( بقلم : هلال ال فخر الدين )
في خضم تناقضات وضعف وانهيار واقعنا سابقا ولاحقا يحلوا كثيرا للمنكسرين او المنهزمين ان يتشبثوا ولو بقشة لالقاء تبعات الخسران والانهزام واسقاطها على عاتق شخص واحد لاغير وهذا واقع متأصل فينا لايمكن تجاهلة او انكاره وخصوصا اذا تشكل مع ابعاد طائفية او عصبية وخشية من قول الحقائق واظهار الاحداث على سجيتها لانها تنط بالمساس بالسلطة وما تتلفع به اثواب سواء دينية ام عرقية او مذهبية وهذا مالايمكن تجاوزه والتخلي عنه لتغلغل الجاهلية البغيضة في نفوس النخب واهل الحل والعقد اكثر منه في العوام من انصر اخاك ظالما او مظلوما وان العامة تنعق وتتبع ما يصوره ويزينه الخاصة لهم من غير فهم وتدبر اووعي وهذه الافات المستشرية لايزال الى الان من يردد ها ويزعق بها في صرخات سوق عكاظ من ان الوزير ابن العلقمي هو كان السبب في سقوط الخلافة العباسية وغزو المغول واحتلال العالم الاسلامي ووووالخ من هذه الترهات والتخرصات السقيمة والساذجة ..
فقراءة بسيطة وسطحية للتاريخ تظهر زيف هذه الفرية ونحن ومع شديد الاسف وما يحيق بنا من اخطاركبيرة ورهيبة ونحن في عصر الطفرات العلمية والمعلوماتية والتحديات والتحالفات والهيمنات التي لم تزدنا الا نكوصا وتناحرا وجهلا وتزويرا وتعصبا ..الى متى نبقى داسين رؤسنا في التراب كالنعامة لانستطيع مجابهة الحقيقة ..؟ والى متى نكون رجالا بكل ما لهذه الكلمة من معنى ونتصارح ونتسامح قبل ان نعيد كتابت تاريخنا المليء بالمفخخات والاكاذيب والاباطيل التي ترفع من شان الطغاة وتسف بالاباة ..؟ الم يان الوقت وبعد طوال هذه العصور المظلمة العجاف ومرارة حصادها وما ينتظرا اعتى ..ان ننتفض من اكداس غبارها ونستفيق من سباتنا العميق ونتساال مع انفسنا صادقين عن اسباب فشلنا المريع في كل المناحي ..؟ ولكن ومع شديد الاسف رغم كل فضائع كوارثنا المستديمة لازلنا لم نرعوا ولم نتحمل المسئولية من قول الحق وتبيان الحقيقة.....وهنا نتسال وبكل صراحة وشفافية ونقول هل ان سقوط الاندلس وذهابها كان كان سببها ابان العلقمي ..؟هل ان سقوط الهند وذهاب الحكم الاسلامي سببه ابن العلقمي .؟هل ان سقوط الخلافة العثمانية كان بسبب ابن العلقمي ..؟هل ان سقوط صقلية وذهبها كان بسب خيانة ابن العلقمي ..؟هل ان تشرذم الدول العربية وصراعاتها وسقوطها واستعمارها من قبل الغرب بسبب ابن العلقمي ام باسباب اخرى…؟هل ان نكبة المسلمين في العصر الحديث وحدوث كارثة فلسطين على يد شراذم قليلة كان سببها ابن العلقمي …؟ هل ان استمرار كارثة فلسطين لمدة حقب طويلة ونحن اكثر تشرذما وتخلفا وضعفا واليهود اكثر قوة وتحدي وتقدم …هل سببه ابن العلقمي!!! هل ان كثرة المسلمين (1500) مليون شخص وثرواتهم وموقعهم الاستراتيجية في ظروفهم الكارثية الحالية من التخلف والتمزق والسقوط والانكسار والانهزام وتكالب الامم عليهم من كل حدب وصوب كتكالب الاكلة على قصعتهم كما اخبر المصطفى (ص) بذلك وحكامهم يقدموا عبوديتهم للاسياد على طبق من ذهب سببها ..