بغداد/العمارة/ واشنطن/ اور نيوز
بتعيينه المهندس محمد شياع السوداني محافظ ميسان السابق، يكون رئيس الوزراء نوري المالكي قد أوفى بتعهد قطعه للصدريين باعطائهم محافظة ميسان التي تعد واحدة من معاقل التيار الصدري المهمة، وتم تحجيمها في عمليات بشائر السلام عام 2008 التي قادها المالكي شخصياً.
ويعتقد جاك هيلي المحلل السياسي في صحيفة نيويورك تايمز ان التنازلات التي قدمها من اجل تشكيل حكومة شراكة وطنية، مكنت اتباع السيد مقتدى الصدر، ورجح أن يكون نفوذه واضحا في شتى مناحي الحياة العامة في العراق، بدءا من قاعات البرلمان إلى مزارع الطماطم والأهوار هنا في جنوب شرقي العراق.
لقد كانت محافظة ميسان معقل الصدر حتى أسهمت حملات قام بها الجيش العراقي عام 2008 في إرخاء قبضة جماعته المسلحة. وأدى التغير السياسي إلى عزل حليفه من منصب المحافظ العام الماضي. لكن اتجاه الرياح يتغير مرة أخرى حاليا؛ حيث أصبحت المدينة ساحة لعودة سياسية ملحوظة للصدر في العراق بعد سنوات من الانشقاق والهزائم العسكرية وانتقاله للدراسة الحوزوية في إيران.
ويدفع أتباع الصدر باتجاه السيطرة على منصب محافظ ميسان مرة أخرى؛ حيث يعتبر هذا المنصب أحد المناصب التي يأملون في الفوز بها كمكافأة على الانضمام إلى الائتلاف السياسي الذي خول لنوري المالكي، رئيس الوزراء وعدو الماضي، الاحتفاظ بمنصبه بعد شهور من المشاحنات والمجادلات التي أعقبت الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة التي جرت في (آذار).
وبحسب عضو مجلس محافظة ميسان عن كتلة الأحرار عامر نصر الله فان كتلته رشحت عضو مجلس المحافظة السابق علي دواي لشغل منصب المحافظ الذي كان يشغله وزير حقوق الانسان الجديد، وفقا لاتفاق بين بين قائمتي دولة القانون والاحرار.
واوضح نصر الله ان "مجلس محافظة ميسان سيصوت خلال الايام القليلة المقبلة على مرشحهم الوحيد لشغل منصب المحافظ رئيس لجنة النزاهة بالمجلس السابق علي دواي بدلا من محمد شياع السوداني".
وأشار الى ان "عملية التصويت ستكون حسب الاتفاق المبرم بين ائتلاف دولة القانون الذي يترأسه المالكي وكتلة الاحرار خلال عملية تشكيل الحكومة والذي تضمن عدة مطاليب من بينها تنازل الائتلاف عن منصب المحافظ لصالح الصدريين مقابل ترشيحهم للمالكي رئيسا للوزراء عن التحالف الوطني".
ويقول حكيم الزاملي، الذي أعيد انتخابه بسهولة بعد إسقاط تهم عنه بالقتل والخطف والفساد أثناء توليه منصب مهم في وزارة الصحة: "إذا كنا قادرين على النجاح هذه المرة ومحو بعض أخطاء الماضي، نعتقد أنه يمكننا الفوز بأكثر المناصب وربما منصب رئيس الوزراء".
وقد تتجاوز هذه الطموحات الكبيرة قدرة الحركة حاليا، لكن نفوذها السياسي المتنامي أثار المزيد من القلق بشأن كيفية لعب الصدريين دورا أكبر.
وبالرغم من دعوات مراكز الابحاث الاميركية المهمة لاجراء حوار (اميركي - صدري)، قال جيمس جيفري السفير الأميركي في العراق، في تصريح للصحفيين: "لا نرى أي دليل قوي سواء من الناحية النظرية أو الناحية العملية على تخليهم عن فكرة استخدام القوة ضد معارضيهم".
ويقول هيلي ان أتباع الصدر في الحكومة العراقية الأخيرة "متهمون باستغلال مناصبهم في نشر الفساد والطائفية مع وجود مسؤولين يجنون الأرباح بشكل غير شرعي وفرق الموت تجوب المستشفيات العامة". ولا تزال هناك مخاوف في نفوس الأميركيين والعراقيين من احتمال تعبئة الجماعة المسلحة، التي ساعدت في وصول الصدر إلى السلطة في البداية، التي كانت مسؤولة عن الكثير من أعمال العنف التي هددت بتمزيق البلاد، ضد أعداء الصدر، خاصة بعد انسحاب القوات الأميركية.
وقال أحد الدبلوماسيين الأميركيين الذي رفض الكشف عن هويته التزاما بالقواعد الدبلوماسية الأساسية: "نعلم أنه سيكون هناك وزراء من الصدريين. نريد أن يفلح الأمر، لكننا سنلتزم بمبادئنا وربما لا يريدون أن يعملوا معنا".
وإضافة إلى السعي للفوز بمنصب محافظ ميسان، يسعى الصدريون إلى السيطرة على الوزارات الخدمية. ويقول نصار الربيعي، أحد السياسيين البارزين من أتباع التيار الصدري أثناء خروجه من البرلمان ظهيرة أحد الأيام: "سنحصل على كل شيء".
لقد أجبر وضع ونفوذ الصدريين المسؤولين الأميركيين والخصوم العراقيين السابقين، الذين يجدون أنفسهم حاليا في شراكة مضطربة معهم داخل الحكومة، على تغيير نبرتهم. فبعد الانخراط في العملية السياسية، حصد مرشحو التيار الصدري 40 مقعدا خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وأبلت المرشحات على قائمة التيار الصدري اللاتي كن متشحات بالسواد من أعلى الرأس إلى أخمص القدم بارتدائهن العباءات السوداء أثناء القيام بحملاتهن السياسية بلاء حسنا في الانتخابات مقارنة بالمرشحين العلمانيين.
وقد أثارت عودة التيار الصدري في مدينة العمارة ردود فعل متباينة ومقاومة من المحافظ الحالي محمد السوداني الذي يتمتع بعلاقة جيدة مع الأميركيين.
ويقول بعض أهل المدينة إنهم يرحبون بعودة التيار الصدري، وحملوا السوداني، المحافظ المدعوم من المالكي، مسؤولية ارتفاع معدل البطالة المطرد ومستوى الخدمات السيئ، وقالوا إنهم كانوا على استعداد لمنح الصدريين فرصة أخرى لتولي السلطة.
وتحدث البعض عن الولاء لعائلة الصدر التي كان بعض أفرادها رجال دين شيعة بارزين وقتلوا خلال مقاومتهم نظام صدام حسين. وقال عبد الواحد بداي، 78 عاما، الذي تزدان غرفة معيشته بصورة لوالد الصدر : "لقد كان الصدريون أناسا طيبين وأكْفاء. نحن نحترمهم ونحترم الحركة".
لكن عبد الكريم المحمدي، أحد القادة المحليين والمقاتل السابق في حرب العصابات إبان حكم صدام حسين، أشار إلى مخاوف الذين يقلقون من عواقب إعادة التيار الصدري للسلطة. وقال محمدي، المعروف في المدينة باسم "أمير الأهوار"، إنه رأى بالفعل أفرادا من الجماعات المسلحة التابعة للتيار الصدري، كانوا قد سجنوا من قبل، في شوارع مدينة العمارة. ويقال إن من بينهم من أطلق سراحه في إطار صفقة مع المالكي. لكنه خشي من احتمال انحسار الاستقرار النسبي الذي تحقق خلال العامين الماضيين، وقال: "نحن منزعجون من أمر هذه الصفقة. هذه هي اللحظة التي تسبق العاصفة".
https://telegram.me/buratha

