سمير السعد
في عالم السياسة، يصبح الصمت أحيانًا أكثر دلالة من التصريحات، والمواقف الانتقائية تكشف عن أجندات غير معلنة.
في هذا السياق، تبرز تصريحات ومواقف رجل الأعمال والسياسي العراقي خميس الخنجر كحالة مثيرة للجدل، حيث يبدو أنه يتعامل مع قضايا الإرهاب والعنف الطائفي بمنطق انتقائي، يُدين بعضها ويتجاهل أخرى، رغم أن الضحايا في الحالتين هم الأبرياء.
في أحدث الجرائم التي هزت سوريا، قامت مجموعات متطرفة تابعة لـهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) بزعامة أبو محمد الجولاني بارتكاب مجزرة مروعة في الساحل السوري راح ضحيتها 1700 مدني بريء، معظمهم من المهندسين والمدرسين والموظفين الحكوميين.
جريمتهم الوحيدة أنهم ينتمون للطائفة العلوية والشيعية، مما جعلهم هدفًا لهذه الجماعات التي تتبنى نهجًا تكفيريًا لا يفرق بين مدني وعسكري.
المجزرة ليست الأولى من نوعها، فخلال السنوات الماضية، لعب المرتزقة الأجانب، بمن فيهم الشيشانيون وغيرهم من أتباع الجولاني، دورًا رئيسيًا في إذكاء نار الحرب الطائفية في سوريا، حيث تم استهداف الأقليات الدينية والمذهبية بعمليات إبادة منظمة، وسط صمت دولي وتواطؤ إقليمي.
رغم فظاعة الجريمة، لم نسمع أي إدانة واضحة من خميس الخنجر، وهو الذي لطالما تبنى خطابًا يدّعي الوقوف إلى جانب حقوق الشعوب ورفض الظلم.
لماذا لم يُصدر بيانًا يشجب هذه المجازر؟ لماذا
م يُعلق على قتل الأبرياء في سوريا، رغم أنه لطالما كان نشطًا في الحديث عن قضايا أخرى في المنطقة؟
يبدو أن الخنجر يتعامل بانتقائية، إذ يحرص على إدانة أي حدث يتماشى مع مصالحه السياسية، بينما يتجاهل تمامًا الجرائم التي لا تناسب أجندته.
هذه الازدواجية ليست جديدة عليه، فقد سبق له أن تجاهل أو حتى برر ضمنيًا جرائم الجماعات الإرهابية في العراق، بما في ذلك مجزرة سبايكر التي راح ضحيتها 1700 جندي عراقي على يد داعش في عام 2014.
في واحدة من أفظع المجازر في العراق، قامت داعش بإعدام 1700 طالب من القوة الجوية العراقية في قاعدة سبايكر بمحافظة صلاح الدين، بعد أن تم أسرهم بطريقة وحشية.
الجريمة هزت العراق والعالم، ومع ذلك، فإن مواقف بعض السياسيين العراقيين، وعلى رأسهم الخنجر، كانت ضبابية أو حتى مبررة ضمنيًا.
لم يصدر الخنجر إدانة واضحة للمجزرة، ولم يُظهر موقفًا متضامنًا مع عائلات الضحايا، بل على العكس، كان يُتهم في بعض الأوساط بتقديم الدعم السياسي لبعض الشخصيات التي كانت على علاقة بالجماعات المتطرفة آنذاك.
ليس جديدًا على شخصيات مثل الخنجر أن تكون متورطة في دعم الإرهاب بطريقة أو بأخرى، سواء من خلال التمويل أو الترويج السياسي أو التغطية الإعلامية.
مواقفهم ليست مجرد صمت، بل تصل إلى مساندة مباشرة للجماعات المتطرفة، سواء من خلال التحريض الطائفي أو تقديم التسهيلات المالية واللوجستية.
عندما يتبنى سياسي معين موقفًا داعمًا للإرهاب، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فإن يديه تصبحان ملطختين بدماء الأبرياء.
الخنجر وغيره من السياسيين الذين يسيرون على هذا النهج ليسوا مجرد متفرجين على الجرائم، بل هم شركاء فيها، سواء بالتحريض أو التواطؤ أو الصمت الذي يعادل المشاركة.
مع تكرار هذه المواقف، يتساءل الكثيرون ، ما هو هدف خميس الخنجر الحقيقي؟
هل يسعى لاستغلال الفوضى الطائفية لمصلحته السياسية؟
هل يريد تعزيز نفوذه عبر دعم فصائل معينة على حساب أخرى؟
أم أنه مجرد سياسي انتهازي يبدل مواقفه وفقًا لما يخدم مصالحه الشخصية؟
في ظل صمت الخنجر عن الجرائم الإرهابية ضد بعض الفئات، وظهوره في الوقت ذاته مدافعًا شرسًا عن قضايا أخرى، يتضح أن مواقفه ليست مبدئية، بل تخضع لحسابات سياسية ضيقة، وهو ما يجعل الكثيرين يشككون في نواياه الحقيقية.
العراق وسوريا والمنطقة بأكملها بحاجة إلى سياسيين صادقين، يدينون الجرائم دون انتقائية، ويدافعون عن جميع الضحايا بغض النظر عن هويتهم.
أما أولئك الذين يختارون الصمت حين يناسبهم، والحديث حين يخدم أجنداتهم، فإنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، وسيسجلهم التاريخ كأصحاب مواقف رمادية لا تنتمي إلى المبادئ، بل إلى المصالح.مصيرهم مزبلة التاريخ .
https://telegram.me/buratha
