أجرت قناة (الحرية) الفضائية حواراً موسعاً مع فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني، عبر برنامج (لقاء خاص)، في ما يلي نصه:*الحرية:فخامة الرئيس، نحن مقبلون على فترة انتخابية مهمة ستحدد مسار الديمقراطية في العراق، بين تشكيلة القوى السياسية التي خاضت الانتخابات السابقة والتي ستخوضها قريبا، كما تعلمون بعض الائتلافات قد تشظت، مثلا جبهة التوافق والقائمة العراقية والائتلاف الوطني العراقي بل وحتى التحالف الكردستاني، سيخوضون الانتخابات بأكثر من قائمة، كيف تنظرون الى الانتخابات وتشكيلة مجلس النواب والحكومة العراقية؟الرئيس طالباني:الانتخابات تجربة ديمقراطية جديدة في العراق وهي ستحدد مسار الديمقراطية والحكم الديمقراطي القائم حاليا في العراق، فهذه الانتخابات، انتخابات هامة تحدد مصير العراق في الفترة القادمة، ومن الديمقراطية التعددية، فتعددية القوائم سواء كانت في العراق عموما او في كردستان العراق، دليل على وجود ديمقراطية وحرية في الانتخابات، اتمنى ان يختار الناخب العراقي مندوبه المفضل الذي يعبر عن مصالحه ويدافع عن حقوقه، واتمنى على الجميع ان يتذكروا ان المهمة الاساسية الآن في العراق هي حماية المسيرة الديمقراطية والنظام الديمقراطي وتطويرها وبالتالي فان الذين يختارون لتمثيل الشعب يجب ان يكونوا من المؤمنين بالمسيرة الديمقراطية وبالعراق الديمقراطي الاتحادي الموحد، ونتمنى ان يخوض الجميع الانتخابات بروحية شفافة وبروحية ديمقراطية وروحية رياضية، دعونا ننتظر نتائج الانتخابات في آذار القادم.*الحرية:فخامة الرئيس، هل ترون أن الشكل التوافقي هو الأنسب للعراق ام حكومة الاكثرية هي الأنسب ؟الرئيس طالباني: الظروف الحالية في العراق تحتم احترام مبدأ التوافق، وخاصة أن التوافق أصبح قانونا بعدما أقرت اتفاقية (صوفا) مع الولايات المتحدة الامريكية، ولكن التوافق لم يكن في الحقيقة توافقا حقيقيا، فالتوافق لايعني انفراد جهة مشتركة بالمواقف خلاف الآخرين، التوافق يعني ان جميع الجهات عندما تتفق على مبادئ معينة يجب عليها ان تحترم هذه الاتفاقية، فكما ان الاجماع الضروري في الايجابيات فان الاجماع ضروري في السلبيات ايضا، لايجوز لطرف مشترك في التوافق ان ينفرد بمواقف مختلفة مع الاكثرية، لذلك نتمنى ان يجري تطبيق مبدأ التوافق بشكل سليم بحيث ان المشترك في الحكومة يتحمل مسؤولية التضامن الوزاري والحكومي ويتحمل مسؤولية الدفاع عن هذا النظام، واذا لديه ملاحظات او انتقادات يطرحها في مجلس الوزراء او في الاجتماعات الخاصة ويتجنب لعب دور المعارض والموافق في نفس الوقت.*الحرية:اذا، انتم تعتقدون ان الخلل ليس في التوافق وانما في تطبيق التوافق ؟الرئيس طالباني:نعم، أنا أرى خللا في تطبيق التوافق وفي خروج بعض الناس على ما نتفق عليه في موضوع التوافق.*الحرية:هل هناك تصور واضح للتحالف الكردستاني فيما يخص تحالفاته المستقبلية القادمة او انه سيتريث لحين ظهور نتائج الانتخابات ؟الرئيس طالباني:لا، التحالف الكردستاني له ستراتيجية ثابتة في التعاون والتضامن والعمل المشترك مع القوى السياسية التي عارضت الدكتاتورية في الماضي والتي تحالف معها التحالف الكردستاني منذ قديم الزمان، فللتحالف الكردستاني حلفاء اساسيون معروفون، التحالف الكردستاني يواصل التعاون والتحالف مع هذه القوى، وهو في نفس الوقت منفتح على قوى اخرى غير التي ساهمت في حينه في المعارضة ضد الدكتاتورية، اذا كانت هذه القوى تقبل بالمسيرة الديمقراطية وبالاهداف التي يتفق عليها التحالف الكردستاني مع حلفائه الاصليين.*البعض يشير الى ان الكرد سيخوضون الانتخابات بأكثر من قائمة، هل سيؤثر ذلك على وحدة الصوت الكردي وعلى موقع التحالف الكردستاني بالذات في المركز ؟- اولا، الكرد خاضوا الانتخابات الماضية ايضا بقوائم مختلفة، لم تكن هنالك قائمة واحدة، فمثلا الاخوة الاسلاميون خاضوا الانتخابات بقوائم خاصة بهم، وهذه المرة ايضا يتكرر ان توجد قوائم بجانب قائمة التحالف الكردستاني، وهذا ايضا مظهر من مظاهر الديمقراطية، ولكن النتائج كما اعتقد ستكون مشجعة للائتلاف والتعاون فيما بعد الانتخابات وذلك في البرلمان العراقي.*الحرية:قانون الانتخابات والنقض الذي جاء من قبل نائب رئيس الجمهورية الاستاذ طارق الهاشمي، طرحت مسألة مجلس الرئاسة امام انظار الرأي العام، لماذا تم اقرار مجلس الرئاسة وليس رئيس الجمهورية ؟ هل الامر له علاقة بالتوافقات السياسية ايضا، ام كانت هناك ضرورة لذلك، وكيف تقيمون هذه التجربة اي تجربة مجلس الرئاسة ؟الرئيس طالباني:اولا، الدستور العراقي ينص على وجود رئيس للجمهورية، ولكن هنالك ملحق للدستور للفترة المعينة وهي فترة الدورة الانتخابية، هذه الفقرة المكملة نصت على تشكيل مجلس الرئاسة بديلا عن الرئيس، وكان تشكيل هذا المجلس في حينه مفيدا وضروريا لتكون الرئاسة ممثلة للمكونات الثلاثة الاساسية في المجتمع العراقي، العرب الشيعة والكرد والعرب السنة.انا اعتقد ان هذه تجربة مفيدة للعراق ولكن ككل المقولات والاحكام لها جوانب سلبية وايجابية، الجوانب الايجابية هي انها تمثل وحدة الشعب العراقي، تمثل وحدة المكونات الاساسية الثلاثة، والجانب السلبي انها تؤدي احيانا الى الاختلاف في الآراء وعدم الاجماع وبالتالي عرقلة بعض القوانين والامور، وهذا الموضوع يجب ان يدرسه البرلمان بدقة ليرجح الجانب الايجابي على السلبي او السلبي على الايجابي.*الحرية:البعض يرى أن عدم الاجماع في مجلس الرئاسة اصبح عائقا امام ممارسة السلطة التنفيذية لمهامها ولاسيما فيما يخص مسألة اعدام المجرمين المدانين بجرائم ضد الانسانية واعدام الارهابيين، بماذا تعلقون على ذلك ؟الرئيس طالباني:في هذا القول او الادعاء شيء من الصحة، لأن عدم الاجماع في مجلس الرئاسة على إعدام المجرمين أدى الى عرقلة بعض الاحكام الصادرة عن المحاكم المختصة ولكن ليس هذا كل السبب، لان السلطة التنفيذية واجباتها لا تقتصر على تنفيذ احكام الاعدام، انما لها واجبات كثيرة وعديدة، ففيما يتعلق بموضوع السلطة التنفيذية لم تكن الرئاسة ولا وجود الفيتو لدى اعضائها سببا من اسباب عرقلة تنفيذ مهام السلطة التنفيذية.*الحرية:اذا ما هو السبب لان الشارع العراقي دوما يتساءل وكانت هناك مظاهرات، هم يعتقدون ان مجلس الرئاسة هو العائق امام تنفيذ هذه الاحكام ؟الرئيس طالباني:صحيح ان مجلس الرئاسة هو الذي عرقل تنفيذ بعض احكام الاعدام، هذا لاشك فيه، ولكن واجب السلطة التنفيذية كما قلت لا يقتصر ولا ينحصر على احكام الاعدام، لها وظائف كثيرة، الوظائف المذكورة في الدستور العراقي، لذلك فالمسألة ليست مسألة الاجماع بمجلس الرئاسة، كما تعلمون السلطة تنفيذية التي تتألف اساسا من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، لها واجبات كثيرة، هذه الواجبات يمكن تلخيصها كما في المادة (80) "تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة والخطة العامة والاشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، اصدار الانظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين، اعداد مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي وخطة التنمية، التوصية الى مجلس النواب بالموافقة على تعيين وكلاء الوزراء والسفراء واصحاب الدرجات الخاصة ورئيس اركان الجيش ومعاونيه ومن هم بمنصب قائد الفرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات الوطني ورؤساء الاجهزة الامنية، التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقات الدولية والتوقيع عليها او من يخوله".الحقيقة ان الخلل الذي ألاحظه انه لم يتم التعاون الكامل لتنفيذ المادة التي تنص على ان السلطة التنفيذية تتألف من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، يجب ان نجد صيغة لتنفيذ هذه المادة في المستقبل.*الحرية:فخامة الرئيس، في الفترات السابقة طالبتم بصلاحيات اكبر لرئيس الجمهورية، هل ما زلتم عند هذا الرأي ام لا ؟الرئيس طالباني:في الحقيقة لم نطالب بصلاحيات اكبر، طالبنا باحترام وتنفيذ الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور، لاننا نعتقد ان هنالك صلاحيات كثيرة لرئيس الجمهورية وبالتالي لمجلس الرئاسة، وهذه الصلاحيات تتكرر في العديد من مواد الدستور، اذا نفذت هذه الصلاحيات كما وردت في الدستور اعتقد ان الرئاسة لها كثير من الصلاحيات في البلاد، ولكن هنالك وضعية خاصة في العراق اقتضت تشكيل المجلس السياسي للامن الوطني والمجلس التنفيذي وبعض الاجراءات الاخرى لتطبيق مبدأ التوافق بين ممثلي المكونات العراقية الثلاثة.*الحرية:هناك من يعتقد أن حدود الصلاحيات الممنوحة دستوريا غير واضحة في السلطات الاربع وفي بعض الاحيان يحدث تداخل في هذه الصلاحيات، فهل الدستور غير واضح ام أن هناك تباينا في تفسير الدستور ؟الرئيس طالباني:هناك تباين في تفسير الدستور، والحقيقة أن الدستور واضح في نصوصه ولكن نحن تجربة ديمقراطية جديدة، وتجربة جديدة في موضوع التوافق وفي موضوع رئاسة الجمهورية بدلا من رئيس الجمهورية، لذلك اختلفت الاجتهادات حول شرح المواد المختلفة، مثلا، المادة التي تنص على انه تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء تمارس صلاحياتها وفقا للدستور والقانون، لم يتم الاتفاق على معنى هذه الشراكة بين رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وكذلك الصلاحيات الممنوحة لمجلس الوزراء، هذه الصلاحيات لم يجر الاتفاق عليها هل هي صلاحيات لمجلس الوزراء ام لرئيس الوزراء، هناك غموض في التفسير وليس في النصوص.*الحرية:حتى هناك اشكال في صلاحيات مجلس النواب واعضاء مجلس النواب، يعني هناك تداخل في العمل ؟الرئيس طالباني:انا اعتقد أن الاختلاف في التفسير وليس في النصوص.*الحرية:البرلمان العراقي اوشك على نهاية دورته التشريعية، هل انتم راضون على ادائه ؟الرئيس طالباني:لا، انا اعتقد انه كان بالامكان ان يقوم البرلمان بدور اوسع واكثر وان يكون فعلا ممثلا للشعب العراقي وعاملا على سن القوانين بسرعة وعلى تمشية الامور وعلى التنسيق الاساسي مع مجلس الوزراء ومع رئاسة الجمهورية.*الحرية:لديكم علاقات طيبة وودية ومتميزة مع مراجع الدين العظام في النجف الاشرف، بل انكم كما نعرف وافقتم على القائمة المفتوحة احتراما لرأي المرجعية رغم تحفظات كتلة التحالف الكردستاني عليها، كيف تنظرون لدور المرجعية في العملية السياسية وفي مستقبل العراق الجديد ؟الرئيس طالباني:أولا انا اعتز واتشرف بان تكون علاقتي جيدة مع المرجعية المحترمة التي لعبت دورا ايجابيا كبيرا في العراق، فالمرجعية واولها سماحة السيد علي السيستاني أدام الله في عمره وأبقاه لنا ذخرا للعراقيين، هذه المرجعية لعبت دورا كبيرا في استتباب الامن والاستقرار والتآلف بين الكيانات العراقية المختلفة وكذلك لعبت دورا مهما بالارشاد وليس بالتدخل في توجيه العراق نحو الوجهة الصحيحة وساهمت في المحافظة على استقلالية العراق ودور العراق ووحدة العراق، فالمرجعية اذا دورها هام في العراق وانا طبعا احترم المرجعية وأصغي باهتمام الى ملاحظات المرجعية ويسرني ان اكون قد لبيت طلب المرجعية في تأييد القائمة المفتوحة.*الحرية:فخامة الرئيس، المراجع العظام سماحة آية الله السيد علي السيستاني، وصفوكم ذات مرة بأنكم صمام الامان للعراق والعراقيين، كيف كان تأثير ذلك عليكم ولاسيما أن العراق يتميز بتشكيلة سياسية معقدة خاصة في العراق الجديد حيث كل قومية أو مذهب او شريحة او مكون عراقي يسعى لنيل اكثر ما يمكن من المكاسب لنفسه؟الرئيس طالباني:انا أتشرف بهذا الوصف واعتبره وساما على صدري من المراجع العظام واعتبر ذلك ايضا ارشادا لكي اواصل دوري العراقي الموحد للصفوف وكذلك لعب دور للتوفيق والتعاون والتضامن بين الكيانات العراقية المختلفة ودور في خدمة العراق والسهر على تطبيق الدستور، لقد كنت مريضا عندما سمعت هذا الوصف وقد أثر على معنوياتي كثيرا وشجعني على مواصلة السير على طريق الوئام.*الحرية:فخامة الرئيس، تحدثتم اكثر من مرة عن عدم رغبتكم في ترشيح نفسكم لمنصب رئيس الجمهورية، لكن ماذا لو أقدم التحالف الكردستاني والقوى الوطنية الاخرى وحلفاؤكم على ترشيحكم، فهل ستوافقون؟ لان هذا السؤال اصبح السؤال القلق بالنسبة للعراقيين ؟الرئيس طالباني:ما عبرت عنه كان تعبيرا عن رغبتي الشخصية الخاصة، ولكن اذا تقدم التحالف الكردستاني والقوى الحليفة معه بطلب لترشيحي وتكليفي بهذه المهمة فانني لن اهرب من المسؤوليات ولن اهرب من تحمل مشاق ومسؤوليات المنصب لخدمة الشعب العراقي.*الحرية:كيف كانت تجربتكم الدولية من خلال دوركم كرئيس لجمهورية العراق الاتحادي، ألم يتحسس رؤساء الدول العربية بان يكون للعراق رئيس كردي وماذا عن المستوى العالمي ؟الرئيس طالباني:على المستوى العربي بالعكس، لاحظت تقديرا للدور الذي قمت به ويشرفني ان اقول ان لي علاقات خاصة مع معظم رؤساء الدول العربية وبينهم من اعرفهم من قديم الزمان وبينهم من تعرفت عليهم بعد تولي المسؤولية فوجدت لديهم جميعا تقديرا وترحيبا لم أجد اي تمييز لديهم لكوني كرديا لانهم يعتقدون ان العراقيين متساوون امام القانون وان المجتمع العراقي مجتمع متعدد القوميات والمذاهب والطوائف فمن يخدم العراق بشكل اكثر يكون اكثر مقبولا لديهم، انا طبعا لاحظت ايضا الشيء الذي يقدره رؤساء الدول العربية هو دور هذا الشخص في المسؤولية، هل هو يعمل للتضامن العربي؟ هل هو يعمل لتوحيد كلمة العرب؟ هل هو يعمل من اجل القضايا العربية؟ او من اجل اعادة العراق الى مركزه في القافلة العربية في التضامن العربي ام لا؟ على هذا الاساس يقررون، وانا اعتقد انني في فترة رئاستي تكونت لي علاقات جيدة مع جميع القادة العرب الذين االتقيت بهم في المؤتمرات العربية.أما على النطاق العالمي فقد كانت لي علاقات قديمة مع بعض الدول فاستغللت هذه العلاقة من اجل العراق ومن اجل تحقيق المطاليب العراقية، فمثلا كانت علاقاتي مع الصين الشعبية عاملا من العوامل، لا اقول كل العوامل، بل كانت عاملا من العوامل التي ادت بجمهورية الصين الشعبية الى اتخاذ هذا الموقف الودي من العراق والى التجاوب مع الطلب العراقي في الغاء الديون وكذلك في تعزيز العلاقات، وكذلك علاقاتي مع الدول العربية ومع الدول التي يقودها الرؤساء الاشتراكيون الديمقراطيون بصفتي ايضا نائبا لرئيس الاشتراكية الدولية لعبنا دورا في تقريب العلاقة بين العراق وبين هذه الدول.*الحرية:فخامة الرئيس، انتم الى جانب عملكم كرئيس لجمهورية العراق، أمين عام لحزب وطني عتيد ونائب رئيس الاشتراكية الدولية، ألا تضيف هذه المهام اعباء اضافية عليكم ؟ وكيف تنسقون بين هذه المهام ؟الرئيس طالباني:الحقيقة تضيف اعباء ثقيلة وهذا كان وراء ابداء رغبتي الشخصية بعدم الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، ولكن على الانسان ان يؤدي واجباته عندما يكلفه الحزب او الشعب او المبدأ الفكري السياسي وهذا قدري ان يكون لي مسؤوليات ثلاث او اكثر بحكم تركيبتي الشخصية والسياسية.*الحرية:معروف عنكم أن فخامتكم من عشاق الشعر والادب والتاريخ، فهل تجدون وقتا للقراءة والمتابعة وانتم في زحمة هذه المشاغل السياسية التي ذكرتموها والمشاكل البروتوكولية؟الرئيس طالباني:نعم انا اجده ودائما اسعى لان أحدد وقتا لي للقراءة والكتابة وكذلك لقراءة الكتب التاريخية وقراءة دواوين الشعر، خاصة ديوان شعر الجواهري الذي لا يفارقني في ترحالي والليل والنهار، اما بالنسبة للكتب الاخرى، نعم فأنا اقرأ الكتب السياسية والتارخية ومذكرات القادة السياسيين والعسكريين في العالم وفي العراق.*الحرية:كان لكم في قناة (الحرية) لقاء خاص بالجواهري العظيم تحت عنوان (الرئيس طالباني درويش الجواهري)، انتم وصفتم نفسكم بانكم درويش الجواهري وكان لهذا اللقاء اثر كبير في نفوس العراقيين وخاصة انهم يرون لأول مرة اهتمامات رئيس الجمهورية اهتمامات ادبية وشعرية، لا اعرف هل وصلتكم أصداء هذا اللقاء ؟الرئيس طالباني:الحقيقة نا لا افتش عن الاصداء انما ما قلته في لقائي مع (الحرية) كان في الحقيقة تعبيرا عما في قلبي وتعبيرا عن قناعتي، انا من قديم الزمان اصف نفسي بدرويش الجواهري العظيم، هو ايضا يعتبرني راويا من رواة شعره وبالتالي فان اهتماماتي الادبية هي جزء من حياتي السياسية، انا اعتقد ان الادب شيء هام في المجتمع ودوره هام في المجتمع، خاصة الادب العراقي لا يقتصر على الناحية الادبية وانما الادب العراقي يشمل النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية والخلفية...الخ.*الحرية:فخامة الرئيس، ماذا تقرأون حاليا ؟الرئيس طالباني:انا عادة أقرأ في آن واحد عدة كتب، اذا مللت القراءة في كتاب انتقل الى كتاب آخر، انا حاليا اقرأ كتاب (مذكرات الاستاذ محمد حديد) الشخصية العراقية الديمقراطية المعروفة واقرأه ثانية لأني كنت قد قرأته، واقرأ كتابا للاستاذ غسان شربل عن (صندوق الاسرار) وبجانب هذه الكتب عندي ديوان الجواهري وايضا كتاب عن تاريخ الاحزاب والقوى السياسية في العراق.*الحرية:فخامة الرئيس، انتم من تكرمون الفنانين والكبار في العراق ولكن نحن نشاهد ان هذا التكريم يأتي غالبا بعد رحيلهم عن هذه الدنيا، هناك شخصية انتم تحبونها كثيرا مازال على قيد الحياة عجز الناس وعجز محبوه من دعوته للعودة الى العراق وهذا الشخص هو الشاعر الكبير مظفر النواب.الرئيس طالباني:أنا يشرفني أن تربطني علاقة صداقة بهذا الشاعر العراقي العظيم والمناضل العراقي الصامد والصبور وهو رجل يستحق الاحترام والتقدير من الجميع، انا في الحقيقة حاولت ان اساعده لكنه رفض لانني رئيس الجمهورية وهو رجل ابي النفس هو فعلا كريم ورجل مناضل يتمسك بالمثل والنزاهة في الحياة وهو ايضا قليل الرغبة لشخصه، انا طبعا اعتز به واحفظ بعض ابيات من قصائده واعتبره شاعرا عراقيا كبيرا يستحق التقدير والاحترام ويستحق على العراقيين ان يرحبوا به ترحيب الابطال عندما يعود الى الوطن وسنسعى الى اقناعه لانه هو الآن للاسف الشديد مريض ان شاء الله عندما يتشافى نسعى الى اقناعه بالعودة الى الوطن.*الحرية:فخامة الرئيس، هل تتكرمون علينا بقراءة بعض ما تحفظون لمظفر النواب.الرئيس طالباني:ويا جبلا في ظلام العراقيلوم النجوم على جنة الكردمهما الطقوس سلامما العمر الا سهول العراقوسفين وقمته يشحذون السلاحعلى صخرة لا تظام*الحرية:نطمح ايضا ان تقرأوا ابياتا قليلة من قصائد الجواهري.الرئيس طالباني:انا اود ان ابدأ هذه المرة بقراءة الشعر الذي جذبني الى الجواهري كنت تلميذا في الابتدائية لا افهم العربية جيدا ولكن نشرت قصيدة الجواهري في تأبين الزعيم الوطني العراقي جعفر ابو التمن وفي هذه القصيدة وردت ابيات حفظت بعضها قبل ان افهم معانيها ثم تعلمت معناها، مثلا :طالت ولو قصرت يد الأعمار لرمت سواك عظمت من مختارمن صفوة لو قيل اي فذهم لم تعد شخصك أعين النظارثم يأتي الى وضع العراق ويقول :خمس وعشرون انقضت وكأنها بشخوصها خبر من الاخبارضقنا بها ضيق السجين بقيده من فرط ما حملت من الاوزارشاخ الشباب الطيبون وجدد فيها شبيبة شيخة اشرارذعر الجنوب فقيل كيد خوارج وشكا الشمال فقيل صنع جواروتنابز الوسط المذل فلم يدع بعض لبعض ظنة لفخار*الحرية:فخامة الرئيس، ما هو رأيكم بالمرأة العراقية، عتبها كبير على ساسة العراق ويشعرن بأنهن مغبونات من قبل الساسة العراقيين ؟الرئيس طالباني:أنا اولا اود ان اقول انني شخصيا اؤيد المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة واؤيد حقوق المرأة كما ورد في الاعلان الدولي لميثاق حقوق الانسان، لكنني احفظ في قلبي واؤمن بمقولة علمية سائدة وهي تقول ان (اي فئة تحرر نفسها بنفسها)، مثلا على الطبقة العاملة ان تتولى هي مسألة تحرير نفسها من اغلال الاستغلال والاضطهاد، على الشعب المظلوم ان يتولى هو مهمة تحرير نفسه من الاستعباد والمظالم والدكتاتورية، وعلى المرأة ايضا ان تناضل من اجل حقوقها ومطاليبها وان تتولى الدفاع عن حقوقها، انا لا ارى في المجتمع العراقي حركة نسائية كبيرة تدافع عن حقوق المرأة، هنالك حركات نسائية فاعلة ولكن ليست كبيرة ولو وجدت حركة نسائية كبيرة لفرضت بمساعدة انصارها بين الرجال جميع حقوق المرأة في الدستور وفي القوانين.*الحرية:نرى هناك محاولات ولكن اكثرها باءت بالفشل كأن تشكل المرأة كوتا نسوية في البرلمان ولكن لم تر النور أصلا هذه المحاولات.الرئيس طالباني:السبب الواضح لان الاخوات النائبات في البرلمان اتين الى المجلس من منابت فكرية مختلفة وبين هؤلاء الاخوات الموجودات في البرلمان لا توجد رابطة فكرية موحدة ولا تصورات موحدة لحقوق المرأة وواجباتها في جميع المجالات، لذلك من الصعب ان تتشكل مثل هذه الرابطة او الكوتا.*الحرية:شهدت بغداد خلال الاشهر الماضية عدة ايام سميت بالايام الدامية، هناك من حمل الجهات الامنية مسؤولية هذه الخروقات التي حدثت وهناك من اشار بأصابع الاتهام الى دول مجاورة وكما تعرفون هناك تضارب في الآراء بين الحكومة وبين القوى الامنية، كيف ترون ما يحدث وخاصة ما يحدث في بغداد ؟الرئيس طالباني:انا اعتقد ان المجرمين والارهابيين وبقايا النظام الصدامي البائد هم اساسا وراء هذه الاعمال البشعة التي تستنكرها وترفضها الاديان كافة والافكار السياسية كافة والقيم الانسانية والعربية والعراقية كافة، لان هذه الجرائم تطال النساء والاطفال والناس المسالمين من غير المسؤولين في الحكومة العراقية، انا اعتقد ان العراق يتعرض الى هجمة منذ بدء المسيرة الديمقراطية في العراق ويتعرض الى هذه الهجمة من الداخل والخارج من القوى الرجعية والقوى الارهابية والقوى التي تخاف من الديمقراطية وانتشارها في الشرق الاوسط فواجبنا نحن العراقيين ان نعزز الوحدة الوطنية بيننا وان نسد المنافذ بوجه القوى الارهابية والصدامية البائدة التي تريد اثارة الفتنة واثارة هذه الجرائم والمشاكل وعلى الاجهزة الامنية في العراق ان تجيد دورها بشكل اكثر وان تتعاون فيما بينها، ان تكون هنالك قيادة واحدة وتتبعها جميع الاجهزة الامنية وكذلك وزارات الداخلية والدفاع والامن الوطني، علينا جميعا ان نعمل بالاعتماد على الشعب ايضا، تجربة الصحوات وتجربة كردستان تؤكدان ان الاعتماد على الشعب يؤدي الى تضييق الخناق على الارهابيين ومنعهم من مواصلة الجرائم، فيجب ايضا ان تعتمد الخطة الستراتيجية المنشودة لمكافحة الارهاب ومواجهة التحديات تتضمن الاعتماد على الشعب وقوى الناس في جميع انحاء العراق في المحلات والمدارس والمعامل والمزارع حتى يكون الشعب العراقي بأسره مساهما في التصدي للارهاب والمجرمين الذين يريدون السوء بالعراق.*الحرية:ما مدى صحة ما يقال ان العامل الاساس في هذه التفجيرات هو تدخل قوى خارجية وعندما نشاهد جلسات مجلس النواب وتصريحات بعض القادة السياسيين هناك من يوجه الاتهام ويشير بأصبع الاتهام الى ايران وهناك من يشير الى سوريا تحديدا من دول الجوار ؟الرئيس طالباني:انا شخصيا لا اتهم اي دولة وانما اتهم عناصر تعيش في بعض هذه البلدان ولكن علينا نحن ايضا ومن واجبنا ان نحسن العلاقات مع سوريا وايران ومع اي جهة اخرى نعتقد ان الارهابيين يستفيدون من موقفها تجاه العراق فهذا واجبنا ان نحسن العلاقة مع سوريا ونحسن العلاقة اكثر مع ايران، حيث علاقتنا جيدة الآن مع ايران الحمد لله وكذلك نحسن العلاقات مع الدول العربية جميعها وهذا ما يؤدي الى مساعدتنا لان الارهاب آفة عالمية وهذه الآفة تعاني منها الناس من الصين الى سوريا الى الهند وباكستان وافغانستان والقفقاس، الى العراق، مصر، الجزائر، المملكة العربية السعودية وحتى احيانا سوريا تعاني من هذه الافعال الارهابية، فعلينا اذا ان نتفق مع هذه الدول في سياسة مناهضة الارهاب.*الحرية:هناك من طلب بان نستفيد من تجربة كردستان في الاستقرار الامني، لا اعرف هل هناك تنسيق بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية في هذه المسائل ؟الرئيس طالباني:نعم هنالك تنسيق ولكن يجب ان يكون التنسيق اكثر واوسع واكثر إحكاما.*الحرية:فخامة الرئيس، هناك تصريح للسفير الامريكي السابق ريان كروكر يشير الى ان تكتيك القاعدة قد تغير في العراق وبدأ يستهدف الحكومة العراقية بدل استهداف الشعب العراقي ؟الرئيس طالباني:هذا ليس صحيحا، ضحايا القاعدة الآن هم جماهير الشعب العراقي، العملية التي نفذت مثلا ضد امانة العاصمة، قتل فيها (42) طفلا هنالك، قد تكون ادعاءات القاعدة تبدلت ولكن عمليا اعمالها الاجرامية تنال الشعب العراقي وتطال الشعب العراقي والناس الآمنين وهم عمال وفلاحون وكسبة ومثقفون وطلاب واطفال ونساء.*الحرية:فخامة الرئيس، على ذكر أمانة العاصمة والناس الفقراء، مضت ست سنوات على التغيير ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية ثانية ولكن ولحد هذا اليوم مازال هناك نقص واضح وشديد جدا في الخدمات، المواطن العراقي رغم كل هذه المصائب التي يتعرض لها مازال يعاني من ناحية الكهرباء وحتى الشيء الوحيد الذي كان يشعر به من التحسن وهو الامن حتى هذا اصبح اقل ويمكن ان يؤثر ذلك على الناخب العراقي الذي يريد ان يتوجه الى صناديق الاقتراع، فما الحل برأيكم كيف نستطيع تأمين الخدمات للشعب العراقي ؟الرئيس طالباني:انا اعتقد ان من واجبنا جميعا ان نسعى لتحقيق الخدمات للشعب العراقي ولكن يجب ان ندرك الحقائق التالية، اولا نحن شعب يخرج من مخاض الثورة ومخاض سقوط الدكتاتورية وهذا الشعب نال الامرّين على يد النظام الدكتاتوري وكذلك العديد من المشاكل موروثة من العهد البائد، لنأخذ الكهرباء مثلا، النظام الدكتاتوري عندما ترك الحكم كان لدينا حوالي سدس احتياجات البلد متلبية كل هذه الاحتياجات من جهة تحتاج الى وقت وتحتاج الى مال والى ارادة قوية في العمل، فالارهابيون عرقلوا في كثير من الاماكن تلبية هذه المطالب وهذا لا يعني أننا نحن المسؤولين نعفي انفسنا من المسؤولية، نعم ايضا علينا مسؤولية ولدينا نواقص يجب ان نعمل من اجل القضاء عليها ولكن لاحظوا انه في البلدان التي تضررت او تأخرت هنالك حاجة الى مشاريع لسنوات خمس او عدة سنوات مثلا كيف تطورت الصين الشعبية؟ هل تطورت الصين الشعبية الى الدرجة التي وصلت اليها الآن والحمد لله؟ وفي ذلك خير للبشرية كلها، هل وصلت الصين الشعبية بقفزة واحدة او سنة واحدة، بعشر سنوات؟ هنالك فترة زمنية ضرورية لكثير من المسائل، فمثلا الولادة تحتاج لتسعة اشهر وبعدها كم سنة حتى يكبر الولد.اذا نحن بحاجة الى مشاريع لسنوات عديدة من اجل القضاء على النواقص لكن يجب ان نتجه الى هذه الخطط لا ان نبرر ذلك بأشياء اخرى، مثلا العراق يجب ان يضع خططا لخمس سنوات خلال هذه السنوات الخمس يحاول تلبية احتياجات الناس الاولية، اولا، لدينا الحمد لله ثرورة ضخمة في باطن الارض ولدينا ارادة وامكانيات وكوادر جيدة وقادرة على القيام بالمهمات، هناك نقطة اخرى يجب ان نلاحظها عندما نتكلم عن النواقص الموجودة ان هنالك تقدما، مثلا لاحظوا تقدم نسبة الكهرباء، عدد الميغاواط الذي زاد خلال هذه السنوات وكذلك زيادة الرواتب وتحسين المدارس والجامعات والمستشفيات، صحيح مازال هنالك نقص كبير في تلبية مطاليب الشعب واحتياجات الناس والخدمات ويجب ان نسعى بكل قوانا من اجل القضاء على هذه النواقص ومن اجل تلبية مطاليب الشعب بالسرعة الممكنة ولكن ايضا يجب ان نأخذ في الحسبان أننا نتعرض الى عمليات ارهابية كانت هذه العمليات الارهابية تعرقل حتى قدوم الشركات للعمل في العراق وتعرقل بناءنا للمجتمع العراقي، لذلك فالانتخابات القادمة ان شاء الله ستأتي بحكومة وحدة وطنية قوية متماسكة متجانسة مع بعضها وتضع خططا لعدة سنوات لتلبية مطاليب الشعب وتنفيذ رغبات الناس.*الحرية:بشأن الانتخابات، هل لديكم كلمة للشعب العراقي تحثونهم فيها على المشاركة الفعالة؟الرئيس طالباني:ندائي الى الشعب العراقي الكريم والأبي والعظيم هو ان يعززوا الوحدة الوطنية، فالوحدة الوطنية هي ضمانة التصدي الناجح للعمليات الارهابية ولمحاولات اعادة الدكتاتورية ولمحاولات التآمر على النظام الديمقراطي الاتحادي القائم في العراق، وندائي الى هذا الشعب العظيم هو ان يواصل نضاله كما في العهد البائد بجرأة وحماسة ومثابرة من اجل الاشتراك الفعال في الانتخابات القادمة بشكل صحيح لاختيار النواب الذين يريدون تمثيلهم في البرلمان ويؤدي الى ان نقوم بخطوة ضرورية من اجل تلبية مطاليب الشعب وتحقيق اهداف الشعب العراقي المتبقية وأدعو شعبنا العراقي ايضا الى اليقظة والحذر من المؤامرات التي تحاك ضدهم.يجب ان لا نحصر افكارنا ونركز جهودنا على المطالب الخدماتية فقط، هنالك مشكلة اساسية وهي مسألة الدفاع عن العراق الديمقراطي الاتحادي الجديد، كذلك هنالك مهمة التصدي للمؤامرات التي تحاك ضد هذه المسيرة الديمقراطية، هنالك مهمة التصدي للارهاب والمتآمرين، وهذه هي المهمات الاساسية وبتحقيق هذه المهام نستطيع التمهيد لتحقيق جميع المطالب الخدماتية والمطالب الاخرى التي يستحقها شعبنا العراقي بجدارة، فندائي هو التنبه واليقظة والانتباه الى المسائل الاساسية وعدم نسيانها عبر التركيز على المسائل الثانوية، المسائل الاساسية مهمة والمسائل الثانوية مهمة ايضا ولكن يجب الترابط بينهما من اجل النجاح في تحقيق اهداف شعبنا العراقي.
https://telegram.me/buratha