أجرت صحيفة ملادا فرونتا (دنس) الجيكية في عددها الصادر يوم 14/10/2008 على هامش الزيارة التي يقوم بها سماحة السيد عمار الحكم الى التشيك.
واستهلت الصحيفة نشرتها بمقدمة قالت فيها :
يعطيك انطباع المثقف اللين العريكة، أكثر من كونه الرجل القوي الذي يعرف كيف يحقق النظام على المسرح العراقي المثخن بالجراح. إلا أن عمار عبد العزيز الحكيم الذي لجأ مع أسرته إلى إيران هربا من سطوة النظام العراقي السابق (نظام صدام حسين) في عام 1979 هو الذي يشارك بحق ويعمل على أن يتمتع العراق بالأمن بعد خمس سنوات من الحرب فيه. وهو الذي يقول من موقعه كنائب لرئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق وصاحب الكلمة التي لها ثقلها في العراق يقول: " إن قواتنا الأمنية مازالت غير قوية لدرجة أنه يمكننا تحقيق الأمن بدون مساعدة القوات الأجنبية، ولكن خبراء الحكومة يقولون أنه في عام 2011 يمكن أن تنضج اللحظة المناسبة لخروج القوات الأمريكية".
المقابلة:
الصحيفة: بماذا تفسر أن العراق الذي أتخمه العنف ولمدة غير بعيدة قد هدأ الآن؟
السيد عمار الحكيم: عندنا ( في العراق ) لم تقم حرب أهلية، بل قامت حرب ضد الأهالي، حرب ضد المواطنين في الشوارع. وقد قام بهذه الحرب متطرفون يتسترون بستار الإسلام، وربما ظن البعض أنهم يحاربون نيابة عنه ومن أجله، ولكنهم أخطأوا كثيرا.
الصحيفة: ولكن عدد أولئك الذين أخطأوا لم يكن قليلا.
السيد عمار الحكيم: في البداية لم يكن للمواطنين عندنا موقف موحد، فالبعض قام بحماية منظمة القاعدة، وبحماية المتطرفين. ولكن فيما بعد تم الاتفاق على أن عدونا الحقيقي هم هؤلاء المتطرفين، وهذا ما أدى إلى تغييرات كبيرة.
الصحيفة: هنا في أوربا نقول إن تعزيز الولايات المتحدة لقواتها في العراق هو الذي قلل من أعمال العنف؟
السيد عمار الحكيم: للقوات الحليفة دورها بكل تأكيد، بعض المقاتلين السابقين ( من الصحوة ) يحصلون على أجور من الأمريكيين مقابل قيامهم بأعمال الحراسة في الشوارع والمحافظة على الهدوء وقد كان هذا الأمر هاما.
الصحيفة: وما الذي سيحصل عندما تتوقف هذه الأجور؟
السيد عمار الحكيم: هناك بعض المجموعات لم تعد تتلق مثل هذا الدعم المادي من الأمريكيين. وكل من توافق عليه الحكومة العراقية يمكنه أن يدخل الجيش العراقي، أما الآخرون فيمكن أن يجدوا مكانهم في الحياة المدنية.
الصحيفة: إن لحزبكم علاقات تاريخية مع إيران، ومن إيران بالتحديد حصل الإرهابيون على الدعم – هذا ما كان الأمريكيون يؤكدونه دائما على الأقل- فهل هذا صحيح؟
السيد عمار الحكيم: كثيرا ما تتردد أمور لها خلفيتها السياسية، فالإرهابيون يدخلون العراق من كل اتجاه، وحدودنا واسعة جدا ومن غير الممكن مراقبتها، ولا يوجد دولة واحدة يمكنها أن تقول أنها دعمت الإرهاب بشكل فعال.
الصحيفة: الأمريكيون يؤكدون أن المخابرات الإيرانية تدعم الثائرين في العراق؟
السيد عمارالحكيم: عندما سمعنا أمرا كهذا تحدثنا مع الجانب الآخر، وطلبنا أن لا يتدخلوا في القضايا العراقية الداخلية.
الصحيفة: هذا الجانب الآخر ، تقصدون به إيران؟
السيد عمار الحكيم: ليس إيران وحدها، فهناك دول أخرى قيل عنها أنها تسمح بدخول الإرهابيين عبر حدودها إلينا، وقد تحدثنا مع هذه الدول سرا إذ أننا لم نشأ أن تصل هذه المباحثات إلى الإعلام.
الصحيفة: هل يمكنك أن تقدم لنا مثالا عن اعتراضكم على إيران بأنها تسمح بدخول الإرهابيين؟
السيد عمارالحكيم: إن حلفاءنا يقولون لنا دائما أنهم لا يريدون التدخل بشؤوننا الداخلية، ونحن طلبنا منهم أن يكونوا أكثر فاعلية، وأنت تعلم أننا كأي حكومة أخرى لا بد من أن نلتزم بقواعد الحوار الدولية. ولكن لماذا تهمك إيران إلى هذا الحد؟
الصحيفة: لأن طهران تعتبر في نظر الأوربيين وفي نظر الولايات المتحدة مسببة للقلاقل في الشرق الأوسط، ولأن حزبكم يتمتع بعلاقات تاريخية مع إيران.
