د. إسماعيل النجار ||
بمستوَىَ إرتفاع حرارة الأحداث المتتالية في الداخل والخارج سيتحدَّد الواقع السياسي والإقتصادي في لبنان والمنطقة،
دائماً عندما تحصل بداية متغيرات في أي دولة بادئ الأمر من المؤكد أن أميركا تقف خلفها، حتى وإن كانَ ما يحصل عفوياً ولأسباب داخلية، لا بُد أن أميركا ستسعىَ لتركَب موجتها،
أميركا مرض خبيث يحاول الإستيطان في كل جسد سليم ليحوله إلى بؤرة مريضة وملتهبة ويُحطِّمَه،
لبنان الذي يعاني من حصار إقتصادي خانق على يَد أميركا والسعودية وزبانيَة الداخل خدمَةً للأطماع الصهيونية وأمن إسرائيل، لَم يستسلم بعد،
لأن الفريق المُحاصَر بداخله إرادتهُ أقوى من أن يستسلم من أجل لقمة العيش أو ساعتَين كهرباء،
الدولار يُغَرِّد صعوداً وتخطىَ عتبَة أل ٣٥ ألف ليرة للمرة الأولىَ في تاريخه، والمرحلة الإنتقالية الثانية من الحصار بدأت تشق طريقها في الغلاء وارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة وفقدان المواد الأساسية والأدوية،
كل هذا يحصل على وقع زيارة المبعوث الأوروبي للبنان ("سفين" "كوبمانز")
الذي عَرَضَ على اللبنانيين إحياء مفاوضات السلام مع إسرائيل كمخرج وحيد للأزمة الإقتصادية الخانقة، مُبَشِرَنا بالموت جوعاً وألماً في حال رفض لبنان مبادرتهُ!
"المبعوث" الأوروبي رغم مصائب بلاده مع روسيا إلَّا أن إسرائيل كانت أولى أولويات إتحاده المرعوب من الحرب الأوكرانية،
وفخامة رئيسنا في أشهر عهده الأخيرة رَغِب بإحياء مبادرة السلام العربية!!!
بكل الأحوال يوم الثلاثاء القادم سيكون إنتخابياً بإمتياز وسيقرر المجلس النيابي برئاسة رئيس السِن نبيه بري إذا ما سينتخب النائب نبيه مصطفىَ بري المرشح الوحيد لرئاسته لمدة أربع سنوات أخرى، من هنا نؤكد أن ما سيَلي هذا اليوم سيكون "بسهولة" او "بصعوبة" هذا الإستحقاق البرلماني الذي يتموضع في المرتبة الأولى، والذي يجب أن يَمُر دستورياً قبل أن تنقضي المهلة القانونية لإنتخاب رئيس للمجلس وسيكون حُكماً وبالتزكية وبموجب الدستور الرئيس هو دولة الرئيس نبيه مصطفى بري،
الولايات المتحدة الأميركية تعمل جاهدة لفرض أسماء لرئاسة الحكومة والمجلس النيابي، لكن... وبكونها محكومة بشخص الرئيس بري فأنها ستضغط من أجل أن يكون نواف سلام رئيساً للحكومة وهوَ الذي برزَ إسمه اواخر العام الماضي كمرشح قوي لرئاسة الوزراء، بينما تبقى على الطاولة أسماء أخرىَ أقل نفوراً وأكثر تحبباً كالنائب الحالي السيد عبدالرحمن البزري،
الإستحقاق الثالث هو رئاسة الجمهورية التي سيتم إنتخاب بديل عن الرئيس الحالي في ١٦ اوكتوبر من هذا العام،
هنا لدينا تصوُر لعدة سيناريوهات في البلاد،
الأول : عدم تشكيل حكومة بسبب الخلافات حول مَن سيشارك فيها من الأطراف ولطالما أن الأكثرية النيابية هي للفريق الآخر الذي يرفض مشاركة حزب الله واضافة أي بند يعطي سلاح المقاومة غطاء حكومي لبناني لمقاومة إسرائيل،
وهذا الأمر دونه وأزمة سياسية طويلة ربما تصل إلى أشهر طويلة، أو إنفجار أمني داخلي كبير على مستوى كل البلاد تعمل واشنطن على حصوله،
وإن حصل ذلك فإن الفراغ الرئاسي سيكون سيد الظروف بسبب الخلافات على إسم الرئيس العتيد الذي قد يدفع برئيس الجمهورية بموجب الصلاحيات الدستورية إلى اقالة قائد الجيش الحالي، وتسليم السلطات الى حكومة عسكرية تقوم مقام المؤسسات الدستورية تقوم بحل المجلس النيابي وإعادة انتخاب مجلس جديد، وثم إنتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة مدنية،
أيضاً هذا الأمر ليس سهلاً ولن يمر ببساطه وعواقبه الأمنية أكبر من فُرَص نجاحه بكثير، حينها لن يكون أمام لبنان سوىَ الذهاب نحو مؤتمر تأسيسي يعيد هيكلة الوضع الداخلي والإنتقال إلى مرحلة جديدة،
لبنان يمُر بمخاض عسير، وواشنطن تحاول التأثير عليه أكثر وإطالة عمر أزمته وتشديد الحصار وتفجير الوضع الداخلي، لأن فوز الثنائي الوطني بكامل مقاعد الشيعه في المجلس النيابي شكَّلَ صدمة لها ولتل أبيب.
ما علينا إلَّا أن ننتظر يوم الثلاثاء وما سيحصل فيه وسنبني على الشيء مقتضاه.
بيروت في...
30/5/2022