كوثر العزاوي ||
إن الإنسان طالما أنّه يعيش في غابة المصالح ومتاهات الطمع والجشع، وتضارب المصالح، سواء على الصعيد الشخصي أو الاجتماعي أو المهني وحتى على الصعيد النفسي، فإنه قد يُخطئ في بعض قراراته، وقد يرتكب الظلم أو الأذى أو التجاوز على حقوق الآخرين، بقصد أو دون قصد ولو كان متحرّزًا من اقتراف الأخطاء ومحتاطًا من خشية السقطات، فذلك مؤشّر خطير إلى غياب الدراسة الدقيقة وعدم التأمّل الذي غالبًا مايؤدي إلى إغفال الأولويات والتساهل وعدم الاهتمام بالمصلحة العامة، ولعل الأقرب إلى هذا المصداق أولئك المتسنّمين مواقع مهمة في الدولة وأصحاب القرار وسنّ القوانين ومَن بيدهم مصير البلاد والعباد، وذوي المقامات الاجتماعية والدينية وأرباب المراكز والمناصب في المؤسسات الصحية والتعليمية والعسكرية والأمنية وغير ذلك مما يتصل بمصير الأمة وإدارة أحوال المجتمع، وفي مثل هذا الفرْض سؤال يطرح نفسه: كيف لِمَن يخشى الله واليوم الآخر ويدعّي النزاهة والصلاح النّجاة مما لامحالة واقع من الشبهات والإلتباسات المختلفة؟!
والجواب من منطلق العقل ومن حيث المبدأ هو:
على الإنسان المؤمن العامل في الساحة في شتى حقولها ومهما كان موقعه، أن يبدأ بسلوك طريق الحقّ وخشية الله" عزوجل" قولًا وعملًا وموقفًا، لعله يبلغ المقصود بعد زمان طال أو قصر ، فإنّ من سلك الطريق لا بد أن يَصل! ومَن فاته سلوك الطريق الصحيح وخلّفَ ماخلَّفَ من التبعات، فما عليه سوى استثمار فرصة اليقظة والإنتباه والاستفادة من أخطاء وكبوات مَن قبله إلى تصحيح ما ارتكبه من جرائر بحق نفسه والآخرين من أبناء شعبه لأي سبب كان، حتى يضمن سَيرهُ في الجادة الصواب، وبذلك يُفرغ ذمّته مما لحِقهُ من التّبعات.
وإنّ الورع عن الشبهات في زمانٍ إلتبسَ الحق فيه بالباطل، وظهرت فيه الخُيَلاء لدرجة كلٌّ يرى نفسه هو الأصلح والأفضل والأحرص على مصالح العباد في وقتٍ يجد نفسه هو رأس الفساد "ولكنهم لايشعرون" وعليه: فمن أراد العمل وِفق الحقّ، والحرص على تطبيق قوانين السماء فعليه بالورع عن الشبهات واجتنابها ومن يتّقي الشبهات أحرزَ دينَهُ لأنّ الشبهات فخاخ الشيطان! وحيث أنّ الجميع بلا استثناء يمرُّ بحالة اختبارٍ مستمر فينبغي التدقيق في مواقفنا قبل وبعد التثبيت لأي إنجازٍ أو المضي بأي وجهةٍ حتى نتأكد ونطمئن من سلامتها وصحّتها أمام الله"عزوجل"
{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ} الحاقة ١٨
وقد ورد عن الإمام علي"عليه السلام" مايؤكد أنّ سلامة النتائج من سلامة المقدّمات عندما قال:
{اعلم أنّ لكل عمل نباتًا، وكل نبات لا غنى به عن الماء، والمياه مختلفة، فما طاب سقيُهُ طاب غَرسُهُ وحَلَتْ ثمرتُه، وما خَبُثَ سقيُهُ خَبُث غرسُهُ وأمْرَت ثمرتُهُ-من المرارة-}
٩-ربيع الثاني١٤٤٤هج
٥-١١-٢٠٢٢م
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha