د. إسماعيل النجار ||
قصة حقيقية أعجبتني فاتخذتها مثلاً على حالنا الذي نعيشه منذ ثلاثين عاماً لغاية اليوم،
كان ذلك عندما قاتلنا وناضلنا منذ أربعين عام مِنَّا مَن استشهَد ومِنَّا مَن أصيب بجروحٍ بالغه وعاشَ على ألآم إعاقَتِهِ والبعض الآخر رُمُيَ على قارعة الزمن الرديء، عندما كانَ المناضلون والمجاهدون يخلعون عن أكتافهم عتادهم الحربي الثقيل بعد إن وضعت الحرب أوزارها سَبَقهُم الوصوليون والمتسلقين الذين كانوا أخف وزناً لا يحملون جراحاً ولا ندوب تركتها الحرب على أبدانهم لأنهم لم يشاركوا بها، فقد سبقوهم لِخِفَة وزنهم في تسلق السلم نحو المناصب ومواقع القرار التي دفَعوا ثمنها دماً وسنين عُمر ليستعيدوها كحقٍ من حقوقهِم المسلوبة،
ولغاية اليوم لا زالَ أولَئِكَ المتسلقين في مناصبهم ولم ينزلوا عن عروشهم حتى هدموا الهيكل فوق رؤوس الناس ولم يبقى من الوطن إلَّا إسمه،
لذلك يُحكَىَ أن رجلاً إشترىَ حماراً ليُعينَهُ بحَملِهِ ونقل أشيائِهِ بأسفارِه بعد زمنٍ من الشقاء الطويل جداً، فَرَغِبَ هذا الرجل أن يُري حمارهُ قريته وشوارعها من الأعلى فأصعَدهُ إلى السطح بعدَ جُهدٍ جهيد، وبدأَ يُعَرِّفَهُ عليها لكي لا يتوه عند عودتهِ من الحقل إلى البيت وعندما حاولَ إعادة إنزاله إلى الأرض، عَصَىَ ذلكَ الحمار وتمَرَّد ورفض النزول من الأعلى وثبَّتَ قدميه في الأرض وبدأ يرفس سقف المنزل المُكَوَّن من الأخشاب القديمة المُغطاة بالتراب حتى بدأَ يهتز ويتشقق وتتكسَر أعواد الخشب فيه، فسارع صاحبه إلى الأسفل ليُخرِج عائلته منه قبل أن ينهار سقفه عليه وعندما دَخلَ من الباب إنهار السقف فوق رؤوس الجميع وسقط من فوقِهِ الحمار وقضىَ الجميع نَحبَه، إلتَمَّ أهالي القرية لرفع الرُكام والإستعلام عمَّا حصل وعندما وصلوا ورأوا المشهد كما هو الجميع مُضَرَّج بالدماء سأَلَ كبيرهم مَن الذي رفع هذا الحمار إلى السطح بينما مكانه الطبيعي هوَ الحظيرة فتسببَ في هذه الكارثة العظيمة،
خلاصة الحديث إننا نحن مَن رفع الحمير إلى السطوح حيث أصبحَ صعباً علينا إنزالهم فتمردوا وتمترسوا وهدموا البيت اللبناني برفساتهم فوق رؤوسنا ولم نعُد نجِد مَن يترحَم علينا،
نحنُ حفرنا قبورنا بأيدينا
الله لا يقيمنا...
بيروت في...
2/10/2023
https://telegram.me/buratha