نافع الركابي ||
قال الله تعالى:
((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ))
معنى الحسرة لغويا: اغتمام وتلهُّف على ما فات، حَسْرةٌ على ماضٍ لن يَعودَ
تتكلم الآية الكريمة عن يوم يتحسر فيه الانسان على ما فاته في الحياة الدنيا، وعدم امتثاله لأوامر الله سبحانه وتعالى، اذ يخاطب الله سبحانه نبيه الكريم ان ينذر القوم بهذا اليوم العظيم، هنا نريد الالتفات لشيء مهم، وهوان هذه الحسرة تعادل في عذابها نار جهنم!
لولاحظنا بعض المواقف في الدنيا التي تخص الحسرة، مثلا شخص طالب علم في الدراسة الأكاديمية للصف السادس الاعدادي، وعندما حل الامتحان حصل على معدل منخفض، أو لم ينجح في الاختبار، ويرى اقرانه قد حصلوا درجات عالية، في تلك اللحظة تضيق الدنيا في عين ذلك الطالب، وتقضي عليه الحسرة والندم، وسيرافق ذلك حالة نفسية تدخله في كآبة، وضنك وقد تؤدي به الى الانتحار في اخر المطاف، وما أكثر تلك الحالات في مجتمعنا، لاحظ أن الطالب لم يتحمل ذلك الموقف، مع العلم انه ليس نهاية المطاف، بل هناك محاولات اخرى ويستطيع ان يبدع في مجال اخر.
إذا قارنا حسرة الدنيا، التي غالبا ما تكون على شيء مادي دنيوي، يعوض في وقت اخر مع حسرة الاخرة، التي يقول الله سبحانه قد "قضي الامر" حقيقة هنا سيكتوي الانسان بنار الحسرة الحقيقية، التي تذيب جسده من الداخل، حتى يذوب من شدة الندم على ما فاته، اللهم اجرنا من ذلك اليوم.
بعد تبيان معنى الحسرة نريد ان نعطفها على قضية مصيرية، في الدنيا لا يمكن تعويضها هذه المرة، وهي التمهيد لدولة العدل الالهي، التي تتحقق بوجود المخلص العالمي (الامام المهدي المنتظر عج) فكيف تصيب الإنسان الحسرة في هذه القضية؟
حسب الموروث الروائي (علامات الظهور الشريف) الذي يخص القضية المهدوية، فإن لخروجه ارواحنا له الفداء، عدة شروط أحدها : هو وجود القواعد الشعبية المناصرة
ما هو هدف تلك القواعد؟
هدفها: هو التمهيد" لخروج الامام ارواحنا له الفداء، فينقسم هذا التمهيد الى خاص وعام
(العام )هوما يهيئ الاقتدار العسكري، والاقتصادي والسياسي والذي تتصدى له المرجعيات، والشخصيات السياسية الإسلامية، أما (الخاص)هو الدعوة للأمام بصورة مباشرة، وذلك عن طريق تثقيف الناس بعلامات الظهور الشريف، حتى تصبح تلك القواعد ذات قدرة عسكرية، وعلمية ومستعدة لمناصرة الامام صلوات الله عليه.
حيث ينقسم المجتمع الى ثلاث اقسام:
اولا : القسم الذي يناصر الامام، ويمهد لدولته في غيبته، وهم من سيحظون برعاية الامام عند خروجه، حيث روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله. الخصال : 625 / 10 ، كمال الدين
وكذلك ورد عن الإمام السجاد عليه السلام في حديثه مع أبي خالد الكابلي: (يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان، فإن الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول، والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف، أولئك المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله عز وجل سراً وجهراً، وقال عليه السلام : انتظار الفرج من أعظم الفرج). كمال الدين:1/319
ثانيا: أصحاب الولائج والبطائن المنحرفة، والذين سيقتص منهم الإمام عند خروجه.
ثالثا: المجتمع الملتزم، ولكن لم يقم بدوره التمهيدي، واخذ جانب الجلوس وعدم الاكتراث، وكأن القضية لم تخصه فهم (الاتكاليون) هذا القسم من المجتمع هم من ستصيبهم "الحسرة" التي تكلمنا عنها وسينظر إليهم الإمام نظرة مختلفة ماقتة عليهم، بسبب عدم نصرته في غيبته، وأصبحوا عائقا في طريق المنتظرين الممهدين، هؤلاء سيكتوون بالحسرة في الدنيا، والحسرة في الآخرة،
اللهم عجل لوليك الفرج والنصر والسداد، واجعلنا من المؤمنين الممهدين والمنتظرين لصاحب الزمان أرواحنا له الفداء.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha