المقالات

الموقف العربي من العراق بين التردد والقبول

1004 21:00:00 2009-08-01

داود نادر نوشي

لو استثنينا البعض من المواقف العربية الايجابية تجاه العراق والعملية السياسية الجارية ،لوجدنا أن مواقف النظام الرسمي العربي مخيبة للأمال، والبعض منها لا تندرج حتى لمواقف الدول البعيدة جدا عن العراق والتي كانت لها مواقف أيجابية من خلال مساعدة العراق على النهوض من المحنة التي تعرض لها أبان حكم الديكتاتورية وما أعقبها من هجمات الارهاب والعنف ، وكانت من الداعمين للعملية للسياسية في جميع المراحل التي مرت بها. وأن ما يثير الريبة عند الكثير من العراقيين ان الانظمة العربية كانت في زمن النظام البائد قد قدمت الغالي والنفيس وجندت جميع امكانياتها المادية والبشرية والاعلامية في خدمة المغامرات والمهاترات التي كان يقوم بها ،والتي كان اول المستهزئين بها هو صدام ونظام حكمه من خلال أحتلاله لدولة الكويت وتهديد الامن القومي العربي واستهتاره بأبسط المواثيق الدولية.وان أشد مايؤلم العراقيين في هذا الدعم العربي للنظام انذاك انه يجري على حساب معاناتهم وهم تحت سياط الجلاد وتحولت الكثير من أرض العراق الى مقابر جماعية وأمتلأت المدن بالسجون السرية وقصفت حلبجة بالاسلحة الكيمياوية وأعدم ألالاف من خيرة شبابه ، وكانت الانفال وقمع الانتفاضة والابادة الجماعية وملايين المهجرين ،

كل هذا يجري تحت مسمع ومرأى الدعم العربي اللامحدود من الاشقاء العرب بل انهم كانوا يصفقون له وكيف لا وهو بطل الاوهام وحامي البوابة الشرقية . ولكن بعد أن منّ الله علينا في الخلاص من الديكتاتورية البعثية وتنفس العراقيين الصعداء بالعملية السياسية التي أتاحت لنا التعبير عن الرأي وأختيار من يمثلنا في الحكومة والبرلمان ، واصبح العراق لايمثل تهديدا لأي احد نفاجأ بموقف عربي سلبي يلفت النظر ويستحق الاشارة ويثير فينا اكثر من علامة أستفهام ، وهو لماذا هذا التجافي وهذا الابتعاد من قبل محيطنا العربي ولما يقف ضد تطلعات الشعب العراقي في العيش الكريم وبعيدا عن الحروب في ظل نظام ديمقراطي تعددي ، ولما هذا الشك وهذه الريبة التي تنظر بها الانظمة العربية الى العراق الجديد ناسية او متناسية ان لا قيمة لأي مشروع عربي قومي حتى وأن اجتمعت كل الدول العربية ، بدون العراق ، والعراق فقط هو صاحب الريادة في كل مقومات النهوض العربي في المستقبل وأن ما يمر به العراق الان ليس سواء غمامة سوداء ستنجلي بل انها أنها انجلت بهمة وسواعد العراقيين،

والعراق هنا لايستجدي عواطف الانظمة العربية لمد جسور العلاقة مع العراق وانما هو حقة الطبيعي في محيطه العربي ، واذا كان التردد العربي نابعا من التخوف من التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية التي يشهدها العراق وخوفا من أمتدادها الى الشعوب العربية في بلدانهم ولهذا هم يحاولون زعزعة الاستقرار والتدخل في الشؤون الداخلية للعراق ، وعلى الرغم من التأكيدات الكثيرة للمسؤولين العراقيين ان العراق الجديد لن يتدخل بشؤون أي من الدول العربية ودول الجوار لأن العراق لن يعود الى الوراء وأن زمن المعادلة السابق لن يعود ولن نقاتل بالنيابة عن الاخرين .ورغم مرور السنوات الستة على سقوط النظام لكننا كعراقيين لم نلمس بادرة حسن نية من الانظمة العربية بل انها لم تحذوا كما حذت الكثير من دول العالم على اسقاط ديونها على العراق على الرغم من تلك الديون كانت لمهاترات وطيش النظام البائد ، وليس من العدل أن يتحملها العراقيين وهم خارجون توا من أسوء ديكتاتورية شهدها العصر الحديث . والمطالبة بأسقاط الديون نابعا من كون الدول العربية هي العمق الستراتيجي للعراق وهي ألاولى بأسقاط ديونه من الصين واليابان والولايات المتحدة وبقية دول العالم ، كما انها دول غنية ولاسيما دول الخليج منها ،ونحن نسمع عن صرف تلك الدول لملايين الدولارات في تربية الطيور النادرة في أفريقيا وأسطبلات الخيول العربية وبناء المنتجعات السياحية ، ولكن وللاسف الشديد تصم أذانها عن كل ما من شأنه أن يخفف عن العراق والعراقيين بعض معاناتهم، وبطبيعة الحال نستثني موقف الامارات العربية المتحدة في أسقاط ديونها على العراق وهو موقف شهد به جميع العراقيين .

ان الدول العربية ستخسر الكثير في حالة تأخرها على الانفتاح على العراق ، لأن من مصلحة العرب أن يكون العراق قويا والعراق القوي يعني ان العرب أقوياء والعكس صحيح، و ليأخذ موقعه الطبيعي ودوره الريادي في المحيط العربي والدولي ، وأن ما يملكه العراق من خزين هائل في مقومات بناء الدولة الحديثة يجعله محط أنظار العالم يسعفه بذلك الثروة الكبيرة التي يملكها من البترول والامكانات البشرية والمادية .وأن الخوف من التجربة الديمقراطية في العراق من بعض الدول العربية والمحيطة لا مبرر له فالعراق ليس مصدر لتصدير الديمقراطيات ولا يتدخل في شؤون غيره وهذا ما أكده اكثر من مسؤول عراقي فنحن نريد أن نعيش وأن نعوض أيام الكبت والحرمان والتعسف والفقر التي عشناها لأكثر من 35 سنة تحت حكم البعث المهزوم ولا طاقة لنا في الحرب والعدوان وطاقتنا فقط في البناء والاعمار وأعادة العراق الى حيث مكانه الطبيعي في التقدم والنمو . ولن نكون من المحاربين بالنيابة وغير مستعدين أن نخسر عراقي واحد لأجل هذا الملك وذاك السلطان  .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك