لكثرة الجثث الطافية على نهر دجلة اخذ أهالي مدينة الصويرة التي تقع على النهر 50 كيلومترا جنوب شرق بغداد يطلقون عليه «نهر الكنج العراقي»، فنهرا دجلة في العراق والكنج في الهند ينفردان بميزة فريدة الا وهي باحتوائهما على جثث بشرية بشكل كثيف. لكن دجلة يختلف عن نظيره الهندي في ان ما يطفو فوق مائه ليس جزءا من طقوس الموت بل ان من يلقى في نهر دجلة هم أناس عذبوا وقتلوا لا لذنب اقترفوه، سوى انهم ينتمون او يحسبون على طائفة دينية من دون اخرى. ويقول عبدالله علوان (مزارع) يسكن على ضفة النهر الشرقية انه «فيما يجلس أشخاص في بلدان أخرى بانتظار رؤية مشاهد جميلة تمر عبر الأنهار التي تقطع اراضيهم وبساتينهم ومزارعهم، او الاستمتاع بمنظر النهر الخلاب في الصباح او عند الغروب، نفاجأ يوميا بجثث اطفال ونساء وشباب وكبار سن ، وعليها اثار تعذيب وبعضها مشوهة، نقوم بالاخبار عنها ، فيما كنا في سنين خلت وفي حالات نادرة صيفا نعثر على جثث لأناس يغرقون في النهر خلال سباحتهم»، ويضيف «اما جثث اليوم فانها مجهولة الهوية غير محددة بوقت تأتي في النهار والليل وفي كل المواسم في البرد او الحر». «الشرق الأوسط» شاهدت وهي تقترب من مركز الصويرة رجلا في الستين من عمره عمله الوحيد الجلوس على ضفة النهر تحت مظلة يوفرها له مسؤولو جسر المدينة بانتظار ما يعلق في شبكته الحديدية التي تقطع النهر بشكل كامل. وصيد هذا الرجل ليس كباقي الصيادين الذين يبحثون في دجلة عن الأسماك، إنما يقتصر على الجثث التي تطفو في النهر، تلك القادمة من بغداد والمناطق المحيطة بها. واوضح مسؤول الشبكة الحديدية الحاج (أبوعلاء) ان وزارة الزراعة استحدثت هذه الشبكة الحديدية قبل عامين من الان لتكون مصدا أمام انتقال زهرة النيل الضارة إلى منحدرات دجلة، وامكانية حجزها واتلافها، مبينا ان موقع الشبكة القديم كان في منطقة الخناسة (20 كم جنوب بغداد)، لكن عدم استقرار المنطقة وصعوبة عمل آليات الزراعة المخصصة لرفع نباتات زهرة النيل استدعى نقلها لتقاطع جسر الصويرة، خاصة ان المنطقة مؤمنة من قبل وحدات عسكرية توجد بشكل دائم فيها. وعن ظاهرة الجثث القادمة باستمرار من أعالي النهر ذكر الحاج ابوعلاء ان نهر دجلة يتمتع بقدسية عند العراقيين لأنه مصدر الخير عندهم، فهو مصدر الزراعة والصيد والنقل من خلاله بين مناطق العراق من شماله الى جنوبه، معبرا عن اسفه قيام البعض بقتل الناس ورمي جثثهم بهذا الشكل في النهر، مؤكدا انه يقوم بانتشال الجثث ليس لمردود مادي بل انه عمل انساني يبتغيه، كاشفا عن انتشاله عددا كبيرا من الجثث، لا يستطيع تذكر عددها واحصائها لكثرتها، ويقول ان اغلبهم من الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والأربعين عاما والعديد من الجثث للنساء والأطفال. ويتذكر شابة في العشرينات علم فيما بعد انها كانت طالبة في جامعة بغداد، وتم اختطافها واغتصابها، ومن ثم قتلها ببشاعة، ويتذكر أيضا طفلا يبلغ من العمر اقل من عامين قتل ذبحا، وضعت جثته في صندوق من مادة الفلين المخصص لحفظ الطماطم. والجهة المسؤولة عن انتشال الجثث من النهر وفحصها هي مكتب الأدلة الجنائية في مديرية شرطة الصويرة. وقال مدير المكتب طالبا عدم ذكر اسمه، ان الجثث التي ترد الى المدينة تأتي من مصدرين أولها نهر دجلة ، والثاني نهر المالح ليكون النهر الثالث بعد دجلة والفرات . وبين ان عدد الجثث خلال الأربعة أشهر الماضية تجاوز 120 جثة، وقال «هناك أيام نتسلم فيها أكثر من عشر جثث مصدرها بغداد والمناطق المحيطة بها اذ ان نهر دجلة يمر ببغداد، ومن ثم منطقة سلمان باك، والنهروان غير المستقرة امنيا، أما نهر المالح فانه يمر عبر أراضي اليوسفية واللطيفية ومطار الصويرة وجميعها تعد أيضا من المناطق الساخنة من الناحية الأمنية». واوضح المصدر ان اغلب الجثث تأتي مقطوعة الرأس أو مقطوعة الأطراف، وجميعها تجلب للمديرية وتبدأ معها الإجراءات الروتينية، مثل الوثائق والثبوتيات إن وجدت وتقدير عمر الضحية، وتثبيت العلامات الفارقة وتوثيقها بالصور والملابس، وغيرها من المعلومات التي يتم رفعها إلى الجهات العليا، التي تتسلم في نفس الوقت بلاغات عن فقدان أشخاص تم اختطافهم أو اختفاؤهم، وتتم مطابقة الأوصاف لغرض اعلام ذوي الضحايا الذين يمكن مشاهدتهم بشكل مستمر قرب مركز الشرطة بحثا عن أبنائهم. واوضح «ان نسبة كبيرة من الجثث يتم تسلمها، فيما هنالك عدد قليل لا يأتي أحد لتسلمها، نقوم بدفنها في مقبرة (سيد احمد) القريبة من المدينة».
صبركم طويل يأهل العراق ..... كيف لا تستطيع حكومة تطهير منطقة :
1- يطلب من أهلي المدينة ومحيطها المغادرة ..... 2- بعد المهلة تدخل القوات وتمشط ..... 3- يعاد السكان وقوات الأمن ..... والمهم عدم عودة المجرمين أو أسلحتهم ..... أو أن الحكومة تعتقد أن هذا الأسلوب لا ينفع ......