المقالات

ريموت كونترول .. مقتدى يدعو أتباعه للتظاهر ضد الاتفاقية الغامضة !

1318 15:25:00 2008-05-28

( بقلم : عواد عباس الموسوي )

يتفق الباحثون المعنيون بالشؤون السياسية إلى أن ثمة أربعة مصادر لقوة الدولة وهي : الموارد البشرية - الموارد الطبيعية ( القوة الاقتصادية ) – القوة العسكرية – الأحلاف و الاتفاقيات مع قوة أكبر . و هذه الأخيرة ليست قوة جديدة في الفكر و العمل السياسي و ليست بدعة ابتدعتها طبيعة العالم المعاصر و أنماط العلاقات الدولية الراهنة ، بل ضاربة بجذورها في التاريخ شانها شأن القوى الثلاث الأخرى .

فمهما كانت موارد البلاد البشرية و قوتها العسكرية و متانة اقتصادها و استقراره فإن الحاجة إلى التحالفات الثنائية و الجماعية يبقى مصدر القوة التي ترجح الثقل في ميزان العلاقات الدولية ، لهذا قلما كانت وعبر التاريخ ثمة قيادة سياسية و إن انطلقت من فهم إيديولوجي محدد لا تأخذ بنظر الاعتبار ما للتحالف مع الدول الأخرى لا سيما الدول العظمى و الإمبراطوريات المهيمنة عالميا من أهمية قصوى إذ يتحقق أكثر من هدف لصالحها تبدأ من رفع احتمالية الصدام و المواجهة مع هذه الدول المهيمنة وتعارض المصالح معها و لا تنتهي عند حدود درأ أخطار التهديد من قوى أخرى و أطراف معينة ضمن المحيط الإقليمي أو العالمي .

هذه الحقائق المذكورة يدركها السياسيون و لا يمكن صاحب السلطة تجاهلها مطلقا لأنه يعلم أن حجم الخسائر ستكون هائلة و تنعكس آثارها السلبية على حاضر البلاد و مستقبلها . بينما يجد المعارضون التقليديون فرصة سانحة على الدوام في أية حركة ضمن نطاق العلاقات الخارجية و تأطيرها ضمن المعاهدات و الاتفاقيات و التفاهمات المشتركة ليطعنوا الحكومات و يشنعوا عليها و هم حين يصلون إلى مركز السلطة فسوف لم ينتهجوا إلا ما انتهجته الحكومات السابقة إذا ما أرادوا العمل لصالح بلدانهم . هذا الواقع " الانتهازي " للمعارضة ضد السلطة يزداد سلبية و عتمة حين يكون المعارض نفسه جاهلا بمضامين تلك الاتفاقيات التي ينتقدها و لهذا تبدو علمية اعتراضه في الأصل مجرد اعتراض لوجه الاعتراض و التسقيط للآخر المختلف معه . و تتجلى هذه القضية اليوم في موقف مقتدى الصدر و ما يعرف بتياره من الاتفاقية المزمع توقيعها مع الولايات المتحدة لإخراج العراق من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة الذي يرزح تحته منذ سنوات عديدة بعد هزيمة صدام في الكويت و فرض الوصاية الدولية على العراق .