ابن العلقمي!!! ؟ هل ان ابن العلقمي مهد واستقدم الاستعمار .؟هل ان ابن العلقمي استدعى قوى الاحتلال التي لايخلوا بلدا في شرقنا من ثكنة او طابور للمحتلين فيه؟هل ان ابن العلقمي اوعد اليهود بوطن قومي في فلسطين ؟هل ان ابن العلقمي انسحب من ديارفلسطين ووهبها للقادمين اليهود ؟ هل ان ابن العلقمي سببا في هزائم العرب في حروبهم مع اليهود؟هل ان ابن العلقمي مكن لليهود ان يجثموا على ارض فلسطين طوال ستين عام ؟الحقيقة ان وقعنا الحالي لهو اتعس وانكى واشقى من العصر البدوي الجاهلي الذي لم تخيم عليه جحافل المحتلين ..!!لماذا يؤثرالاعراب والكسل والخنوع والاستسلام على العمل والعزة والتضحية..؟
ونحن ومنذ قرون كثيرة في مهاوي الظلمات والظلام ومن طامة الى اخرى ومن مأساة الى اختها ومن سيء الى اسوء ...حتى ان البهائم لتقوم من كبوتها وتصلح حالها ..وان من الحجارة ليتشقق منه الماء ..لكن الاعراب ابوا إلا الحضيض ..وإلا الدرك الاسفل من الجحيم ..لاادري ألكون الاعراب اشد كفرا ونفاقا ...ام ماذا ...؟هل في هذا الواقع المأساوي دور لابن العلقمي ..؟
واخيرا ما قيمة قوة وزير كابن العلقمي او غيره من الوزراء ان يؤثر في سقوط وانهيار خلافة عريقة ذات مؤسسات كثيرة وامتدادا روحي واسع ...وهل بمقدور وزيركابن العلقي او غيره ان يقف بوجه شيخوخة نظام حكم فاسد وتقهقره ويحول دون خموده وهل كان ابن العلقمي الا منشيء وكاتب للخلافة ليس الا كامثال الوزراء من امثاله وحتى عصرنا الحاضر فان رئيس النظام هو الكل في الكل وما هيئة مجلس الوزراء الا ادوات وواجهات وكل القرارات بيد رأس النظام من الكبيرة وحتى الصغيرة ..فلو كان الخليفة المستنصر صالحا وقائدا محنكا وعبيء الامة واستنهض هممها وبث روح الجهاد عن طريق العلماء وكان على راس الجيوش المستنفرة لانتصر باذن الله او لو فعل كما فعل الحاكم والقائد قطز الذي انتصر على جيوش التتر في عين جالوت بعد ذلك بسنوات ...وهذه جموع الاعادي تكالبت عليكم وقد داسوا دياركم ووطاوارضكم واساءو لمقدساتكم يلتحفون ابراد العصرنة والحرية ...وقد برزوا اليكم بخيلائهم وصلفهم وغطرستهم يسيمونكم الخسف وسوء العذاب ..فهل جاء بهم ابن العلقمي .. فما انتم فاعلون ..وما اعددتم ؟واين تذهبون ..وما ستقولون.. ؟ وما لكم (الامة) الا طريق واحد فقط لابديل عنه ولاتبديل لسنة الله اذا ارادتم حياة العزة والكرامة ..فما لكم الا بالعودة الى صحيح عقيدتكم والتمسك بدينكم والاعتصام بحبل الله ولاتتفرقوا فتذهب ريحكم ..وان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم ..عند ذلك تستطيعوا حتى ان تقهروا اسطورة القوى التي لاتقهر ..كافة الاعداء مجتمعين وكل تحالفات الشياطين وان كان بعضهم لبعض ظهير ..
هل ان ابن العلقمي سبب انهيارنا وجثوم الاعادي على صدورنا يهينونا في كل محفل ويستبيحوننا في كل مكان وينهبوننا في كل مجال ويفرقوننا شيعا لابقاء كابوسهم ملازما لنا ……؟
هل ان ابن العلقمي سبب انهيارنا وجثوم الاعادي على صدورنا يستبيحوننا وينهبوننا ويفرقوننا شيعا لابقاء كابوسهم ملازما لنا ……؟ ويبقى السبب الاساسي والرئيس في انهيارنا وفشلنا وسقوطنا هو اختلافنا
وهنا اشير فقط الى حقائق سقوط الخلافة العباسية على ايدي المغول والتتر والتي كانت مرشحة للسقوط قبل هذا الغزو بفترة طويلة وسوف نطرح مستقبلا بحثا تاصيلا عنها:
1-كان الخليفة المستعصم شخصية ضعيفة لاهية –على نمط اسلافه- لاهم له الا بالانس والطرب والقيان وملاعبة سمكة في نهر دجلة في حين كانت جيوش المغول تقرع ابواب الخلافة منذ زمن
2- عدم اتخاذ الاجراءات الازمة لصد العدوان رغم نصائح الوزير ابن العلقمي والقادة وقاضي القضاة
3-تغذية الخلافة للصراعات المذهبية والعرقية واثارت النعرات الضيقة مما فتت وحدة المسلمين
4- استقلال ولايات االخلافة المترامية الاطراف ولم يبقى بحوزة الخليفة الا (بغداد) وما يحيط بها
5- المؤامرات المتبادلة بين مركز الخلافة والدويلات المستقلة المحيطة بها
6-نكوص الخلافة عن لملمت احوال المسلمين المتردية وجمع الكلمة وتحشيد القوى
7-ان كثيرا من جنود الخلافة والقواد تركوا الجندية بسبب عدم دفع مرتباتهم لاشهر عديدة وذهب بعضهم الى الشام في حين كانت الاموال مكدسة عند الخليفة في قصره حيث استخرجها المغول من صناديقها
8-تحالف الاماراة الاسلامية كالموصل وسنجار مع الغزاة وتقديم الدعم الوجستي والاستخباراتي. ان ابن خلدون ، اليوم ، اشهر من ان يعرف ، بعلمه وريادته في علم الاجتماع وحصافته في السياسة وطبائع العمران ، وليس من يذكر امر لقائه بتيمور لنك واعجابه به وتقديمه لمفتاح دمشق له بسؤ وشنآن بل كاية من ايات الحصافة وعلامة من علامات السياسة والكياسة ، ولاكذلك ليذكر احد امر قاضي قضاة دمشق (تقي الدين بن ابراهيم بن مفلح الحنبلي) ، ولا جريمة اتابك الموصل (ركن الدين اسماعيل) في انضمامه الى هولاكو في محاصرة واستباحة حلب ولا رزية الملك (الاشرف الايوبي) صاحب حمص ، وهو يستقبل هولاكو بالهدايا ، فليس المهم الفعل وانما الفاعل ، والا فمن يبحث عن خيانة حقيقية وغدر فاقع فهذه هي صور الغدر والخيانة فلماذا ' ابن العلقمي ' ومقترحه ليس سوى كياسة وسياسة لم تتجاوز باب النصح والمشورة فعلا. ! اذن ليست الواقعة ولا الفعل هو مايهم ويدفع انما هو الهوى والغرض
9- والحق أن لا أحد يريد أن يقرأ التاريخ العربي والإسلامي قراءة سياسية..فإذا قبلنا بفرية خيانة ابن العلقمي وتسليمه بغداد ورأس الخليفة المستعصم للمغول، كان أولى أن نصدق بحكاية من قال أن الخليفة (الناصر العباسي )كان أول من اتصل بجنكز خان وحرضه على غزو خوارزم لإشغالها عن الخلافة في بغداد بالحرب..وقبل أن نعود إلى بغداد والعلقمي ، يجدر بنا أن نتحدث عما اقترفه المغول في فارس..يحاول بعض المؤرخين أن يصوروا نوعا من التحالف كان قائما بين فارس والمغول..ولم يتوقفوا مليا عند الدمار الذي لحق بفارس من قبل زعماء المغول وقوة الفتك الذي ألحقوه بأبنائها..وما احتفاظهم بالطوسي إلا بعد أن لا حقوه وكان أسيرا بحصن ميمون في آلموت، بعد أن أمسكوا بنصير الدين وفتكوا في من كانوا يعرفون بالحشاشين يومها وقتلوا منهم خلقا كثيرا..وحيث أنهم قاتلوا هؤلاء وإن كانوا إسماعيلية ، فإننا نشير إلى أن أحد أحفاد هولاكو المدعو غازان وهو المغولي الذي تخلى عن البوذية واعتنق الإسلام كان قد اختار المذهب السني.. وكان أخوه ألجايتو خدابنده قد تحول إلى التشيع..فالمسألة أكبر من كونها طائفية أو مذهبية . فالمغول كانوا غزاة وقد أسلموا بعد أن فتكوا بالمسلمين سنة وشيعة..هذا في الوقت الذي كان العالم الإسلامي يعاني من تدهور شديد وضعف في قياداته وفساد سياسته.
10-وان المغول في هجومهم على بغداد لم يفرقوا في سفكهم بين السنة والشيعة كما لم يسلم من تدميرهم لامساجد الشيعة ولا مساجد السنة.
11-الحقيقة ان هولاكو كان قد اجتاح في طريقه الى بغداد العشرات من المدن والممالك شرق وشمال بغداد وكانت حملته تجري وفقا لخطة امبراطورية كلفه بها اخوه الملك مونكو خان حفيد جنكيز خان وقد تضمنت ثلاثة محاور اساسية هي القضاء على مملكة لورستان جنوبي ايران وتدمير قلعة الاسماعيلية في آالموت وتدمير مركز الخلافة العباسية في بغداد كمرحلة اولى ثم التوجه الى الشام ومصر وبلاد السلاجقة الروم وحتى البحر الابيض المتوسط كمرحلة ثانية ولم يكن بحاجة لمراسلات او تحريضات من ابن العلقمي او غيره ' تروى حول ذلك اساطير مضحكة في التواريخ الطائفية الصفراء '. وقد اجتاح هولاكو بالفعل بلاد خراسان واذربيجان ولورستان والعراق والموصل والجزيرة وديار بكر والشام وبلاد السلاجقة الروم ولم يوقفه الا المصريين في عين جالوت . وقد حاصر هولاكو قبل بغداد قلعة الاسماعيلية في آلموت وعندما استسلمت له ارسل زعيم الاسماعيلية ركن الدين خورشاه مع اهله ورجاله الى اخيه في عاصمة الدولة المغولية الذي امر بقتلهم جميعا وقد استباح هولاكو قلعة الموت واعمل فيها القتل الذريع حتى شمل النساء والاطفال والخليفة لاهيا ! ثم توجه نحو بغداد التي وجه الى الخليفة فيها كعادته في اثارة الرعب لدى خصمه رسالة شديدة اللهجة ينذره فيها بالدخول في طاعته او مواجهة العواقب الوبيلة ثم اقتحمها ولم يستطع الخليفة اوافراد الجيش الضعيف له دفعا واعمل في بغداد حرقا ونهبا وقتلا واحرق فيما احرق اضافة الى جامع الخليفة مرقد الامام موسى الكاظم (ع) واستباح الرصافة وكان جل اهلها من السنة واعمل في اهلها القتل مثلما استباح الكرخ التي كان جل سكانها من الشيعة ، واعمل فيهم القتل الذريع وقد كان من راي العلقمي ان تدخل بغداد في ملكه طوعا لا قسرا مما سيجنبها واهليها الاستباحة والدمار ، خصوصا وان ليس لها او لجيشها قبل بهذا الفاتح الذي اجتاح قبلها وفي طريقه اليها الممالك والمدن وانه يحاصرها الان من ثلاثة جهات بثلاثة جيوش احدها جاءها من جهة الموصل واخر من جهة خوزستان والاخر من جهة همذان وكان بقيادة هولاكو نفسه ، وتقدر بعض المصادر التاريخية عديد جيشه ذاك بمئتي الف مقاتل غير ان قائد جندها الشركسي الدوا دار وابن الخليفة رأوا غير هذا الرأي ، وعند سقوطها واجتياحها ارجفوا هم وانصارهم بتلك الاشاعة ليجدوا كبش فداء و' شماعة يعلقون عليها هزيمتهم وعجزهم ، وكان من عوائد ذلك الزمان ان تختار المدن المحاصرة من قبل غاز لاقبل لها به وفدا من وجهائها واعيانها وذوي الرأي فيها ليلتقي بالفاتحين عند اسوار المدينه ويسلمهم مفتاحا رمزيا يرمز الى ان تلك المدينه ترغب في تجنب المواجهة والدخول في ملكهم طوعا .
وهو الامر الذي بادرت اليه اتابكية الموصل ومملكة الارمن وانطاكية وطرابلس واسرع صاحب حمص الايوبي بارسال الهدايا وطلب الامان والدخول في طاعته' هولاكو' وكذلك الملك المنصور صاحب حماه ، وخرج من دمشق وفد برئاسة قاضيها محي الدين الزكي وسلمه مفاتيحها طلبا للامان ، فخلع هولاكو على القاضي وعينه وكيلا له على دمشق في حين مانعت حلب ولم تستسلم فحاصرها هولاكو ودخلها بعد سبعة ايام فاعمل فيها قتلا ونهبا وسبيا ، فاذا كانت خيانة ابن العلقمي هي السبب في سقوط بغداد فما هو شان دمشق ؟ وهل كان العلقمي وراء اجتياح واستباحة حلب ؟ وماهو القول بشان ارسال الملك الايوبي الاشرف صاحب حمص وحفيد اسد الله شيركوه الهدايا والمعونات لهولاكو وقبوله الدخول في طاعته بل ان اتابك الموصل ركن الدين اسماعيل انظم اليه هو وجيشه ليحاصر معه ويستبيح حلب!. 12-والحق أن المغول كانوا جيشا عرمرم سارت به الركبان، لا قبل لجيوش المنطقة حينئذ به..فلقد غزو الصين وبكين والحقوا بها خسائر واستولوا على بعض من بلادها..لقد فتكوا وقتدلوا ودمروا من دون رحمة..ثم إن الأمر لم يكن يتعلق ببغداد وحدها حيث بفضل العلقمي نجت من التدمير المغولي المتعارف ، فلقد دمروا إمبراطورية خوارزمشاهية و قضوا على جيش جلال الدين بن محمد..وقد كانت خوارزمشاه تتمتع بقوة عسكرية كبيرة واصلت قتال المغول ومقاومتهم بلا جدوى..وكان جلال الدين مصرا على عدم الاستسلام فخاض معهم معارك وصلت إلى بلاد الهند..هذا بينما كانت بغداد تعاني من ضعف قياداتها وفساد ملكهم..وقد تنبه بروكلمان إلى فرية الخيانة ليقول بأن الخلافة بعد وفاة الناصر الموصوف بالحزم والهمة آلت إلى خلفاء ضعاف ـ الظاهر بأمر الله ، والمستنصر بالله ، والمستعصم بالله ـ..ويقول بروكلمان:' والحق أن هولاكوا ما كان في حاجة إلى أن يحرض الشيعة من الفرس كالطوسي مثلا ، على قصد بغداد والاستيلاء على هذه الغنيمة الباردة'. 13- أما ابن العلقمي الذي شيطنوه سياسيا ، فيحكي أبو الفداء في تاريخه عن فتنة جرت بين السنة والشيعة بالكرخ ، وكانوا روافض مثلما كان الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي رافضيا..فأمر أبو بكر ابن الخليفة وركن الدين الدوادار العسكر فنهبوا الكرخ وهتكوا النساء وركبوا منهن الفواحش ، فعظم ذلك على الوزير ابن العلقمي فكاتب التتر وأطمعهم في ملك بغداد..ومع أن المؤرخ أبى الفدا اعترف بأن الخليفة فتك بأهل الكرخ وهتك نساءهم ، إلا أن هذا الربط بين الفتك بأهل ابن العلقمي وإطماع هولاكو ببغداد يبقى مجرد تهمة بلا دليل..فكان أحرى أن نقبل شهادته ولا نقبل استنتاجه! .
وقد وصف ابن الجوزي ابن العلقمي بالرجل التقي الورع المستقيم اما خيانته التي روج لها اصحاب الغرض المشين والنفس الطائفي الحقود واستنادا الى من سبقهم من مؤرخي الزور والكذب من وعاظ السلاطين ومؤرخي الزيف والتدليس فهي انه سلم بغداد ، عاصمة الخلافة الى الفاتح المغولي هولاكو ، الذي اجتاحها واستباحها ، وكان ابن العلقمي قد اطمعه فيها ورغبه الى فتحها عبر مراسلات كما كان قد مهد له السبيل بان اشار على الخليفة بتسريح اكثر جنده وشجعه على عدم انفاق المال في سبيل الجيش والاستعداد العسكري ' وان ابن العلقمي قد سلم مفتاح بغداد الى هولاكو عند اسوارها. !
ويقول صاحب الفخري أيضا في وصف الوزير العلقمي:' وكان مؤيد الدين الوزير عفيفا عن أموال الديوان وأموال الرعية متنزها مترفعا'..كما يذكر أن جميع أعوان الخليفة كانوا يكرهونه ويحسدونه بينما أحبه الخليفة ، وينفي عنه صاحب الفخري أنه خامر حتى أن الفخري اعتبر أكبر دليل على عدم مخامرته تسليم هولاكو البلد إليه إشارة إلى سلامته في هذه الدولة. فلو كان قد خامر على الخليفة حسب صاحب الفخري لما وقع الوثوق إليه..وحينما يتحدث ابن الطقطقا عن لقاء الوزير العلقمي بالسلطان المغولي ، وتوسط نصير الدين الطوسي في هذا اللقاء يصفه :' وكان الذي تولى تربيته في الحضرة السلطانية الوزير السعيد نصير الدين الطوسي قدس الله روحه(...)ـ انظر الفخري ، في الآداب السلطانية والدولة الاسلامية، ص338 دار صادر، بيروت ، بلا تاريخ ـ
14-فقد كان للشيعة شأن عظيم في الحفاظ على التراث الاسلامي والانساني من الحرق والتلف والاندثار بما قامة به الامارة المزيدية الشيعية في الحلة من حملة لشراء الكتب والمدوانات الاسلامية المختلفة وبذل جليل الاموال لاقتنائها وجمع كل ما استطاعوا ان يجمعوه وكذلك مابذلته هذه الامارة في المحافظة على ارواح وسلامة العلماء السنة التي احتضنتهم وقدمت لهم الدعم ومكنتهم من القيام بدرهم المذهبي والديني بكل تسامح ونزاهة وحب .
15- كما كان لعلماء الشيعة دور عظيم في الحفاظ على الاسلام والمسلمين واعلاء شان الاسلام بما قاموا به من اتصال بالغزاة القساة وترويضهم وبيان عقائد الاسلام واحكام الشرع رغم كل الصعاب من التعامل مع جيوش مشركة متوحشة لايقف امام سفكها وتدميرها حدود حيث استطاعوا بعد فترة من الزمن من الحوار والمناظرات ان تعتنق الاسرة الايلخانية المغولية الحاكمة الاسلام واصدار الامر بلزوم اعتناق جحافل المغول والتتر للاسلام حتى ان علماء الشيعة وفي بادلرة فريدة ان اسسوا مدارس سيارة مع فيالق الجيش او جوالة مع كتائبه تعلمهم الاسلام فدخلوا في دين الله افواجا بجهود هذه الثلة من العلماء .
16- وقد رافق حملة المغول المدمرة تلك كوارث طبيعية وتقلبات مناخية شديدة حيث قلت الغلال والمواشى والاعلاف وارتفعت الاسعار واصيب بالقحط والغلاء والامراض.
17–كما وان بعض المؤرخين يتهم اعوان الخليفة وقاضي القضاة بالتواطيء مع الغزاة من خلال مراسلاتهم او من خلال بعث الخليفة لهم للتحدث مع قادة الغزو
وهذه الحقائق وغيرها ما سوف اعرض لها بالتفصيل ومن المصادر السنية بالخصوص لاماطة الثام عن الحقائق ونشر الوقائع كم دونوها من غير تخرصات او رمي بالغيب من دون تدبر ولا تمحيص تبعا للتعصب الطائفي البغيض.
هلال ال فخر الدين
https://telegram.me/buratha
