تحدثت في المقال السابق قبل فتره وجيزة ان ترامب سيخمد النار بي روسيا وأوكرانيا قريباً ویبدو أن اللقاء قبل یومین بتاریخ 28 -2 -2025 بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد يكون جزءاً من مشهد سياسي مدبّر بعناية حيث يحاول كل طرف أن يحقق مكاسب سياسية وإعلامية أمام جمهوره المحلي والدولي. في هذه المسرحية يُقدَّم زيلينسكي كقائد شجاع مقارنة بالزعماء العرب، بينما تتظاهر واشنطن بالعمل على تحقيق السلام ، رغم أن المصالح الجيوسياسية هي المحرك الأساسي لكل ما يحدث .
لکن لنقرب المسرحية السياسية للقارئ !!
من حیث السيناريو المرتّب: أي محادثات بين زيلينسكي وترامب لن تكون سوى خطوة محسوبة تهدف إلى إعادة تشكيل النفوذ الأميركي في الحرب الأوكرانية وليس وقفها فعلياً.
كذلك من النتائج المتوقعة
• روسيا ستحتفظ بالمناطق التي سيطرت عليها (لوغانسك ، دونيتسك ، وزاباروجيا) ما يكرّس تقسيم أوكرانيا بحكم الواقع .
• أوكرانيا قد تحصل على دعم اقتصادي من الغرب ، لكن بشروط تقيد سيادتها وتجعلها رهينة للإملاءات الغربية .
• الولايات المتحدة قد تستخدم “اتفاق السلام” كأداة للضغط على أوروبا والاستفادة من الأزمة لإعادة ترتيب المشهد العالمي بما يخدم مصالحها .
لکن من المحتمـــــل القــــــریب
• ترامب يسعى لعقد صفقة مع بوتين لإنهاء الحرب بشكل يحفظ ماء وجه الجميع لكنه سيعمل على ضمان بقاء أوكرانيا تحت النفوذ الأميركي .
• أوروبا قد تجد نفسها في موقف حرج بين قبول تقسيم أوكرانيا فعلياً أو الاستمرار في مواجهة طويلة الأمد مع روسيا .
• الصين ستكون المستفيد الأكبر حيث ستواصل تعزيز علاقاتها مع روسيا اقتصادياً وسياسياً مما يعزز نفوذها العالمي .
بالمحصلة المسرحية مستمرة والنتائج مرسومة مسبقًا بينما يبقى الخاسر الأكبر هو الشعب الأوكراني الذي يدفع ثمن الصراع بين القوى الكبرى
وهذه المفاوضات في البيت الأبيض بين زيلينسكي وترامب
ان ما جرى من مفاوضات في البيت الأبيض الا انه استعراضاً سياسياً محسوباً بدقة أمام الإعلام يخدم أجندات متعددة على المستويين الداخلي والدولي .
هذه المفاوضات لم تكن تهدف إلى إيجاد حل عادل ومستدام للصراع الأوكراني-الروسي بل كانت مدفوعة بأهداف استراتيجية تصب في مصلحة واشنطن بالدرجة الأولى .
الغاية الحقيقية وراء اللقاء
1. إظهار الدور الأميركي كوسيط سلام: تحاول الولايات المتحدة خصوصاً بعد عودة ترامب ووعوده قبل الانتخابات على حل النزاعات بينما في الواقع هي من غذّت الصراع عبر تسليح أوكرانيا وفرض العقوبات على روسيا.
2. تلميع صورة زيلينسكي: تصويره كقائد مقاوم وفرضه كرمز عالمي أمام الإعلام مما يساعد في استمرار الدعم الغربي له رغم التراجع الكبير في شعبية الحرب في الداخل الأوروبي والأميركي .
3. إرسال رسائل سياسية لروسيا والصين: واشنطن تستخدم هذه الاجتماعات لإظهار أنها لا تزال تمسك بزمام الأمور وتبعث برسالة تحذير لموسكو بأنها قادرة على فرض معادلات جديدة في أي وقت وأيضاً للصين بأن التحالف الروسي-الصيني لن يمر دون حسابات أميركية .
4. إدارة الانتخابات والمصالح الداخلية: كانت تقول ترامب في حال كان رئيساً سيحاول استغلال الحدث لتعزيز صورته كرجل صفقات قادر على إنهاء النزاعات – وها هو الان - خصوصاً مع اقتراب انتخابات 2028 بينما الديمقراطيون أيضاً لن يبتعدوا عن هذه اللعبة الإعلامية إذا ظلوا في السلطة .
5. تمرير اتفاقات سرية: مثل إعادة رسم النفوذ الجيوسياسي في أوروبا وضمان مصالح الشركات الأميركية في إعادة إعمار أوكرانيا فضلاً عن استمرار العقود العسكرية وصفقات السلاح .
النتيجة الحقيقية
• روسيا تحتفظ بالمناطق التي سيطرت عليها مما يعني تقسيماً غير معلن لأوكرانيا .
• أوكرانيا تحصل على دعم اقتصادي لكنه مشروط بتحويلها إلى دولة تابعة بالكامل للغرب.
• واشنطن تحقق مكاسب استراتيجية دون تقديم أي تنازلات حقيقية بينما يبقى الأوروبيون مترددين في موقفهم بين دعم أوكرانيا والخوف من التصعيد مع روسيا.
النتيجة : ما يجري ليس مفاوضات حقيقية بل مشهد آخر من لعبة النفوذ العالمية حيث تبقى أوكرانيا مجرد ورقة مساومة وروسيا تخرج بأقل الخسائر وأميركا تحافظ على سيطرتها الاقتصادية والسياسية من خلال إدارة الصراع بدلًا من إنهائه .
https://telegram.me/buratha
