وتحتاج السعودية، التي تدير أكبر اقتصاد عربي، الى مئات الالاف من المصريين العاملين في الانشاءات والاعمال التي لا تتطلب مهارة وتدريب، الى جانب مهن أخرى مثل الطب والتعليم والهندسة.
الا ان الانتهاكات الحقوقية ضد العمال المصريين "الاشقاء" في السعودية أخرجت القاهرة عن صمتها، فبادرت وزارة القوى العاملة والهجرة المصرية الى وضع قائمة بأسماء 26 مؤسسة وشركة سعودية اكدت انها تسيء الى المصريين العاملين فيها و"القائمة في ازدياد"، كما نقلت الصحف المحلية الجمعة.
وكانت الصحف ذكرت الخميس ان مصر حظرت على أطبائها العمل في المملكة العربية السعودية حتى إشعار آخر وذلك رداً على الحكم على طبيب مصري بالجلد 1500 جلدة والسجن لمدة 15 عاماً في المملكة.
وادين رؤوف العربي (53 عاما) بانه مذنب في تهمة معالجة اميرة سعودية كانت تعاني من الام في الظهر بالمورفين مما جعلها تدمن على هذا العلاج المشتق من الافيون.
واذا كانت مواقف البلدين متطابقة في الملفات الاقليمية (العراق وفلسطين ولبنان وسوريا.. ) استنادا الى رؤية ثنائية على خلفية التحالف مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، بيد ان التنافر بدأ يظهر للعيان بين الدولتين نفسيهما على صعيد غياب الحدود الدنيا لحقوق العمال المصريين في السعودية.
وعرضت الحكومة المصرية ، منذ الطفرة النفطية الاولى في السبعينات ، مسلسلا طويلا من الجهود المضنية لتجميل صورة العمل في السعودية كي تشجع مواطنيها على السفر الى "بلاد الريالات"، طمعا في رفد الاقتصاد بالتحويلات المالية الهائلة.
لكن الحلقة الأخيرة قلبت المسلسل المصري رأسا على عقب، فتحدثت الحكومة المصرية، بالفم المليان، عن جملة من الانتهاكات الصارخة "المتعمدة" بحق المصريين في السعودية.
ونقلت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة ان وزارة القوى العاملة اعلنت "قائمة سوداء بأسماء 26 مؤسسة وشركة خاصة في السعودية"، مؤكدة ان هذه الشركات والمؤسسات "محظور التعامل معها نهائياً نظراً لتعمدها الاساءة للمصريين العاملين فيها". وتضم القائمة مستشفيات ومراكز تجميل وشركة لبيع السيارات وشركة للبناء. وقالت الصحيفة انها تتوقع إدراج أسماء شركات أخرى عليها خلال الأيام المقبلة.
ونقلت صحيفة "الجمهورية" المقربة من الحكومة عن وزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي انها اتخذت القرار بعد تلقيها شكاوى متكررة بحق هذه الشركات من عمال مصريين اتهموها بانتهاك حقوقهم.
وذكرت صحيفة "المصري اليوم" ان وزيرة القوى العاملة عائشة عبدالهادي قررت وقف منح تراخيص الى اطباء مصريين للعمل في السعودية اعتبارا من الخميس وذلك حتى نهاية الازمة التي تسبب فيها هذا الحكم. واضافت ان الاطباء لن يسمح لهم بالتوجه الى المملكة السعودية "حتى اشعار اخر".
ونقلت الصحيفة عن "مصدر مطلع" تاكيده ان هذا القرار ياتي بعد فشل المفاوضات القنصلية المصرية مع السعودية للتوصل الى حل بالتراضي لهذه الازمة. وقد اثار الحكم على الطبيب المصري موجة من السخط في مصر حيث تعرض هذا الحكم لانتقاد شديد.
لكن تأخر ردة الفعل المصرية يأتي في سياق نظرة القاهرة ذاتها الى أهمية هذه المسألة وأولويتها في الاجندة الحكومية بعد ان غصت الصحف والمواقع الالكترونية بصور وتقارير تفضح التعذيب في مراكز الشرطة المصرية.
وربما لان مصر تعلم جيدا ان الخروقات الحقوقية في العالم العربي لا تقتصر على السعودية ، وليست محصورة بالمصريين في السعودية.
https://telegram.me/buratha