د.إسماعيل النجار ||
على مبدأ الجواميس تدوس الخِرفان والأسماك تبتلعها الحيتان،
هذا ما يحصل في لبنان، القوي يأكُل الضعيف والمنظومة السياسية الحاكمة متفسخة للعيان بغلافها الخارجي متماسكة وصلبة تحت الغلاف رغم أختلاف مشاربها،
من حُكم المارونية السياسية الذي تسبب بحرب أهليه عام ١٩٧٥ ناهيكَ عما سبقها من حروب عامَي ٦٩ و٧٣، إلى حرب التحرير الذي أعلنها قائد الجيش اللبناني ميشال عون عام ٨٨، وصولاً إلى حقبة الإحتلال الصهيوني للعاصمة بيروت عام ١٩٨٢ وما تلاها من معارك في الجبل والضاحية وإعلان المقاومة الشاملة ضد العدو الصهيوني التي لا زالت قائمة حتى اليوم وما نَتَجَ عن هذا الإحتلال من حروب ودمار للبنان،
كل هذه البلاءآت والإبتلاءآت والمصائب سببها آل الجميل وحزبهم وما نتَجَ عنهم جميعهم يمثلون الوجه الأصلي والطبيعي لعملاء الكيان الصهيوني الأصليين،
التاريخ لا يُمحىَ بشطبَة قلم ولا بإتفاق الطائف الذي كَرَّسَ وجود هؤلاء الخَوَنَة وشَرَّعَ وجودهم وأدخل اليد الوهابية الى لبنان، وكأن ما قاموا بهِ من أعمال تُصَنَّف في خانة الخيانة العُظمَىَ التي يسري عليها حكم الإعدام هيَ شيء طبيعي يمكن تجاوزه،
أمراء الحرب اللذين وقَّعوا إتفاق الطائف عبر ممثليهم من النواب المنتهين الصلاحية منذ عقدين حاولوا الوصول الى السلطة والهيمنة على مواقع القرار والسيطرة على موارد الدولة ونهبها،
وهذا بالفعل ما حصل،
في موازاة النهب كانت هناك مقاومة تدفع الدماء ضريبةً التحرير وطرد المحتل الذي جائوا به آل الجميل ومَن لَفَّ لَفَّهُم من الإنعزاليين آنذاك،
فشكلت المقاومة إلى جانب السلطويين خَطَّان متوازيان لا يلتقيان، لأنه شَتَّان بين السارق والمقاوم،
لَم تكُن لتتجرَّأ المقاومة التصدي لمافيا اللصوص في السُلطَة الذين شكلوا دولة عميقة بكل معنى الكلمة وسيطروا على مفاصل الكيان من قضاء وأمن وموارد طبيعية ومؤسسات،
فكان الصمت سيد الموقف حفاظاً على مشروعية المقاومة التي أخذتها من وجود المحتل على أرضنا واستمراريتها من دون أن يدفعها هؤلاء للإستدارة إلى الداخل،
ومع كل ذلك الصمت الذي كانت تلتزمه هذه المقاومة حيال ما يجري في مؤسسات الدولة تجنباً لخلاف قد يدفع بالأمور الى حرب أهلية جديدة ستكون حتى داخل البيت الواحد،
إلَّا أنهم حاولوا جَرَّها في ١٣ أيلول إلى فخ الصدام مع الجيش تحت جسر المطار،
وثمَّة محاولة أخرى بتاريخ 27/5/2004 في منطقة رمل العالي،
وفي حي السلم بتاريخ 6/10/2006،
ثم حصلت مجزرة كنيسة مار مخايل الشياح،
ثم مجزرة خلدة التي خُطِّطَ لها لتكون شرارة الفتنة السنية الشيعيه على أيدي عناصر وهابية،
وآخرها نتمنى أن تكون الأخيرة كانت مجزرة الطيونة التي ارتكبتها عناصر من القوات اللبنانية وغيرها،
كل ذلك كان يحصل نتيجة تضرُر الجميع من صعود نجم المقاومة وتموضعها كَدُرَّة على تاج المقاومات العربية والأحزاب اللبنانية،
أرادوا تحطيمها وتآمروا عليها، ودائماً ما كانَ ردَّها دفن شهداؤها والعض على الجرح والصمت كي لا يزول الوطن،
المقاومة ليست قاصرة عنهم، وهي قادرة على القيام بما يلزم للتغيير،
ولكنها لا تريد إلغاء الشراكة، ربما صبرها ساهم في الوصول الى ما نحن فيه، ولكنها لن تصبر طويلاً؟
والآن آنَ الأوان لكي تتقدم المقاومة خطوة إلى الأمام في مشروع التغيير وعدم السماح لتلك الآلة القديمة من تدوير نفسها والعودة الى نظام الحُكم من دون أيَة عوائق،
يجب الدفع نحو حصول تغيير جَدِّي وجذري حتى لو إحتاج الأمر الى تضحيات؟ لأن إتفاق الطائف أصبحَ مرض خبيث كَرَّسَ الطائفية وأدخل اليد السعودية إلينا لأنه لم يُنَفَذ بحذافيره وما على حزب الله إلا التعاون مع الشرفاء في لبنان من كل ألوان الطيف وإعادة مؤشر البوصلة إلى شماله المغناطيسي، وخصوصاً بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن متساوون مع كل الطوائف بالحقوق والواجبات،
ولا نريد ان نكون الحزب القائد أو الطائفة القائدة، والغاء الطائف يصبح ضرورة إذ لم يُنَفَذ، ثمَ الذهاب نحو مؤتمر تأسيسي يعطي كل صاحب حجم حجمه الطبيعي وإلَّا لبنان لن يطول عمره في حال بقيَ يمثل الغابة سكانها لبنانيون يمثلون الوحوش والغزلان فيها، وخصوصاً أن أميركا تبشرنا بزوال الكيان والكونغرس الأميركي يشير بكل وقاحة الى مسؤولية المقاومة بما وصلَت اليه الأمور في وطن الارز،
أميركا مسؤولة عن كل مصائبنا،