طالب الأحمد ||
لم يغادرني الحزن في عيد الولاية للإمام علي عليه السلام.. ففي القلب غصة مما يجري في بلد "علي".
لم يكن بوسعى الأحتفال بعيد الغدير، بعد أن رأيت الشهداء في كل منعطف..في كل شارع..وهم يرتدون ثياب الحداد ويتسائلون بمرارة: لماذا كل هذا الرماد في بلد "علي" ؟!..
ليس في المشهد الراهن ما يشي بالابتهاج، ولازلت أتألم لغياب نهج وقيم "الغدير" عن الحياة السياسية في بلادي التي اختارها أمير المؤمنين لتكون موئل تراثه وقاعدة شامخة لسلطة الحق، وأن ينطلق منها عصر جديد لإمبراطورية إسلامية لاتغيب عنها شمس العدالة..فماذا عساه يقول اليوم وهو يرى تراثه نهباً مرة أخرى؟..بل ماذا عساه أن يقول حين يرى المتشدقون بحبه والولاء له وقد أغرتهم الدنيا والسلطة..وبدلاً من إحياء قيم الغدير في "عراق علي"..بدلاً من إنصاف الفقراء والمحرومين وإعمار البلاد، نراهم يعملون على إغتيال الحلم العلوي من حيث لايشعرون.
في عقيدتي، ليس "الغدير" مناسبة شيعية تتعلق بطائفة دون أخرى، ولا بشعب دون آخر، بل "الغدير" نهج للعدالة في الحكم والإدارة والسياسة حتى لغير المسلمين.
لم يكن يوم "الغدير" تتويجا لخليفة بعد الرسول الأكرم (ص)، بل كان ترميزا للولاية وهداية البشرية لقيمها وقيمومتها، وثمة فارق جوهري بين الخلافة والولاية ..فالخلافة زمنية والولاية سرمدية كما يقول العلامة المُصلح بديع الزمان النورسي رضوان الله تعالى عليه، حيث وصف- في أحد مؤلفاته - الإمام علي بأنه سلطان الأولياء مدى الدهر.
ولذلك ليس غريبا أن يكتب الأديب اللبناني الراحل "جورج جرداق" موسوعته الكبيرة عن "علي صوت العدالة الإنسانية، ويقارن بين قيم علي وقيم الثورة الفرنسية، ليؤكد فكرة أن الحكم وممارسة السياسة وفقاَ لنهج "علي" سيظل على مرّ الزمان حلماً يراود كل مظلوم مهما كانت ديانته أو قوميته.
ليس بوسعي الإحتفال في عيد الغدير ما دامت بلاد "علي" موطنا للبؤس والحرمان والفساد الإداري والمالي..ومادام الفقراء في بلادي لايزالون يحملون رايات "علي" في التظاهرات والإحتجاجات وهم يشكون هذه المرة من ظلم ذوي القربى الأشدّ مضاضةً في النفس من الحسام المهندِ.
يؤلمني أن ينضح القلب بالشجن في يوم الغديرالأغرّ..لكني رغم الأحزان ووحشة الطريق لن أتخلى عن الحلم العلوي، فمازلت أسعى لغدٍ أبهى لبلادي، وسأظل أحترق كالفرّاشة في نور علي.
https://telegram.me/buratha