بغداد / خالد رشيد
لم تستبعد نتائج المسح للأجهزة الإحصائية أن «تخفق الاقتراحات المتداولة في اجتثاث الفقر والقضاء على البطالة، وألا تثمر سوى الإحباط، في حال لم يلتزم المجتمع والسياسة بمقتضيات التقدم الاقتصادي وحمل أعباء التحول ومسؤولياته الى أمة صناعية وشعب منتج».
وكشفت البيانات ، التي تعدّ مسوحاً عن درجات الفقر ومستويات المعيشة، عن «اتساع رقعة الفقر في الريف وانحسار النشاط الزراعي وزيادة التوجه نحو المدن».
كان أبرزها الإشارة الى الضعف الشديد لقطاعات الإنتاج ولوحظ «تفاقم المشاكل، كلما تأخر التصنيع والتنمية الزراعية، والتي يعجز مورد النفط عن حلها». وأن مستقبل العراق «رهن بمدى النجاح في بناء اقتصاد مغاير، فيما يتمثل التحدي الحقيقي في كيفية تشغيل ثلثي السكان في سن العمل بإنتاجية عالية ونامية، تسمح بمستوى معيشي لائق ومستقر».
والعراق السابح فوق بحيرات النفط والمفتون بالثورة وبساتين النخيل والغابات والمتعمد بنهري دجلة والفرات وشط العرب يتحول الى اكثر البلدان العربية فقرا وبؤسا،احزمة الفقر تطوق مدنه وتنبعث منها الروائح الكريهة بسبب اعطال التأسيسات الصحي والكهربائية وتجمع الازبال والنفايات وتدني مستوى الوعي البيئي،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة.
ورأى اقتصاديون أن من شأن اتساع رقعة الفقر، أن «يترك خللاً في مسار التنمية وأن يحدث ارباكاً في الخطط وعدم توازن بين العيش في مراكز المدن والارياف». واعتبروا أن ازدياد عدد العائلات المتوجهة إلى المدن «يعني ترك فراغ في الريف، على حساب الإنتاج الزراعي وتكثيف السكن في المناطق».
ولاحظ هؤلاء أن نتـائج مـسوح الجهاز المركزي للإحصاء «كانت قاسية»، إذ أظهرت زيادة في حدة الفقر في مناطق كانت تعيش على حدود معقولة، خصوصاً في محافظات ديالى والديوانية والمثنى والبصرة»، ولفتوا إلى أن «مستويات الفقر فيها باتت حالياً تحت المعدلات، ما ينذر بأخطار تتصل بالتغيير الديموغرافي في المحافظات، وازدياد نسب البطالة وتفكك مجتمعاتها».
ويُعدّ تحويل برامج الرعاية الاجتماعية نحو الاستثمار العائلي، أحد الخيارات المطروحة، مع الأخذ في الاعتبار إبقاء مظلة الرعاية للعناصر الكبيرة في السن فقط، بمعنى تعزيز اتجاهات القروض التنموية للعاطلين من العمل.
كشفت بيانات الاجهزه الاحصائية التي تتولى اجراء مسوحات عن درجات الفقر ومستويات المعيشة عن اتساع رقعة الفقر في الريف العراقي وانحسار في الانشطة الزراعية وزيادة في التوجه نحو المدن مؤكدة على ان اسباباً طبيعية واخرى غير طبيعية تلعب دوراً في تعميق حدة الفقر في الارياف.
وعزا الناطق باسم الحكومة علي الدباغ مصادقة مجلس الوزراء على الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر في العراق كونها " تعطي مؤشرات حقيقية لمستويات الفقر والتفاوت من خلال قياس مستوى المعيشة وبناء خارطة الفقر بإستخدام نتائج المسح الإجتماعي والإقتصادي للأسرة في العراق 2007 ".
وقال في بيان صدر من مكتبه :" ان هذه الاستراتيجية جاءت في ضوء إتفاقية التعاون المشترك بين وزارة التخطيط والبنك الدولي وتمخضت عنها تشكيل لجنة عليا لاستراتيجية التخفيف من الفقر والتي ضمت (3) من عضوات مجلس النواب وعدداً من ممثلي الوزارات والجامعات وحكومة إقليم كردستان يحدوهم الأمل لأن تجد هذه الاستراتيجية طريقها نحو التطبيق لصالح الفقراء في العراق وتم إعداد الاستراتيجية بدعم فني من قبل البنك الدولي وهو أول جهد رسمي لقياس الفقر وبناء إستراتيجية للتخفيف منه ".
وتابع :" تمضنت الإتفاقية أربع مراحل رئيسة هي توفير قاعدة بيانات ومؤشرات إحصائية حول الوضع الإجتماعي والإقتصادي للأسرة في العراق من خلال تنفيذ مسح ميداني واسع ، وشملت المراحل الأخرى إعداد تقرير خط الفقر في العراق وإعداد تقرير تحليل الفقر في العراق ".
وذكر :" أما الوثيقة الأخرى فهي إستراتيجية التخفيف من الفقر في العراق فقد تناولت الوثيقة الأولى تحليل الفقر في العراق وملامحه وأين يتركز ومدى التفاوت بين المحافظات والحضر والريف في كل محافظة كما تناولت الأبعاد الرئيسة ذات الصلة بالفقر وهي التعليم والصحة والبنى التحتية والسكان والتحويلات الحكومية ضمن إطار الحماية الإجتماعية والحصة التموينية وأظهرت نتائجه أن نسبة الفقر في العراق بلغت (23%) حيث يتركز في الريف بدرجة أعلى من الحضر وبلغت نسبة الفقر فيهما (39%) و(16%) على التوالي ، وأن الفقر ليس عميقاً اذا بلغت فجوة الفقر (4,5%) لكنها تزيد في الريف على ثلاثة أمثال ما هي عليه في الحضر".
واشار البيان الى ان " عملية إعداد استراتيجية التخفيف من الفقر في العراق استغرقت عاماً كاملاً وقد حاولت اللجنة العليا لإستراتيجية التخفيف من الفقر أن لا تستغرق في الطرح النظري إنما في إشتقاق مكوناتها في ضوء نتائج المسح الإجتماعي والإقتصادي للأسرة في العراق 2007 وما توفر من تقارير ودراسات إحصائية ومتخصصة أخرى ".
وتابع البيان :" من أجل الوصول الى الهدف العام للاستراتيجية للتخفيف من الفقر تم تحديد (6) محصلات أساسية ينبغي تحقيقها وهي دخل أعلى من العمل للفقراء وتحسين المستوى الصحي لهم ونشر وتحسين التعليم وبيئة سكن أفضل وحماية إجتماعية فعالة وتفاوت أقل بين النساء والرجال ولكي تتحقق هذه المحصلات تم تحديد مجموعة من المخرجات لكل محصلة وقد تضمن كل مخرج عدد من الأنشطة التي ينبغي تنفيذها لضمان تحققه حيث يجب تحديد الجهات المسؤولة عن تنفيذ وتحديد نوع التمويل الذي يؤمن التنفيذ والإتساق مع النهج للإطار المنطقي حيث إشتملت على مؤشرات أثر لكل محصلة فللإستراتيجية هدف عام هو تخفيف الفقر في العراق وهذا يتحقق من خلال المحصلات المذكورة والتي جاءت من إفتراضات لمخرجات إعتمدت على دراسات الأنشطة المختلفة في العراق ".
واشار الى " ان الإستراتيجية تسعى خلال مدة تنفيذها الى التخفيف من الفقر وتبنت الأهداف التي تتسق مع خطة التنمية الخمسية والجهود الوطنية لتحقيق الأهداف الإنمائية وفي ضوء ما تحقق من تحسن نسبي في مؤشرات الامن الغذائي ومعدلات وفيات الأطفال والأمهات ونسب الإلتحاق بالتعليم منذ عام 2004 وحتى الآن وبإفتراض المباشرة بتنفيذ الخطة الخمسية وإستقرار الوضع السياسي والأمني فأن من المتوقع تقليص معدل الفقر على المستوى الوطني بنسبة (30%) عما كانت عليه عام 2007 ".
https://telegram.me/buratha