النجف الاشرف / آلاء الشمري
شهدت محافظة النجف في الآونة الأخيرة ارتفاع عدد سيدات الأعمال فيها وهذا ما جعل هؤلاء النساء يطالبن بتخصيص مصرف نسائي لهن لممارسة تعاملاتهن التجارية مع المصرف بحرية وسهولة وعلى اثر ذلك تم افتتاح مصرف بابل للنساء في النجف ليكون أول مصرف نسائي في العراق ولعل استتباب الأمن والأمان في هذه المحافظة ساعد في أن تكون النجف سباقة في تفعيل فكرة إنشاء هذا المصرف.
فتح اعتمادات مع دول الخارج
كان للمركز الإعلامي للبلاغ جولة بين أروقة مصرف بابل للنساء وبين الموظفات ، وبدأنا الجولة مع السيدة أميرة عيسى مديرة فرع النساء لمصرف بابل لتحدثنا عن المصرف قائلة: مصرف بابل للنساء افتتح يوم 18/ 10/ 2009 ولم نكن نتوقع أن المصرف سيلاقي إقبالا من النساء ، لكننا تفاجئنا من اليوم الافتتاحي للمصرف بحضور واسع للنساء وقد تجاوزت الحسابات التي فتحت للنساء لغاية الآن ستين حسابا ، مابين فتح توفير وجاري للعملتين الدينار العراقي والدولار الأمريكي ، وفكرة هذا المصرف تتلخص في فتح قروض لسيدات الأعمال وهذه الفكرة أتت بناءا على طلب من سيدات الأعمال في محافظة النجف لأنهن طلبن افتتاح فرع خاص بهن لتسهيل تعاملاتهن التجارية ، والحمد لله كان التوافد كبير من قبل النساء والمصرف ساعد سيدات الأعمال في فتح اعتمادات مع دول الخارج ، مثلا جاءت امرأة صيدلانية أرادت استيراد معدات طبية من الدول الأوربية والمصرف ساعدها على إجراء التعامل المالي مع تلك الدول ، وهناك أيضا مهندسات أردن فتح مكاتب هندسية لهن وقدمن دراسة لمشروعهن ليتم منحهن قروض من المصرف تساعدهن في إنشاء مشاريعهن ، ونتأمل إقبال اكبر من سيدات الأعمال خدمة لمدينة النجف وتطورها.
وتوجهنا بالسؤال إلى السيدة أميرة عن سبب طلب النساء لافتتاح مصرف خاص بهن ، وعن السؤال بادرت السيدة أميرة بالإجابة قائلة: المرأة العراقية وخاصة المرأة النجفية كانت مظلومة في زمن النظام البائد فآن لها اليوم أن تتحرر من ذلك الظلم وتطالب بما تجده مناسبا لها ويسهل تحركها ، فالنساء الآن يشعرن براحة تامة أثناء التعامل مع موظفات المصرف.
وعن عدد الكادر في مصرف بابل للنساء والتوقعات في فتح مصارف نسويه مشابهة في محافظات العراق الأخرى تحدثت السيدة أميرة قائلة : عدد الكادر في مصرف بابل للنساء هو ستة نساء وهذا العدد كافي حاليا ونحن مسيطرين على الوضع في المصرف ، لكن بالمستقبل إذا ازداد الإقبال على المصرف بشكل لايمكن معه السيطرة سوف يتم تعيين نساء أخريات كموظفات في المصرف ، أما عن التوقعات لفتح مصارف نسوية في المحافظات الأخرى فهذا يتوقف على نجاح هذه التجربة الجديدة ليتم تطبيقها في المحافظات الأخرى ونحن نتوقع خيرا إن شاء الله .
لاقينا تأييد كبير من قبل المجتمع ألنجفي
جولتنا الثانية كانت مع إقبال محمد مسؤولة قاعة في مصرف بابل للنساء فقد تحدثت عن ردود أفعال النساء والمجتمع بصورة عامة حول افتتاح هذا المصرف قائلة: يعتبر افتتاح هذا المصرف فكرة نادرة في العراق كانت محافظة النجف أول مكان تفعل فيه هذه الفكرة لإنشاء مصرف نسائي ، فالمعروف عن محافظة النجف أنها محافظة يغلب عليها الطابع الديني ولذلك طالبت سيدات الأعمال في المحافظة بتخصيص مصرف لهن ، وتم الحصول على الدعم والموافقة من البنك المركزي العراقي، وإنشاء مشروع مصرف نسائي هو من باب دعم للمرأة العراقية بصورة عامة والنجفية خاصة ، فالمرأة النجفية لازالت تعاني من التقوقع في بيتها لتلبية متطلبات الرجل وتربية الأطفال ، والرجل بطبيعة الحال غير متفرغ لجلب المرأة إلى المصارف لفتح حساب باسمها ، ولذلك فان المصرف النسائي سيحل هذه المشكلة وتستطيع المرأة أن تأتي بنفسها بدون الحاجة إلى ترك الرجل لعمله والمجيء مع المرأة ، وكذلك فان الصرف لم يقتصر على النساء في محافظة النجف بل يعم كل النساء في العراق من سيدات الأعمال ، وربات بيوت وأي مواطنة عراقية في أي محافظة تحب التعامل مع مصرف بابل للنساء.
واستكملت إقبال حديثها قائلة: تفاجئنا بوجود تفاعل كبير بين النساء المراجعات والموظفات في المصرف والسبب أن الطرفين توجد بينهما لغة التفاهم سهلة .
وعن ردود الأفعال بالنسبة للمجتمع بخصوص إنشاء مصرف نسائي تحدثت إقبال قائلة: لاقينا تأييد كبير من قبل المجتمع ألنجفي فالمرأة عندما تأتي للمصرف وتلاقي سهولة بالتعامل تنقل هذه الفكرة إلى زوجها أو إلى أي فرد في العائلة وهذا ما يعكس ردود فعل ايجابية لدى المجتمع ، وكذلك وجدت المرأة أن لديها نطاق واسع من الحرية حتى أنا كمسؤلة قاعة اشعر بذلك ، فقد عملت في قطاعات مصرفية مختلطة ومارست العمل المصرفي لكن بعد أن عملت في مصرف بابل للنساء وجدت فرق كبير في حريتي وراحتي في العمل ، فالآن استطيع أن أوجه الموظفة بالعمل لكن لو كان لدي موظفين رجال لا استطيع توجيههم فالمجتمع ألنجفي مجتمع ذكوري ولا يتقبل الرجل التوجيه من المرأة حتى وان كانت رئيسته في العمل.
للمرأة أن تجلب ابنتها الصغيرة وتفتح لها حسابا
التقينا بأمل فاضل إحدى الموظفات في مصرف بابل للنساء فقد تحدثت عن عملها في المصرف قائلة: عملي يختص بحسابات التوفير والجاري وباعتباري بتماس مع المراجعات فاني ألاحظ أن الإقبال جيد على المصرف رغم أن افتتاح المصرف لم يكن من مدة طويلة ، فالفكرة لازالت جديدة والمواطنات اللاتي يراجعن المصرف يشعرن بالراحة خاصة وان مصرف بابل للنساء تميز عن غيره من المصارف الأخرى بأنه يسمح للمرأة أن تجلب ابنتها الصغيرة وتفتح لها حسابا في المصرف ، في حين المصارف الأخرى لا تسمح بذلك إلا بعد أن يبلغ الشخص سن الثامنة عشر.
وأضافت أمل قائلة: أنا كموظفة أيضا اشعر براحة في التعامل مع المراجعات فانا كنت اعمل في مصارف أخرى مختلفة وكانت في العمل صعوبات وتقيد ، لكن الآن أنا منفتحة بتعاملي مع النساء ، والمصرف لم يقتصر على فئة من النساء دون الأخرى بل تأتي إلى المصرف سيدات أعمال ونساء أخريات يودعن أموال في المصرف كحساب توفير أو حساب جاري.
ارتحت عندما دخلت المصرف
التقيا بإحدى المراجعات في مصرف بابل للنساء وهي أم غسان التي تحدثت عن سبب زيارتها للمصرف قائلة: سمعت كثيرا عن هذا المصرف وأردت أن اعرف عنه أكثر فأتيت لأسال الموظفات عن الإجراءات اللازمة لعمل إيداع في هذا المصرف لي ولبناتي ، وحقيقة ارتحت عندما دخلت المصرف لأني وجدت الوجوه كلها نسوية فأصبحت أتجول بحرية بين هذه الموظفة وتلك دون تقيد ، كما أني لاقيت معاملة طيبة من قبل الكادر في المصرف فأنهن متعاونات جدا .
وأضافت أم غسان قائلة: انه لأمر رائع أن يتم فتح فرع مصرف للنساء فقط كي تستطيع النساء وخاصة سيدات الأعمال أن يكون لهن مصرف للتعامل بسهولة وحرية ، كما أن المرأة ستكون قادرة أن توازي الرجل في أن يكون لها تعامل تجاري وتمارس هذا العمل الذي كان يقتصر على الرجال ، لكن الآن لدينا سيدات أعمال بحاجة إلى دعمهن من خلال جعل مصرف نسائي يتحركن فيه بيسر وحرية.
الرجال أصبحوا يشجعون نسائهم للمجيء
أما أم زينة فهي صاحبة صالون الحلاقة والتجميل النسائي زهرة الخليج وقد عبرت عن فرحتها بوجود مصرف للنساء فقط قائلة: المصرف قريب من صالوني ولذا فاني عندما افتتح المصرف كنت أمر منه وأقرا مصرف بابل للنساء تغمرني فرحة عارمة حيث إننا لم نسمع أو نرى يوما أن هناك مكان مخصص للنساء ، وقد يكون هذا المصرف خطوة أولى تمارس من خلالها النساء حريتهن في التعامل ، فهناك نساء يمنعهن أزواجهن من التعامل مع المصارف التي يكون فيها رجال ، والآن وبعد فتح المصرف ستكون مراجعة النساء أفضل والرجال أصبحوا يشجعون نسائهم للمجيء إلى هذا المصرف .
واستكملت أم زينة حديثها قائلة: إن هذا المصرف يعد أول خطوة لإعطاء النساء كل حقوقهن المسلوبة ، فافتتاح هكذا مشروع يبين أن المرأة أصبح لها دور مميز في المجتمع في الوقت الذي تناسى الكثيرين هذا الدور المهم ويعتبرون المرأة مهمشة لكن جاء إنشاء المصرف النسائي ليذكر المجتمع بضرورة الاهتمام بقضايا تخص المرأة وتفيدها.
عقود مضت والمرأة العراقية عانت ما عانت خلالها من التهميش والتأخر عن مثيلاتها في دول العالم ليأتي اليوم الذي تؤخذ فيه خطوة جدية في إرساء القواعد التي ترفع من أهمية المرأة وتنادي بضرورة جعلها مرتكزا أساسيا في الحياة.
https://telegram.me/buratha
