المقالات

هل سيلتزم جيش المهدي بوقف القتال ؟

1119 18:50:00 2008-05-15

( بقلم : غسان العسكري )

أشياء كثيرة تثير عدد من التساؤلات حول النية الحقيقة لإعلان وقف القتال بين الحكومة والتيار الصدري وجناحه العسكري جيش المهدي حيث دخل في دائرة الصراع من أكثر من ثلاث سنين وازدادت عملياته في الآونة الأخيرة حدا لا يمكن السكوت عنه فقامت الحكومة بشن حملة قوية وضربات قاصمة ودك معاقله في مدن الجنوب وفي البصرة بالذات التي كان يعول عليها الكثير ، وبعد ان توجهت عجلة الأحداث نحو مسارها المؤدي الى مركز قطر دائرة القوة لجيش المهدي والتي يعتبرها منطقة محصنة ذات خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها ولكنها أصبحت في متناول يد القوات العسكرية التي تشجعت كثيرا بعد أن زال هذا البعبع المخيف الذي لم يكن في الحقيقة سوى دمية كبيرة مرعبة مليئة بالصوف ولها أنياب ومخالب سرعان ما تناثرت في الهواء فكانت على غير ما كان متوقعا ، وذهبت تلك الهالة الكبيرة التي كان جيش المهدي يحيط نفسه بها أدراج الرياح .

وشرعت القوات العسكرية بالبدء بهجوم كبير وقوي لا تراجع عنه وحاصرت مدينة الصدر لأيام طويلة انهارت خلالها المعنويات وضاق الخناق على العصابات المسلحة بعد قطع الإمدادات وعمليات التصفية والاعتقال وعزم الحكومة الجاد على الخلاص من هذا الخطر الذي يحاول ان يهز شجرة الأمن ليتساقط القتل والدمار والخوف والرعب والتهجير على رؤوس العراقيين . ولذلك قامت هذه الجماعات الخارجة على القانون بما يقوم به الغريق من التمسك بالقشة فراحت تتوسل بهذه الجهة وتلك ، بل إنها قامت بتقبيل أيادي عدوها اللدود علاوي لكي يتدخل في حسم المعركة مع إعطاء تنازلات كبيرة ومهمة منها إلقاء السلاح وتسليم المطلوبين وغيرها من الأمور التي أشارت إشارة واضحة الى الانهيار والاستسلام ، وأيقنت تلك المجاميع حينها ان الأمر كائن لا محال وان الحكومة جادة في اجتثاث العناصر الإرهابية دون الالتفات الى انتمائها وولائها لأن سيادة القانون يجب ان تطبق على الجميع ويجب على الجميع احترامها ، ومن هنا جاءت الأحداث المتوالية بتفاصيلها وما أفرزته من خضوع وتنازل واستسلام وقبول بالشروط التي أملتها الحكومة والتي لم تتنازل عنها طيلة هذه الفترة ، بل انها لم تعر لهذه المعركة أي أهمية والتفتت الى معركتها مع القاعدة في الموصل بإشارة واضحة انها قادرة على القتال في كل المناطق ، وكانت موافقة جيش المهدي على البنود المطروحة في الاتفاق بمثابة المسمار الأخير في نعش هذه العصابات الخارجة على القانون وانتهاج مبدأ القوة مع أي عنصر او مكون يريد ان يجرب حظه في هذه اللعبة التي أتقنت الحكومة تفاصيلها واللعب بها جيدا .

والسؤال هنا هل سيلتزم جيش المهدي بهذه البنود بعد ان أشارت الدلائل انه لا ينصاع لأوامر قياداته ومرجعياته ؟ فقد أعلن السيد مقتدى قبل فترة طويلة تجميد جيش المهدي ولم يلتزم بهذا التجميد واستمرت العمليات الإجرامية على ذات الوتيرة بل ازدادت حدة حتى طالت الكفاءات العلمية والأطباء والنساء والأطفال ثم أعلن التهدئة وإلقاء السلاح ورفع غصن الزيتون وكان ان تعفر الغصن بالتراب ورفعت الأسلحة وجاءت أسلحة جديدة وإضافية غيرها ، وهكذا في كل مرة يعلن فيها انه عاد الى جادة الصواب ، واعتقد جازما ان جيش المهدي لن يترك السلاح ولن يتخلى عن نهجه في القتل والإجرام وربما سيزيد وتيرة العمل بالاغتيالات او بحجة القتال ضد القوات المتعددة الجنسيات وستتكرر فصول المأساة ويعود بركان الرصاص الى الغليان ثانية ويقذف حممه على رؤوس الأبرياء ، لأن عناصره تضم مجموعة من قطاع الطرق والقتلة الذين يعشقون لون الدم وهم تربوا على هذه الثقافة التي لا يمكن تبديلها او الحياد عنها لأنها خلقت لهم جوا من الاحترام المغلف بالخوف والرهبة من ذكر اسم هذا الجيش وقائده علانية في الشارع العراقي الذي رأى ان أي تقاطع مع جهة دموية مصيره الموت ، فضلا عن التبجح والتباهي بالانتماء الى هكذا عنوان .

فجيش المهدي لم يلق السلاح – ان كان جادا في ذلك – الا بعد أن وجد إن فرصته بالنجاة قليلة وهو إن وافق على هذا الوضع فأنه أراد أن يكسب بعض الوقت ويفك الطوق عنه حتى يعود الى نهجه السابق ، وقد قامت مجموعة من عناصره بالإعلان عبر مكبرات الصوت في الحسينيات والجوامع عن عدم موافقة الجيش على هذه الشروط ورفضها تلك البنود واستمرارها في القتال . فالجميع لم يحرز الاطمئنان لجماعات تمارس القتل والتدمير لأكثر من خمس سنين فكيف يمكن ان يتوب بين ليلة وضحاها ؟ أكاد اشك في النية التي لم نر الى الآن مصاديقها على ارض الواقع والقتال لازال مستمرا وحرائق جميلة وانتشار القناصة فوق الدور والمنازل ومعاودة ممارسة نشاطهم دليل أكيد على ان المعركة ستبقى رغم كل الإعلانات عن انتهائها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك