اتخذ مجلس القضاء الأعلى خطوات حثيثة الشهر الحالي ضمن خطته لمكافحة ظاهرة المخدرات، إذ شملت محورين؛ الأول يتعلق بتوجيه المحاكم بإيداع المتهمين بالتعاطي في مراكز تأهيل علاجية بعيدا عن الاختلاط ببيئة السجن، بينما يتعلق المحور الثاني بإنشاء مراكز تأهيل لمعالجة المدمنين من خلال تبرع المجلس بأراض وعقارات عائدة له، حيث ذكر مجلس القضاء الأعلى أنه "انطلاقا من اهتمام القضاء في مكافحة ظاهرة تعاطي المخدرات التي أصبحت تشكل خطرا على أبناء المجتمع، قرر مجلس القضاء الأعلى التبرع بالعقارات الفائضة عن الحاجة وغير المستغلة المملوكة أو المخصصة للمجلس إلى الجهات المختصة في وزارتي الداخلية والصحة". وبيّن أن "ذلك جاء لغرض بناء مصحات علاجية لمعالجة متعاطي المخدرات بغية القضاء على هذه الظاهرة الخطرة"، داعياً "المستثمرين والمتبرعين لبناء هذه المصحات بالتنسيق مع الجهات المختصة".
وفي توجيه آخر للمجلس، فقد تم الإيعاز إلى كافة المحاكم لغرض تفعيل أحكام المادة 39 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 بدلا من المادة 33 وإيداع كل من يثبت إدمانه على المخدرات والمؤثرات العقلية في إحدى المؤسسات الصحية بدلا من الحكم بالحبس أو السجن.
وفي ذات السياق، أجرى القاضي محمد حنظل عزيز الشمري رئيس محكمة استئناف واسط زيارة الى مركز معالجة متعاطي المخدرات ومدمنيها التابع لمديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في واسط، مؤكداً على ضرورة تنفيذ الخطة الإستراتيجية الخاصة بمكافحة المخدرات ومعالجة المدمنين وتأهيلهم لدمجهم في المجتمع مرة أخرى.
وأوضح رئيس محكمة استئناف واسط إنه وبحسب الاعمامات الواردة من مجلس القضاء الأعلى التي تؤكد على تفعيل المادة (39) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنه 2017 بدلاً من المادة (33) من القانون نفسه، شرع بإقامة ورشة عمل مع وزارة الداخلية لتفعيل هذه المادة وذلك بإيداع من يثبت إدمانه على المخدرات والمؤثرات العقلية في احدى المؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة بأمر قضائي وإخراجه بأمر قضائي أيضاً ويكون مستنداً الى تقرير طبي بدلاً من الحكم بالحبس أو السجن لدمجه بالمجتمع والقضاء على هذه الآفة التي ضربت العالم أجمع ومنها العراق.
واكد القاضي محمد حنظل خلال زيارته مركز تأهيل ومعالجة المتعاطين والمدمنين التابع لمديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في واسط بأنه "بات لازماً وضرورياً إنشاء مؤسسات صحية نفسية تعني بمتعاطي ومدمني المخدرات والمؤثرات العقلية في كل محافظة، وذلك لخطورة الأشخاص المتعاطين للمخدرات وان إمكانية نقلهم الى المؤسسات الصحية خارج المحافظة يشكل خطورة أمنية إضافة الى تسهيل مراقبتهم والإشراف عليهم من قبل المحاكم المختصة مكانياً بعد الاطلاع على التقارير التي ترفعها اللجنة الطبية المختصة التي تنشأ لهذا الغرض".
فيما أشار الى انه "في حالة رفضه العلاج المقرر تقرر المحكمة ايداعه بالحبس عملاً بأحكام المادة (39 / ثالثاً) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017".
وأضاف ان "هذا المركز يعد واحداً من المصحات التي أنشئت لهذا الغرض إذ توجد في كل محافظة وقيادة شرطة مصحة خاصة لمعالجة المتعاطين والمدمنين وتتضمن برنامجين، الأول طبي والآخر تأهيلي، الأول تم إعداده ومصادقته من قبل اللجنة العليا للأمراض النفسية في وزارة الصحة، والثاني تمت المصادقة عليه من قبل وزير الداخلية يتضمن النهوض المبكر من المنام بخطة مدروسة لتأهيل المتعاطي وإعادته ودمجه بالمجتمع".
وتابع حنظل ان "الطاقة الاستيعابية لمركز تأهيل المتعاطين والمدمنين التابع المديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في واسط هو (172) وان المودعين حالياً هم (54) محكوم مودع في المركز وفق المادة (39) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنه 2017 وذلك باستبدال العقوبة المفروضة بحقهم وفق المادة (32) مخدرات الى ايداع المحكوم في مركز تأهيل ومعالجة مدمني ومتعاطي المخدرات لمدة ستة اشهر على ان تقوم اللجنة الطبية المختصة بتقديم تقريرها بشان المحكوم المودع ومدى تحسين حالته النفسية وتعافيه من الادمان خلالها وعند تقديم اللجنة الطبية المختصة تقريرها بتحسن حالة المحكوم وتعافيه من الادمان يتم الافراج عنه بقرار من قاضي محكمة الجنح المختصة".
وكذلك بيّن ان "المودعين في مركز تأهيل ومعالجة مدمني ومتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية في واسط والبالغ عددهم (54) محكوما وفق المادة (32) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنه 2017، وهم محكومون من قبل محاكم الجنايات في واسط الهيئة الأولى والهيئة والثانية ومحاكم الجنح التابعة الرئاسة محكمة استئناف واسط وتم ايداعهم في مركز تأهيل ومعالجة مدمني ومتعاطي مخدرات واسط بغية معالجتهم وعدم اختلاطهم بالموقوفين والمحكومين المتاجرين بالمواد المخدرة وفق المادة (27) والمادة (28) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنه 2017".
وطالب حنظل المؤسسات الإصلاحية إلى "الالتفات لمعالجة مشكلة اختلاط المحكومين عن جريمة تعاطي المخدرة والمؤثرات العقلية مع المحكومين عن جريمة المتاجرة بالمواد المخدرة كون الابقاء عليها يؤدي الى تحول المتعاطي لتاجر مخدرات في المستقبل وبذلك تتفاقم جريمة المخدرات ويفقد القانون الغرض الذي شرع من اجله".
مقترحاً، "إنشاء وزيادة مراكز تأهيل المتعاطين والمدمنين وتجهيز هذه المؤسسات والمصحات بأحدث الأجهزة الحديثة الطبية والترفيهية وفي المحافظات كافة لمعالجة المتعاطين للمخدرات والمؤثرات العقلية ومتابعتهم صحياً من قبل كادر طبي متخصص من وزارة الصحة، لضمان عودتهم إلى ممارسة حياتهم الطبيعية في المجتمع ودمجهم ليكونوا أناسا صالحين فيه فضلاً عن التركيز على الجانب العلاجي الإصلاحي وليس العقابي، ولاسيما فئة المتعاطين والمتورطين والمغرر بهم، حفاظا على الأمن الصحي والمجتمعي لأفراده، كون آفة المخدرات لها أضرار جسيمة من النواحي النفسية والصحية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع، فضلاً عن النواحي الأمنية، بحسب صحيفة القضاء.
https://telegram.me/buratha