حازم أحمد فضالة ||
(الصَّوْم)
﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا﴾
[مريم: 26]
(الصِّيام)
﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ… ﴾
[البقرة: 187]
تفصيل قصير:
1- الصَّوم سابق على الصِّيام، فهو قبل بعثة النبي محمد الخاتم (صلى الله عليه وآله)، وخاص بتلك الشريعة المنسوخة.
2- الصِّيام جاء في رسالة النبي محمد الخاتم (صلى الله عليه وآله)، الرسالة الشمولية الأبدية.
3- الصَّوْم هو الامتناع عن (الكلام، النُّطق)، ولا علاقة له بالطعام والشراب: ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي﴾.
4- الصِّيام معروف، وهو الامتناع عن تناول الطعام والشراب، أو ارتكاب المفطرات البقية.
5- الصَّوم يمتد يومًا كاملًا، أو أكثر:
يقول عن مريم القديسة (ع): ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ﴾، وقوله:
يقول عن النبي زكريا (ع): ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۚ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ [مريم: 10]
وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۖ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا… ﴾ [آل عمران: 41]
6- القول: ﴿فَقُولِي﴾ غير الكلام والنطق:
﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ﴾، ﴿… إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾:
إذ النطق (صيغة صوتية)، أما القول فيشمل غير ذلك؛ فيكون:
﴿حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ… ﴾، ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾، وكذلك عن هُدْهُد سُليمان: ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾
7- بيان وقت الصِّيام والإفطار:
﴿… حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ… ﴾ قال: ﴿يَتَبَيَّنَ﴾ ولم يقل: (ترون): ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي… ﴾؛ ذلك لأنَّ التبيين يستعمل أدواته الخاصة لإثباته، وليس ينحصر في رؤية العين.
وهذا ربما يشير إلى اختلاف أوقات الليل والنهار، وبما أنَّ القرآن الكريم نزل في شبه الحزيرة العربية، وهي منطقة تمتاز باعتدال أوقات الليل والنهار تفاوتًا؛ لذلك تكون هي المعيار لهذه البينة؛ بحساب الساعات التي تثبت (الخيط الأبيض من الخيط الأسود)، التي لا تتحقق بهذا المستوى من الاعتدال في أغلب دول أوروبا، وشمال روسيا وغيرها، ويتحقق بذلك: ﴿… يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ… ﴾
والله أعلم
والحمد لله ربِّ العالمين