السيد عمارالحكيم: اقول لك أننا نريد أن نتفق لا أن نختلف، ولذا طالبنا دائما أن يكون بين الأمريكيين والإيرانيين حوار ما، وهذا ما يضمن لنا عدم انخراط العراق في الصراع القائم في منطقتنا، أننا نريد أن نكون أصدقاء للجميع في تلك المنطقة.
الصحيفة: ولكن هل يريدون هم أن يكونوا أصدقاء لكم اقصد للعراق الديمقراطي الجديد؟
السيد عمارالحكيم: إذا أصبحنا دولة موحدة قوية فسيسارع الآخرون إلى صداقتنا.
الصحيفة: ما هو العائق الأكبر للصلح بين السنة والشيعة؟
السيد عمارالحكيم: الصلح أصبح يسير على الطريق الصحيح، وأنا شخصيا كنت في تكريت الأسبوع الماضي، وهي مسقط رأس صدام حسين، وقد استقبلنا السنة هناك استقبالا حسنا، وإلى أمد غير بعيد لم يكن مثل ذلك الأمر ممكنا.
الصحيفة: لا بد أنك تحدثت معهم عما ستقومون به لاحقا، فهل يعتبر الزعيم الشيعي المتطرف مقتدى الصدر هو العائق الأكبر؟
السيد عمارالحكيم: لا هو لم يعد عقبة، كلنا نريد أن يطوي صفحة الماضي ونبدأ حياة جديدة.
الصحيفة: أرجو أن لا تغضب مني، فأنا لم أفهم ذلك. فحتى قبل العام الماضي كان العراق غارقا في الدماء، وكانت الحروب الطائفية في كل مكان منه، وفجأة تتعانقون وتريدون حياة جديدة؟
السيد عمارالحكيم: ولكنني قد قلت لك انه لم تكن في العراق حرب أهلية، بل إن العالم هو الذي كان يظن ذلك فحسب، انظر إلى الدول التي حدثت فيها حروب داخلية. لقد وجدت فيها إما حركات كبرى أو منظمة تابعة للدولة قامت بالعمل على التحريض والتحاقد. وهذا لم يحدث في العراق، فالقتلة كانوا تابعين لمنظمات محددة. وعندما قضينا عليها عادت الحياة طبيعية.
الصحيفة: أنت بنفسك هل قضيت كل سنوات الحرب في العراق؟
السيد عمار الحكيم: نعم، منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003عدت إلى العراق. عشت أربع سنوات في النجف، والآن أنا ومنذ عام أسكن في بغداد، والآن أقوم بزيارات لمدة عشرة ايام في دول العالم، وهذه اطول مدة أقضيها خارج العراق منذ عام 2003.
الصحيفة: وخلال هذه المدة ألم يصيبك الإحباط – ولو لمرة واحدة – أن هذا البلد لن تعود الحياة الطبيعية إليه؟
السيد عمارالحكيم: لم افقد الأمل أبدا، ولا حتى ليوم واحد، وقد كانت أصعب اللحظات هي لحظة اغتيال عمي آية الله محمد باقر الحكيم، وقد حدث ذلك في آب عام 2003 في النجف الأشرف في مرقد الإمام علي . وفي هذا العمل الإرهابي قضى نحبهم حوالي مائة آخرون.
الصحيفة: ما الدور الذي على العلماء أمثالك أن يلعبونه في الحياة السياسية في العراق؟
السيد عمار الحكيم: كان الناس بحاجة ماسة لدعم رجال الدين في اللحظات العصيبة حيث كانت القنابل تنفجر في كل مكان، وكذلك كانت مساعدتهم ضرورية عندما تمت كتابة الدستور الجديد للبلاد، ولكنني أرى أنه ليس لرجال الدين أن يتدخلوا في الحياة اليومية للمواطنين، لأن ذلك هو عمل الأحزاب السياسية.
الصحيفة: وهل سينطبق ذلك عليكم؟ هل ستنسحب أنت من الحياة السياسية؟
السيدعمارالحكيم: تعليمنا يخولنا للأمرين معا ، الحياة الدينية والحياة السياسية.
الصحيفة: هل يعتبر شكل النظام الإيراني، حيث السلطة الأكبر لرجال الدين، نموذجا يمكن استخدامه في العراق؟
السيد عمارالحكيم: أقول بكل تأكيد لا, فالعراق يختلف عن إيران، ونحن دولة عربية كما توجد لدينا أقليات دينية كثيرة، إضافة إلى أننا لا نجبر أحدا على الالتزام بالدين. نقول للناس ما الذي عليهم فعله، ولكن يبقى على كل شخص أن يقرر ما يريد، ولكن الأساس والأهم هو الانتخابات الحرة هي التي تقرر سياستنا في العراق.
جدير بالذكر ان السيد عمار الحكيم يقوم بجولة اوربية شملت دولة بلغاريا والتشيك والبرتغال.
https://telegram.me/buratha