 بالطبع لسنا هنا في معرض الدفاع عن الاتفاقية أو اتخاذ موقف ضدها لأننا ببساطة لا نعرف مضمونها تماما و كل ما يجري الحديث عنه و إشاعته مجرد تسريبات صحفية لجهات ثبت في السابق أنها لم تكن صادقة مع متلقيها . المهم هنا النظر في موقف مقتدى الصدر و الذي جاء متزامنا مع تصعيد إعلامي و دبلوماسي إيراني تجاه المعاهدة حد أن صرح خاتمي في خطبة الجمعة الرسمية في طهران بالقول إن أية حكومة توقع على اتفاقية العار هذه فان إيران تعتبرها خائنة للإسلام والشعب العراقي . و هو ما اعتبره الكثيرون تهديدا ضمنيا للحكومة العراقية التي ستعتبر خائنة و عدوة لإيران التي تمثل الإسلام . وفي ذات الخطبة ادعى السيد خاتمي إن المرجعيات الدينية في العراق رفضتها و هو ما دفع السيد علي السيستاني المرجع الأبرز للشيعة في العراق إلى الرد على هذه الأقوال و بذات الحكمة المعروفة عنه حيث أوضح انه لا يعرف شيئا عن مضمون الاتفاقية . و هذا يومئ إلى عقلية متبصرة و منفتحة حيث لا يمكن عقلا و منطقا اتخاذ موقف سلبي أو إيجابي من شيء لا يعرفه المرء و لا يقف على مضمونه لتقدير حجم المصلحة والمفسدة فيه ليتسنى إصدار الحكم عليه رفضا أو قبولا أو تحفظا جزئيا .

لكن السيد مقتدى على ما يبدو يأبى أن ينفك من حالة النزق و المراهقة السياسية فسارع إلى جعل هذه الاتفاقية قضية جديدة يثبت فيها حضوره الإعلامي كونه مولع حد الخبل بترديد اسمه في الإعلام كما يبدو واضحا ، و لكي يغطي على ما لحق مليشياته من هزيمة و تقهقر موجع في أكثر من مكان كان رقعة نفوذ الصدريين . على أن أكثر ما يلفت النظر هو هذا التناغم الفريد من نوعه بينه و بين الجانب الإيراني ، و لا نستغرب هنا إلا لجهة الرموت كونترول اللحظوي الذي يسيّر حركة مقتدى الصدر أما تناغم المواقف بشكل عام فهو لا يدعو للاستغراب كون الرجل مرتهن بوضوح بالإرادة الإيرانية .

قبل شهر تقريبا وفي خضم المعارك ضد القوات الأمنية صرح وزير الخارجية الإيراني تصريحات رافضة للاتفاقية الأمنية ثم في اليوم الذي تلاه كانت الصحف الإيرانية و وسائل الإعلام قد فسرت إن ما يحدث من محاولات للحكومة في فرض القانون ما هو في حقيقته إلا محاولة لتحييد الصدريين بغية إمرار المعاهدة على أساس أنهم الجهة الوطنية الوحيدة الحريصة على مصالح العراق و العراقيين فما كان من مقتدى بعد عدة ساعات فقط إلا إصدار بيانه الذي عبر فيه عن رفضه للمعاهدة .

 و اليوم نعود لذات التناغم الفريد فما أن ترتفع درجة حرارة الرفض الإيراني للمعاهدة الأمنية حتى يخرج مقتدى بدعوة أتباعه للتظاهر ضد هذه المعاهدة التي وصفها البيان الصادر عنه بكونها غامضة و بالتالي فإن مقتدى و أتباعه سيهبون للاعتراض على شيء لا يعرفون مضمونه مطلقا سوى ما يتّكل وعليه من لوك و اجترار لتسريبات من هنا و هناك لا شيء مؤكد منها . و إن كان ثمة شيء مؤكد فهو إن هذه الاتفاقية ستخرج العراق من الفصل السابع لمنحه السيادة الكاملة و التامة على أراضيه و ثرواته و إن كان فيها مما يقدح بالسيادة العراقية فلا شك أن الحكومة و الأحزاب المشاركة فيها و البرلمان سيقف تجاه ذلك و يضغط بجهة تصحيحه و هو ما أكده أكثر من مسئول و نائب من الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة أو تلك التي خارجها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حميد عبد الحميد
2008-05-29
بما ان التسريبات جاءت بعضها من داخل عدد من الاطراف السياسية في الحكومة العراقية وهذا شيء حسن بالنسبة لهكذا موضوع لاول مرة في العالم الاسامي يتم التطرق له فلا تأخذنا العنصرية او التسرع في الرد واعطء الفرصة ولا ننجر الى الامور الجانبية حتى ولو كان بعضها غير مدروس وبعضها قد يكون من باب تبادل الادوار!!!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك