قد يصح القول إن الكلام في السياسة والسباق المحموم إلى البيت الأبيض أصبح مثل الخبز اليومي للأمريكيين وخاصة الأمريكيين السود، إذ من الصعب عليهم تفادي الكلام في هذا الموضوع، الذي يعيد للأذهان مخاوف قديمة وسط آمال جديدة مشرقة.فالأمريكيين السود يتطلعون باندهاش وذهول إلى شخص السيناتور الأسود باراك أوباما ليصبح ربما أول رئيس أسود للولايات المتحدة الأمريكية، متسائلين بين ذاتهم وبين أصدقائهم والمقربين منهم: هل هو في خطر؟ هل سيكون في أمان؟
طبعا لا إجابات شافية لهذه التساؤلات، إلا أن مقابلات جرت مع نخبة من الأمريكيين السود في أرجاء الولايات المتحدة، أشارت إلى أن "الحماس والتصميم تفوقا على هذه المخاوف."وتقول إدنا ميدفورد، أستاذة تاريخ في جامعة هاوارد بواشنطن "يصعب ألا يكون واحدنا- ممن عاش مرحلة حركة الحقوق المدنية ويعرف بعضا من تاريخ الأمريكيين الأفارقة في هذا البلد- قلقاً." إلا أن ما يهم الأمريكيين من أصول أفريقية هو حصول أوباما على فرصة القيام بأفضل ما يمكنه وفي "حال فوزه، فمعظمنا يرى أن البلاد ستعمل لأجله كما تعمل مع أي رئيس، وسيكون محميا كأي رئيس آخر." من جهته قال كلايد باريت (66 عاما) امريكي أسود متقاعد من وزارة العمل ويقيم في تامبا بولاية فلوريدا، إنه يسمع باستمرار عبارات قلق حول سلامة السيناتور، لدرجة أن أحد أصدقائه صرح بأنه لن يصوت لأوباما خوفاً من تعريضه لمزيد من الخطر.إلا أن باريت قال "ليس لدي أي خوف .. علينا التحرك قدما والمثابرة." وبالنسبة لكثير من الأمريكيين السود المسنين فإن الباروميتر لحجم الآمال والخوف هو اغتيال داعية الحقوق المدنية الأسود مارتن لوثر كينغ عام 1968.إلا أن الخوف على سلامة باراك أوباما يسمو فوق الخطوط العرقية، فلديه مناصرين من الأمريكيين البيض الذين يرون فيه مصدر إلهام ولديه حيوية الشباب الذي يطالب بالتغيير وهو ما ميز حملة روبرت اف كينيدي، متنبهين في الوقت ذاته لقضية اغتيال كينيدي بعد شهرين فقط على اغتيال كينغ. يُشار إلى أن جهاز الاستخبارات السرية بدأ في مايو/ايار العام الفائت الإشراف على أمن أوباما، وهو إجراء مبكر والأول من نوعه لمرشح رئاسي.وكان مسؤولون اتحاديون قالوا في ذلك الوقت إنهم غير مطلعين على أي تهديدات مباشرة ضد أوباما، إلا أن السيناتور عن ولاية إيلينويز ديك داربين- الذي كان من ضمن مجموعة سياسيين طالبوا بنشر عناصر من الجهاز السري لأوباما- أقر بتسلم معلومات بعضها ذو نزعة عنصرية، ما جعله قلقا على أمن السيناتور أوباما. في الغضون قالت مايلز التي تعمل في دائرة الصحة العقلية في فيرجينيا إنها شعرت بالقلق عندما استمعت لبرنامج إذاعي حيث وصفت فيه إحدى المستمعات المتصلات بالمحطة، أوباما "بالشيطان" مشددة وبشكل خاطئ بأنه مسلم.وقالت مايلز "أشخاص يفتقدون المعرفة من أمثالها، يثيرون مخاوفي، إنني سعيدة أن أوباما موجود في السباق ويحظى بنتائج طيبة، إلا أنني في نفس الوقت خائفة من أن يقوم شخص ما بأذيته." ويشرح برايان مونرو من مجلة "إيبوني" التي تصدر في شيكاغو أن المخاوف التي يواجهها أوباما "موجودة في ذاكرة الناس" إلا أن مخاوفهم هذه تبطلها الإثارة باحتمال فوزه، إلا أن السؤال الرئيسي الذي يجب طرحه وفق مونرو هو : "هل يمكن حصول ذلك في زمننا الراهن؟" في إشارة إلى وصول رئيس أسود لسدة الحكم. من جهتها قالت إيفون سكروجس ليفتويش مسؤولة سابقة في منتدى لقيادة الأمريكيين السود إن القادة السياسيين ومن أية أعراق جاؤوا يواجهون مخاطر في مجتمع تسوده أعمال عنف وإطلاق نار من قبل أشخاص مضطهدين أو مهاجمين مضطربين عقلياً.وقالت إن إقرار مثل هذه المخاوف مسألة مثيرة للقلق في هذه اللحظة، التي يقوم بها كل من أوباما والسيناتور هيلاري كلينتون بإظهار الفرص التاريخية المتاحة للسود والنساء على حد سواء. يُشار إلى أن الرئيس الكوبي "المتقاعد" فيديل كاستر الذي تنازل عن السلطة، كان قد سخر من الانتخابات الممهدة للسباق الرئاسي الأمريكي ومن المرشحين المتنافسين، وقال إنهم عملوا جاهدين كي لا يثيروا غضب أي ناخب من خلال إصرارهم جميعاً على انتقاد كوبا، كما انتقد تعبير "التغيير" المتداول بكثرة في الحملات الأمريكية، مقراً بالحاجة إلى ذلك في واشنطن وليس في بلاده.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha