في النفوس أكبر من محاضرات وكتب تدرّس هنا وهناك ، لذلك يجب ان ننظر الى الفن نظرة قيمية كبيرة وان نبدأ لتأهيل فتياننا وفتياتنا منذ سنين الصبا على هذه العملية واستثمارها لصالح بناء المجتمع القيمي في مجتمعنا .
https://telegram.me/buratha