اعرب رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم عن تفاؤله بحصول الائتلاف الوطني العراقي على الاكثرية البرلمانية ومن ثم تشكيل الحكومة المقبلة. وقال في حوار اجرته معه الوكالة الوطنية العراقية للانباء /نينا/ :" ان الائتلاف لم يناقش اسماء المرشحين لترؤس الحكومة المقبلة " مؤكدا انه لا يطمح ان يتسلم رئاسة الوزراء.
واوضح :" ان تفاؤلنا بحصول الائتلاف الوطني العراقي على الاغلبية البرلمانية في الانتخابات المقبلة مبني على معايير مدروسة ، اذ ان الائتلاف بما يملكه من مقومات وعناصر النجاح يجعلنا متفائلين على انه سيحظى بالاكثرية وتشكيل الحكومة المقبلة ".
واشار الى " ان معيار نتائج انتخابات مجالس المحافظات الماضية شابها بعض التشويش وخاصة على قوى الائتلاف ، فهذه القوى والاطراف التي يتكون منها الان الائتلاف الوطني ، حازت على مليوني صوت وهو رقم كبير جدا واكبر من أي رقم اخر او تحالف حصلت عليه اية كتلة اخرى ".
وتابع الحكيم :" يضاف الى ذلك ان في هذا الائتلاف تنوعا قوميا ومذهبيا وسياسيا بالاضافة الى القواعد الشعبية التي يمتلكها والبرنامج الذي اعده ثمانون خبيرا من العقول العراقية والذين استغرقوا وقتا طويل امتد لاشهر بهدف اعداد هذا البرنامج المتكامل الذي يتكون من الاف الصفحات وتم فيه تحديد رؤية واضحة لما يمكن ان نقوم به للمرحلة المقبلة على القطاعات والملفات كافة ".
وفيما اذ كان المجلس الاعلى مهيأ لقيادة الحكومة المقبلة ، قال :" اننا ولغاية الان لم نناقش مسألة المناصب ورفعنا شعار /لا رفض ولا فرض/ واردنا ان نقدم صورة جديدة للعراقيين ، لاننا نريد ان يكون هذا الائتلاف مؤسسة سياسية لا كتله برلمانية فقط ، نريد ان نغير هذا المنهج ونعمل كمؤسسة واحدة ".
وحول عدم دخول ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي في هذا الائتلاف ، اوضح :" ان حزب الدعوة وامينه العام نوري المالكي كانوا معنا في سلسلة طويلة من الاجتماعات وضعنا فيها المباديء والنظام الداخلي والاطار ، وحين وصلنا الى مرحلة الاعلان ، ارتأى الاخوة في حزب الدعوة ان يدخلوا الانتخابات بقائمة منفردة ".
واستطرد قائلا :" اننا احترمنا اختيارهم هذا ، ونؤكد ان الاشكالية ليست بالمباديء او البرامج لاننا قطعنا شوطا طويلا في صياغتها سويا ، لكن الدخول بقائمة منفردة كان خيار وقناعة حزب الدعوة وليس خيارنا ".
وعزا الحكيم عدم ترشحه الى الانتخابات المقبلة الى انه اراد اعطاء رسالة من خلال ذلك تفيد بان التدافع على المواقع الحكومية او البرلمانية ليس امرا صحيحا.
واعرب عن اعتقاده بان " بعض الامتيازات لهذه المواقع وغيرها من المناصب جعلت الكثير يطمح فيها ، وكثير من الناس يريدون ان يكونوا نوابا او وزراء نتيجة الامتيازات التي يتمتع بها المسؤول ".
وتابع :" على الرغم من اننا الان بحاجة الى نواب ووزراء اكفاء ، لكننا بحاجة ايضا الى ادوار اخرى حتى تتكامل سلسلة البناء والحياة في هذا البلد ، لذا اشعر ان حضور عدد مهم من المجلس الأعلى والائتلاف الوطني سيغني عن حضوري الشخصي ويعطي رسالة الى شعبنا تؤكد اننا حريصون على مصالحه اكثر من حرصنا على الوصول الى المواقع ".
وتساءل :" اذا كان عمار الحكيم في موقعه ، قادرا على ان يقدم شيئا للعراقيين ، فاية ضرورة تحتم عليه ان يكون في موقع اخر ؟ ".
وقال :" ان الموقع السياسي الذي اشغله الان يعطيني مرونة وفرصة في الحركة في الدفاع عن التجربة العراقية اكثر من الفرص التي يحصل عليها شخص مكبل بضوابط ، كنائب في البرلمان او مسؤول في الدولة ".
وشدد الحكيم على انه ليس لديه أي طموح في قيادة الحكومة المقبلة ولا ضرورة لذلك ، حسب تعبيره.
وبشأن تحذيراته السابقة من عودة البعثيين ، بيّن :" ان تحذيرنا لم يكن من البعثيين وانما من الصداميين ، اذ علينا ان نميز بين عموم البعثيين وهم اناس انخرطوا في حزب البعث نتيجة الظروف القاهرة التي كانت في زمن النظام السابق ، ونحن نعتبرهم مواطنين عراقيين شأنهم شان باقي الناس ، وبين الصداميين ونقصد بهم ذوي الاجندة ، وهؤلاء كانوا متورطين بايذاء الشعب العراقي ".
وحذر مما سماه (منهج الصداميين) الذين يمثلون خطرا حقيقيا علينا ومن اختراق مثل هذه العناصر تحت واجهات وعناوين مختلفة ، حسب قوله.
واوضح في هذا الشأن :" ان الذين انخرطوا مرغمين في صفوف حزب البعث ، لماذا نلصق عليهم هذه التهمة الى الابد ، نحن مع مشاركة العراقيين وكل من لم يرتكب جريمة ولكم يدخل ضمن اجندة تآمرية فهو عراقي ، وحزب البعث ككيان محظور والفكر الشوفيني البعثي الذي حمله الصداميون ولىّ الى غير رجعة ".
وقال الحكيم :" عموم الناس دخلوا كاعضاء في حزب البعث سابقا ولم يسيئوا ولا نر انهم بعثيون بل نراهم عراقيين ، ولا نقول عودة البعث ، بل نقول مشاركة العراقيين غير المسؤولين عن سفك الدم وايذاء الشعب العراقي ".
واضاف :" ان حزب البعث حكم البلاد لاكثر من ثلاثة عقود وبالتالي لديه تنظيم وقدرة على الحركة ويخطط لاختراق بعض المؤسسات بطريقة او باخرى ، ولا تخفى على احد الاجتماعات التي تعقد في بعض دول المنطقة والمال السياسي الذي يرصد من بعض الاطراف ووجود الخروقات الامنية التي حدثت والتي تشير معطياتها الى لعبه دورا مؤثرا على مستوى التخطيط الأمني والتمويل ".
وتابع :" لذا فوجود تلك المجموعات التآمرية وبهذه العقلية التي جربها العراقيون ، ما يدعونا جميعا الى الحذر في هذه المرحلة ، وهو شيء مطلوب وصحيح ، وهذه التجربة لم تأت بالمجان ، بل جاءت بعد تضحيات كبيرة من العراقيين".
وعن جولاته الاخيرة في عدد من دول الجوار والمنطقة ، قال :" لاشك ان النظام الديمقراطي في العراق يعطي فرصة لتكامل الادوار ، فالحكومة تتحمل جزءا من المسؤولية ولكن القوى السياسية بإمكانها ان تتحمل جزءا اخر منها ". واشار الحكيم الى " ان المسؤول الحكومي ليس لديه المرونة في الحوار والمباحثات بحكم المهمة الرسمية التي تناط ".
واستطرد :" ان الاشقاء العرب نظروا الى التجربة العراقية نظرة محفوفة بشيء من المخاوف والهواجس ، ولعل ذلك جاء من طبيعة النظام السياسي الجديد ، فلم تكن مألوفة في العراق ، بالاضافة الى بروز بعض القوى السياسية وافرازات العملية السياسية التي لم يكن لها حضور بارز في المشهد العراق في الفترة السابقة ".
واوضح :" ان وجود قوات اجنبية في العراق كان ايضا سببا في جعل النظرة الى العراق يشوبها شيء من الحذر والقلق ، اضافة الى ان الواقع الامني وتنامي العمليات الارهابية بشكل واسع ، مع ان القاعدة تستهدف العديد من البلدان ، جعل هذه الدول تتخوف من ان تنتقل هذه التهديدات والاعمال الى بلدانها ، ما اضاف تعقيدا اضافيا على الواقع العراقي ". وشدد على :" ان العراقيين يتحملون جزءا مهما من مسؤولية تعزيز وتطوير الرؤية العربية نحو العراق ".
وقال :" نحن لسنا ممن يحمل الدول العربية كامل المسؤولية في عدم انفتاحها على العراق ، وعلينا نحن كعراقيين ان نذهب ونشرح ونوضح وننقل الصورة كما هي دون رتوش وبدون اجندة او تهويل ، فنحن جزء من المسؤولية وعلينا ان نذهب ونطمئن ونوضح ما هي توجهات العراق الجديد وما هي فرص تبادل المصالح مع الدول العربية ".
واضاف :" اشرت في حديثي مع الزعماء العرب في جولتي الاخيرة الى ضرورة ان يكون هناك دور ايجابي للعرب في العراق ، وهذا الامر ليس مصلحة عربية فقط ، فالعراق بحاجة الى اشقائه العرب لتعزيز الهوية العربية وتحقيق نوع من التوازن ، فنحن في العراق نفرح ونسعد حين يزور العراق زعيم عربي او يعيّن سفير عربي وافتتاح سفارة في بغداد ".
وتابع الحكيم :" اننا نعتز بعروبتنا مع تقديرنا لباقي القوميات ، لكن من حقنا ان نعتز بعروبتنا ، ومن حقنا ان ندافع عن الهوية العربية للعراق لاعتبارات تاريخية وواقعية وسكانية والدور المشهود للعراق في الملفات العربية ولدوره المؤسس لجامعة الدول العربية والى غير ذلك من الاعتبارات الكثيرة ، وهذا الواقع والهوية يجعلنا مندفعين لتكوين علاقات طيبة مع الاشقاء العرب ".
وبشأن الانتقادات التي واجهت زيارته الى سوريا في خضم اتهامات الحكومة العراقية لسوريا بايواء ارهابيين ، قال :" ان الزيارة الى سوريا جاءت على خلفية انسانية وذلك للتعزية بوفاة شقيق الرئيس بشار الاسد ، واعتقد ان مثل هذه العلاقات الانسانية والعربية تكون خارج اطار الاعتبارات السياسية ".
واضاف :" كما ان هذه الزيارة اعطت فرصة للنقاش والتداول الصريح والبناء ، فقد جلسنا في لقاء خاص مع الرئيس الاسد وتداولنا في مختلف الشؤون والملفات ذات الصلة بين البلدين ، وكنا نحمل رسائل من بعض المسؤولين ووجدنا تجاوبا كبيرا للتعامل البناء مع الواقع العراقي ".
واوضح :" انا لم اسمع تصريحا مباشرا يتهم سوريا بالإرهاب ، وما سمعناه هو اتهام شخصيات بعثية عراقية يقال انها تتخذ من سوريا مقرا لها ، وضمن المؤسسة الامنية العراقية هناك اكثر من رؤية في هذا الشأن ".
واستطرد قائلا :" لنا رؤية وقد دافعنا عنها ، وتتمثل باننا نرى من مصلحة العراق بناء علاقات الصداقة والجوار ، ومن الاجدر ان نعالج هذه المسائل عبر الحوار ونجلس وجها لوجه ونطرح الامور ونناقشها ، فالله منح الإنسان القدرة على الحوار لذلك اعتقد ان سياسات الخصومة والحروب والعداء لاثارة الفتن لم تجلب للعراق في الزمن السابق الا الدمار والخراب والعداوات مع دول المنطقة ، ولم تكن مجدية ، وها نحن نجد اليوم العراق بلد الثروات الهائلة ، يعيش في ظروف خدمية ومعيشية اسوأ بكثير من بلدان فقيرة مجاورة ".
واشار الحكيم الى " ان هذا كله يدفعنا الى ان نصحح المسارات وان نطرح رؤية جديدة ونرفع شعار الصداقة مع دول المنطقة ".
وتابع :" اليوم نعاتب كعراقيين لماذا ننفتح على ايران كدولة جارة ، ولعل بعض الاصوات في الوطن العربي تعتقد ان العراق كلما ابتعد عن ايران امكنه ان يكون قريبا مع العرب ، مع اننا ندافع عن علاقتنا مع ايران ولنا معها مصالح كدولة جارة ، نقول ان مصلحتنا الوطنية تتطلب ان نكون ايجابيين معها وفي الوقت نفسه الانفتاح مع جميع الدول المحيطة بنا ".
وحول التفجيرات التي استهدفت بغداد في الاشهر الاخيرة ، قال :" لاشك ان العمليات الإرهابية على مدار السنوات الست الماضية لم تكن ذات طابع جنائي فهي ذات خلفيات سياسية ، لذلك كلما طرح موضوع المصالحة او الحوار ، كلما هدأت هذه العمليات وتراجعت ".
واضاف :" هناك اطراف تسعى لان تستخدم الارواح البريئة طريقا للوصول الى مكاسب سياسية ، وهذا ما يسجل في جرائم الصداميين ، اذ انهم يقتلون الناس للوصول الى الحكم ، ونحن حينما كنا في المعارضة لم نقتل أي مواطن ولا نستهدف المنشآت المدنية , كنا نستهدف المؤسسات العسكرية واستطعنا الدخول الى بغداد وندك القصر الجمهوري وحاولنا اغتيال نجل صدام لكننا لم نستهدف أية منشأة مدنية " .
وتابع :" ان اكثر الاختراقات موجودة في المؤسسات العسكرية وقد تكون في المدنية ايضا ، ونرى انه اذا كان احد المواطنين يحمل قنينة عطر ويؤشر جهاز كشف المتفجرات ، ترى كيف لا يكتشف الجهاز اطنان المتفجرات ، ما يدل على وجود تواطؤ في هذا الامر ".
وعن التداعيات الاخيرة لسيطرة ايران على بئر في حقل الفكة النفطي في ميسان وموقف المجلس الاعلى منها ، قال الحكيم :" ان المجلس الاعلى بذل جهودا من اجل حل الاشكاليات التي حدثت مع ايران نتيجة دخول قواتها الى حقل الفكة في ميسان ".
واضاف :" ان في كل خطوة يكون العراق بحاجة الى ان نقف وندافع عنه وعن حقوقه فاننا سوف لن نتردد في وقت من الاوقات ".
واستطرد قائلا :" اننا قد نختلف عن البعض الاخر في ردة الفعل وفي آليات الحركة سواء كان في ملف ايران او سوريا او الكويت او السعودية او أي ملف اخر من الملفات ، ولا نعتقد ان التصريحات النارية والخطابات المثيرة والاتهامات السريعة هي الحل او انها ممكن ان تدافع عن مصالح العراق ، وان ما نعتقده ان مثل هذا المنهج هو الذي يعقد الامور ولا يحلها ".
واوضح الحكيم :" ان علينا في حال حصول توترات او اشكاليات خارجية ، الذهاب الى المداخل الصحيحة للحل ونعالج الامور بعيدا عن التشنج والظهور الاعلامي".
وتابع :" حالما سمعنا بدخول قوات ايرانية الى حقل الفكة ، قمنا بخطوات سريعة في هذا الاتجاه واجرينا اتصالات مع المسؤولين الايرانيين ، ولا نتحدث بذلك من باب المّنة وانما هذا واجب ، فقد فوجئنا بدخول هذه القوات الى حدودنا وواجبنا يحتم علينا ذلك ".
واشار الى " ان سرعة الحل لم تكن نتيجة التصريحات الاعلامية المتشنجة بقدر ما تم من خلال الجهود التي بذلت من قبل عدد من القوى المخلصة في التواصل وحل الاشكاليات عبر الحوار المباشر ".
https://telegram.me/buratha