استذكر العراقيون في جميع محافظات البلاد أمس الذكرى الأليمة للمقابر الجماعية التي صنعها النظام المباد من بين جرائم الابادة الجماعية التي ارتكبها بحق ابناء الشعب. وتوقفت الحركة في جميع محافظات البلاد في الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس دقيقة واحدة حداداً على ارواح ضحايا هذه المقابر، فيما اقيم في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية حفل بهذه الذكرى.وأكد رئيس الوزراء نوري المالكي ضرورة تعميق ثقافة الرد على الاستبداد والطغيان وتوحيد كلمة العراقيين لمنع تسلل الافكار المدمرة والاجرامية وتهميش الاطراف الاخرى.وقال في كلمة القاها خلال حفل اقامته وزارة حقوق الانسان لمناسبة يوم المقابر الجماعية: لا بد ان نحفز المشاعر والوعي المجتمعي كي لا يتسلل الشر مرة اخرى وان لا تعود الدكتاتورية التي ارتكبت ابشع الجرائم واستهانت بحرية الانسان وكرامته وسلبت ارادته.واوضح ان المقابر الجماعية التي كشف عن 250 منها تنتشر في مناطق متعددة ليست هي الصيغة الوحيدة التي استخدمها النظام المباد ضد الشعب العراقي وكانت هذه الجرائم تعقب كل هزيمة يمر بها بعد تصرف لا مسؤول، فبعد هزيمته في حلبجة استخدم المواد الكيمياوية لمعاقبة المواطنين وبعد هزيمته في الكويت سعى تقتيلاً بالمواطنين وأسس مقابر جماعية ضمت رفاتا لاطفال مع ألعابهم ونساء وشيوخ وشباب دفنوا احياء تحت التراب.وبيّن رئيس الوزراء ان الحكومة مدعوة لأن تكرم ضحايا المقابر الجماعية وتساند جهود وزارة حقوق الانسان في الكشف عن المقابر التي لم يتم الكشف عنها وتدعم الجهود الخيرة التي تؤرخ وتكشف عن هويات وأسماء الضحايا.وقال:”ان هذا اليوم يستحق ان يكون يوماً وطنياً لمخاطبة بلدان العالم التي لا يريد أن يصدق بعضها حقيقة ما جرى في العراق في عهد الدكتاتورية من ظلم وقتل وسجون وقتل جماعي دون ذنب. مشيرا الى ضرورة تخليد المقابر الجماعية. وقال:”لتبق مؤشرا حيوياً صادقاً على نهج النظام المباد لتتذكره الاجيال المقبلة“.واوضح المالكي ان ازلام النظام المباد يمارسون اليوم ذات النهج من القتل الجماعي ولكن بأساليب حديثة. وقال:انهم يمارسون اليوم القتل بواسطة استخدام المتفجرات في المناطق المكتظة بالمواطنين ويمارسون الذبح ويقتلون الشباب والنساء والاطفال دون وازع من ضمير..“.وشدد على نهج الحكومة الهادف لبناء عراق قوي متطور متقدم محب للانسانية وللتعاون الدولي. وقال: ان بناء عراق قوي سيكون لمصلحة الانسانية ودول المنطقة لأن العراق يقف الان في طليعة المتصدين للارهاب، وان دعم العراق دولياً لتحقيق هذا الهدف هو ضمان لأمن المنطقة والعالم والحضارة والانسانية.وقال: ان حكومته مستمرة في مراجعة مسارها لتصحيح العملية السياسية وانها مستمرة في الحوارات مع الجهات المختلفة لتعميق مشروع المصالحة الوطنية لبناء عراق ديمقراطي مؤمن بالحوار والمشاركة والرأي الاخر والمراجعة الدائمة للمسيرة.من جهتها اعلنت وزيرة حقوق الانسان وجدان ميخائيل ان وزارتها امنت بناء قاعدة معلومات عن المقابر الجماعية وشكلت مؤسسة الشهداء لاعادة حقوقهم.وقالت في حديث خصت به (الصباح): ان اختيار هذا اليوم للاحتفال بضحايا المقابر الجماعية وطنيا جاء استذكارا لاكتشاف اول مقبرة جماعية في المحاويل-شمال الحلة- عام 2003.واوضحت ان الوزارة ستدعم حقوق ذوي الضحايا من خلال تفعيل التعويضات وبالتنسيق مع مؤسسة الشهداء.وقالت: ان عدد المقابر الجماعية المكتشفة حتى الان 256 مقبرة توزعت بين مناطق البلاد المختلفة.وكشفت ميخائيـل ان وزارتها وبالتعاون مع معهد الهندسة الوراثية العراقي ومنظمات دولية ستقوم هذا العام بنبش القبور الجماعية بطريقة اصولية ومهنية مشيرة الى افتقار الوزارة للملاك المتخصص بهذا الشأن وعدم امتلاك الوزارة لمخازن حفظ الجثث ومختبرات(DNA).وعلى الصعيد نفسه اكد رئيس مجلس محافظة بغداد معين الكاظمي ان بغداد تحتوي على ثلاث مقابر جماعية تشهد على ظلم النظام المباد، الاولى مقبرة الكرخ التي تحتوي على 1050 جثة حيث تم تدوين الاسماء والرفات والثانية في مقبرة محمد السكران شمال بغداد وتحتوي على 800 ـ 900 جثة وهي في طور الدراسة، والثالثة في منطقة النباعي شمال بغداد وهي غير مكتشفة.من جانب اخر قال النائب عباس البياتي في حديث خص به الصباح أمس: اننا نستذكر هذا اليوم لنعلن للعالم عن حجم الظلم والكارثة التي لحقت بالعراقيين على ايدي الحكام الدكتاتوريين الذين لم يتركوا وسيلة للانتقام من شعبهم من اجل كرسي الحكم.واوضح البياتي ان عدد المقابر الجماعية كشفت عن الوجه الكالح للنظام المباد وعرت منظمات حقوق الانسان الدولية التي سكتت عن هذه الجرائم في وقتها.وقال ان المقابر الجماعية شكلت معالم طريق لكرامة العراقيين وحريتهم وستبقى شاخصة تذكر العالم بهذه الجريمة المروعة لاتخاذ ما يلزم من اجل عدم تكرارها.وشمل الاحتفال بيوم المقابر الجماعية افتتاح معارض للصور الفوتوغرافية عكست الظلم الذي لحق بالضحايا وعرضت صوراً متعددة لمغدورين اطفال مع لعبهم ونساء وملابس وعكازات تدل على ان بعض المغدورين كانوا معاقين... كما اقيم معرض للرسوم التشكيلية جسد فيه الفنان العراقي عمق المأساة التي حلت بالعراقيين آنذاك.من جانبه، قال المفتش العام في وزارة الداخلية عقيل الطريحي في كلمة القاها عن وزير الداخلية بمناسبة ذكرى المقابر الجماعية: ان العراقيين يستذكرون هذا اليوم الذكرى الاليمة للمجازر التي ارتكبها النظام المباد بحق الابرياء من ابناء الشعب.واضاف الطريحي خلال حفل اقامته وزارة الداخلية بهذه الذكرى ان النظام المباد لم يستثن احدا من مجازره، وقد انتهج سياسات حمقاء بحق الشعب العراقي، بعد ان صادر البلاد والعباد والحرث والنسل، اخذ يستهدف ارواح الابرياء، بعدما استهدف حرياتهم العامة وحقوقهم.هذا وتم خلال الحفل توزيع الهدايا بين عوائل شهداء المقابر الجماعية من منتسبي الوزارة، قدمها اللواء حازم مدير مكتب الوزير.كما وقف المشاركون دقيقة واحدة حدادا على ارواح شهداء المقابر الجماعية، وتمت قراءة سورة الفاتحة على ارواح هؤلاء الشهداء.من جانبه قال الوكيل الفني لوزارة الصحة الدكتور عامر الخزاعي ان عمليات القمع والابادة التي قام بها النظام السابق استهدفت كل طوائف الشعب سنة وشيعة، عربا و كردا من دون اية تفرقة بينهم.واشار خلال حفل تابيني اقامته الوزارة بمناسبة ذكرى المقابر الجماعية، حضرته (الصباح)، الى ان جرائم النظام المباد لم تتضح بشكلها البشع لولا سقوطه في 2003 ما يؤكد مدى قسوته ودكتاتوريته التي قمع بها كل شيء في العراق. منوها بان الصداميين ما زالوا يستهدفون الشعب بعملياتهم الارهابية المجرمة.وبين ان النظام السابق اشترى صمت الاعلام العربي والعالمي بكابونات النفط العراقي حيث كانت توزع بصورة مجانية للكثير منهم.من جهة اخرى طالب ممثل الامانة العامة الانتفاضة الشعبانية الجهات المسؤولة بضرورة العمل الجاد من اجل تنفيذ الوعود التي اطلقت منذ اربعة اعوام لعوائل الشهداء وضحايا المقابر الجماعية بتوفير العيش الرغيد لهم حيث انهم لم ينالوا ايا من الحقوق سوى الالم والفقر.وتضمنت الاحتفالية كذلك عرض فلم وثائقي عن المقابر الجماعية وقراءة عدد من قصائد الشعر الشعبي صورت فيها معاناة اهالي ضحايا المقابر ودعت الى وحدة العراق.وفي محافظة بابل نظم مكتب بابل لحقوق الانسان حفلا استذكاريا بمناسبة ذكرى شهداء المقابر الجماعية حضره محافظ بابل ورئيس مجلس المحافظة وعدد من المسؤولين في المحافظة.وافاد مراسلنا ان الحفل شمل كلمات وزارة حقوق الانسان ومنظمات حقوق الانسان والقيت قصائد شعرية مع عرض مسرحي ومعرض للصور الفوتوغرافية.وكانت اول مقبرة جماعية قد اكتشفت في منطقة المحاويل شمال بابل بتاريخ 2003/5/17 وتقع بالقرب من مرقد الامام ابو بكر بن الامام علي بن ابي طالب (ع) وضمت (24) الف شهيد من المدنيين الذين اعدموا ابان الانتفاضة الشعبانية على يد ازلام النظام السابق عام 1991.وفي كربلاء اقام مكتب حقوق الانسان في المحافظة امس احتفالا بمناسبة يوم المقابر الجماعية.وتضمن الحفل الذي حضره نائب رئيس مجلس محافظة كربلاء وعدد من ممثلي منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني القاء كلمات وخطب وقصائد شعرية تناولت مفاخر شهداء المقابر الجماعية.كما جرى وضع حجر الاساس لمقبرة جنة الشهداء في مقبرة كربلاء تضم رفات شهداء المقابر الجماعية في المحافظة.