عبد الرحمن المالكي ||
للحراس الليليين تاريخ كبير في الموروث البغدادي الجميل ومحافظات العراق العزيز , فالحارس الليلي الذي كان يسمى ( الجرخجي ) مهنة شعبية تراثية اجتماعية سادت في معظم مدن العراق الحبيب .
و ينبع اصل الكلمة ( الجرخجي ) من اللغة التركية حيث استخدمت في اللهجة العراقية وتعني الحارس الليلي , و ( جرخ ) تعني دائرة او دورة , والاسم متأني من دورانه في الازقة والمحلات , ويسمى احياناً ( النوبجي ) ويعني الذي يأتي بالنوبة والذي يقوم بالحراسة عندما ينام الناس و يخلدوا الى الراحة بعد انتهاء يومهم , وايضا كان يسمى عند المحافظات الجنوبية بالبصونجي , واحياناً ( الوحاش ) لانه يخرج في وحشة الليل المظلم , اما في مصر وبعض البلدان العربية فكان يسمى بالخفير .
منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 م , تم ربط الحراس الليليين بمراكز الشرطة , وكانت مهمتهم اعانة الشرطة بحفظ الامن , وكانوا يرتدون القميص الخاكي او السترة الخاكية حسب الموسم مع البنطرون الخاكي وكانوا يلبسون الشماغ ويضعون علامة الشرطة على العقال .
للحارس الليلي مواقف انسانية كبيرة غير الحراسة , حيث كان يهرع الى مساعدة ابناء المحلة اثناء تعرضهم ليلاً الى الحوادث كالحريق او المرض .
وما زالت الذاكرة البغدادية تختزن الكثير من الحكايات حول جرخجي المحلة وما يواجهه من احداث وطرائف فالحارس كان يستفسر من اصحاب البيت ان وجدهم متأخرين في الرقود للنوم او عند وجود مصابيح الدار مفتوحة .
ومن شروط التعيين للعمل بهذه المهنة حيث كانت تتطلب اشتراطات تتعلق بالسلامة من الامراض و حسن السيرة والسلوك والشجاعة و السمعة الطيبة والاوراق الثبوتية الرسمية وعدم الخضوع لخدمة العلم ويفضل من كان له سبق في خدمة الشرطة او الجيش مع وصايا للحفاظ على السلاح وعدم انابة غيرهم بالحراسات .