في واحدة من المرات النادرة التي يتحدث فيها وزير المالية الحالي ووزير الداخلية السابق باقر جبر الزبيدي , عن فترة توليه وزارة الداخلية في فترة عصيبة من تاريخ العراق وما اثير حول هذه الفترة من جدل , تحدث الزبيدي في مقابلة مع صحيفة الاهرام المصرية حول هذه الحقبة , كاشفا أنه ينوي نشر كتاب حول هذه الفترة.
وقال الزبيدي لصحيفة الاهرام المصرية : "أنا بصدد الاعداد لنشر كتاب عن الداخلية في هذه الفترة, وسيكون كتابا موثقا بالوثائق, ففي وزارة الداخلية اشيع أن وزير الداخلية باقر الزبيدي أو بيان جبر ـ اسمي الذي استخدمته لحماية أهلي من بطش النظام السابق ـ طائفي, أنا مدير مكتبي الإعلامي ومدير الشئون والإعلام بوزارة الداخلية وهو معي الآن في وزارة المالية العميد عدنان الجبوري وهو سني وهو من أقرب الأشخاص الي, هذه هي طبيعتي وأنا أقول إن ما حصل من عمليات إرهابية بالعبوات الناسفة والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة كلها كانت تستهدف طائفة دون غيرها ولم نسمع بسيارة مفخخة استهدفت مناطق غير شيعية هذا التوجه الذي بدأه تنظيم القاعدة وبقايا الصداميين خلق جوا طائفيا بصراحة, ونحن كرجال أمن وانا كوزير داخلية سنواجه الإرهاب مهما تكن هويته شيعية أو سنية فهذه مهمتي لحماية الناس, إذن المهمة كانت صعبة لأننا كنا نعيش في حالة انتقال معقدة.
واضاف الزبيدي :" بدأت العمل في الداخلية وقد تم تعيين120 ألف شرطي وكان المطلوب أن نصل بالعدد الي نصف مليون شرطي علي الأقل, وقد بدأنا من الصفر لأن بريمر حل كل قوات الشرطة والجيش وهذا خطأ فادح وأنا ضده, ولماذا يتم حل الأجهزة الأمنية الوطنية من شرطة وجيش, وقد يكون هناك صداميون ولكن يمكن احالتهم للتقاعد واعطائهم رواتب تقاعدية.
وبدأت أنا ووزير الدفاع وقتها سعدون الدليمي في التطوير, وهناك رسائل تسلمتها من الحزب الإسلامي يطلبون مني ضم عرب سنة حتي يكون هناك توازن, وأنا كنت فرحان جدا بذلك, فبدأنا في عمليات التطويع ودمجنا العناصر السنية والشيعية في معسكرات, وما حصل هو أن فتوي صدرت من بعض المراجع الدينية السنية بتحريم العمل في الشرطة والجيش, واتذكر أنه تطوع من خلال الحزب الإسلامي1000 شخص ومن خلال عدنان الدليمي1000 لم يبق منهم إلا200 فقط, وعندما أنهوا التدريب تركوا لأنهم عندما رجعوا الي مناطقهم هددوهم, وأؤكد أنه لا يمكن لطائفة أن تستفرد بحكم العراق لأن الجميع سنه وشيعة واكرادا هم العراق والكل يجب أن يعمل معا وهو ما عملت عليه.أما مسألة الدمج فهي قرار متخذ في الجمعية الوطنية وقرار رئيس الوزراء وقتها الدكتور إبراهيم الجعفري وتم دمج كل المعارضة العراقية التي كانت تمتلك قوات قاتلت النظام العراقي السابق".
وعن تقييمه لتلك المرحلة قال الزبيدي " أنا عملت وزيرا للداخلية سنة واحدة بجانب الدكتور سعدون الدليمي وزير الدفاع وكان يرأسنا القائد العام للقوات المسلحة الدكتور إبراهيم الجعفري, وكنا نعمل كفريق عمل واحد وكل ما حصل هو انفلات للعنف وعندما حدث تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء في فبراير2006 شعرت بأن فتنة كبري تريد القاعدة أن تشعلها في هذا البلد لإحداث صراع طائفي بعد أن فشلت السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة, كانت تريد أن تنشئ صراعا خطيرا عندما تستهدف المقدسات الشيعية, وسمعت بمجساتي الاستخبارية أن هناك استعدادات في مدينتي الصدر والشعلة في مناطق أخري, كل يتهيأ بسلاحه للتحرك نحو سامراء في مظاهرة تقدر علي الأقل بـ5 ملايين ومدينة سامراء بأغلبيتها العظمي سنية فقمت علي الفور وتوجهت الي سامراء وهدأت الجميع وطمأنتهم وهو ما كان محل اشادة من السياسيين العراقيين وأصدرت امرا بقتل أي مسلح ومنع هذه الفتنة
وعن الدور الايراني في العراق قال الزبيدي :" أنا كوزير داخلية لمدة سنة لو علمت أن إيرانيا يدخل العراق ويعمل أي عمل ضد أي عراقي والله كنت أكسر ظهره لأن مهمتي حماية الأمن وأن أمنع أي دولة تتدخل في الشأن العراقي, ووزير الدفاع وقتها زار إيران وأنا لم أزرها وكان هناك عتب إيراني علي كوني وزير أمن شيعيا ولم أزرهم في الوقت الذي زارهم وزير الدفاع وهو سني, ولم ازر إيران إلا عندما كنت وزيرا للمالية وحصلت علي قرض قيمته مليار دولار علي أربعين سنة وهي الزيارة اليتيمة لإيران".
وعن الأساس لعودة الاستقرار الدائم للعراق و موقفه من البعثيين, قال الزبيدي :" الوحدة الوطنية والعمل عليها من خلال الأحزاب والبرلمان ومن خلال الاخوة التي كانت ويجب أن تعود, وكل بعثي لم تتلطخ يده بدماء العراقيين هو ابن لهذا الشعب ويأخذ دوره في إعادة البناء".
وعن نظرته الى الانتخابات القادمة ومن يتحمل المسئولية عن الجرائم الطائفية , قال الزبيدي :" الانتخابات عرس وطني والآن هناك معطيات جديدة وتطور في العملية السياسية وهو متمثل في وجود قوائم تضم العراقيين من مختلف انتماءاتهم السياسية والمذهبية والعرقية وتطرح مشاريعها المستقبلية علي أسس وطنية وهو أمر سيحدث بلا أدني شك لأن العراق طوال مئات السنين لم تحدث فيه مشكلة طائفية مثل باكستان, لأن العشيرة العراقية الواحدة بها شيعة وسنة ومنها عشيرتي( زبيد) وهكذا بقية المناطق في البصرة والناصرية, وابني الأكبر محمد متزوج من سورية سنية وهي تعيش معي في نفس البيت, وشقيقتي زوجت اثنتين من بناتها بعد موافقتي وكنت وقتها في المعارضة لاثنين من ابناء السنة, وأعتقد أن ما حدث بعد2003 يتحمل مسئوليته الأمريكان وصدام حسين وبعض الممارسات التي حدثت من بعض الأحزاب, وأعترف بأنها اخطاء فادحة كلفتنا الكثير وهذه الاخطاء بدأنا تداركها. والآن العملية السياسية بدأت تسير مسارا مختلفا تماما باتجاه الوحدة الوطنية وتغليب الهم الوطني علي الهم الطائفي والقومي".
https://telegram.me/buratha