في ختام اجتماع لمجلسها على مستوى المندوبين الدائمين قالت جامعة الدول العربية اليوم الأربعاء إن قرار مدعي المحكمة الجنائية الدولية توجيه تهمة الابادة الجماعية للرئيس السوداني عمر حسن البشير ربما يكون فكرة غير مدروسة، وأبدت قلقها من عواقب هذه التطورات بين الخرطوم والمحكمة الدولية .وقال عمرو موسى أمين عام الجامعة للصحافيين "إن الموقف خطير، ونحن لسنا مقتنعين بأن الخطوات التي اتخذتها المحكمة الجنائية قد درست جيدا"، حسب قوله. وعقب الاجتماع قال عبد المنعم مبروك سفير السودان لدى القاهرة والجامعة العربية إن بلاده تود إيضاح موقفه وتأكيد رفضها لهذه لمحكمة الدولية، لأنها ليس عضواً فيها، واستغرب ما وصفه بالتنسيق المشبوه بين الإدارة الأميركية والمحكمة الجنائية الدولية قائلاً : "من حقنا أن نتساءل لأن أميركا ليست عضواً في هذه المحكمة الجنائية وليست عضواً في اتفاقية روما"، على حد تعبيره .
ويتوقع محللون سياسيون منهم الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز "الأهرام" للدراسات السياسية أنّ تتضامن المجموعة العربية مع الرئيس البشير ضد التهمة التي وجهها إليه المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، الذي أجرى خلال الشهور الماضية مفاوضات موسعة مع الحكومة السودانية لتسليم كل من أحمد هارون وزير الشؤون الإنسانية، وعلي القشيب أحد زعماء ميليشيات "الجنجاويد"، لكنّ البشير رفض ذلك ، بل وأقسم بالطلاق ثلاثاً ألا يسلّم الوزير، مما مهّد الأجواء في المحكمة الدولية أمام إعلان قرار التوقيف بحقه، الذي يمثّل سابقة هي الأولى من نوعها بحق رئيس دولة عربية مازال في السلطة .ووفقاً للمادة 16 من القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإنه يحق لمجلس الأمن الدولي أن يؤجل التحقيق مع الرئيس السوداني عمر البشير بضمان إجراء مفاوضات لحلّ الأزمة موضوع النزاع، وهو ما يتطلّب موقفاً موحداً من جانب المجموعة العربية في المحكمة، والتي تضم لبنان والأردن وجزر القمر وجيبوتي، من خلال تقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي بهذا الصدد، وألا تعترض واشنطن على الأمر .وتثور تساؤلات عن الثغرات الذي يمكن أن ينفذ من خلالها الرئيس السوداني عمر البشير، من مأزق اتهامه بارتكاب جرائم حرب، وفي هذا الإطار يرى محللون سياسيون أنه لم يعد أمامه سوى إبرام صفقة سرّية مع واشنطن، كما يتوقع المراقبون أيضاً ألا تتخذ الولايات المتحدة موقفاً صارماً من قرار التوقيف، ترقباً لموقف السودان والمجموعة العربية، ومدى استعداد الأطراف لإجراء مفاوضات سرية حول الأمر .وهناك واقعة تؤيد هذا الاحتمال وهي توقيع الحكومة المصرية على المعاهدة التي تأسست بموجبها المحكمة الجنائية الدولية دون المصادقة عليها، ويرصد المراقبون دوراً أميركيا وراء التراجع المصري، إذ يشيرون إلى ضغوط أميركية تزامنت مع اتفاق سري تعهدت فيه واشنطن للقاهرة بحماية النظام الحاكم من تفجير بعض الملفات الخطرة، مقابل ابتعادها عن الانضمام إلى هذه المحكمة .
غير أن مراقبين آخرين يرون الأمر من زاوية مختلفة، ومنهم عطية عيسوي خبير الشؤون الإفريقية، يرى أن التصعيد الحالي ضد السودان يرجع إلى تجاهل الحكومة السودانية لمطالب المحكمة بتسليم المطلوبين السابقين أحمد هارون وعلي كوشيب، وربما لو كانت الخرطوم قد حاكمتهما محاكمة عادلة وبحضور مراقبين دوليين لكانت قد قطعت الطريق على المحكمة الجنائية الدولية، ويقول: إن عدم إقدام الحكومة السودانية على التسليم أو المحاكمة أعطى انطباعا بأنها تتستر على مرتكبي الجرائم وتضرب بالقوانين الدولية وقرار مجلس الأمن عرض الحائط، ومن هنا جاء التطور الجديد ليحمل أحد احتمالين، فإما أن يكون الهدف منه الضغط على الحكومة لتنفيذ أمري التوقيف السابقين أو أن يكون قد استقر الأمر على الكشف عن متهمين جدد بالفعل بمن فيهم الرئيس البشير ليجعل القضية مثار اهتمام وحديث الرأي العام الدولي ودفع مجلس الأمن في اتجاه الإسراع بتنفيذ أوامر الاعتقال سواء من خلال فرض عقوبات أو بالضغط على الدول للدفع في هذا الاتجاه .
https://telegram.me/buratha