المقالات

مواقف دول الجوار بين الواجب المفروض والحاجة الملحة

1290 15:03:00 2008-04-25

( بقلم : علي جاسم )

ترك مؤتمر الكويت لدول جوار العراق مساحة كبيرة من الامل والتفاؤل في ان تكون مقررات المؤتمر الذي خرجت به قابلة للتطبيق على ارض الواقع وان تجد لها مسافات واسعة من التنفيذ وتتم ترجمتها الى أفعال واجراءات عملية تظهر مدى التزام الدول المجاورة بالتعهدات التي تعهدت بها وحدود سعيها للعمل من أجل أظهار هذا الالتزام بشكل واضح وجلي لتكون فعلا دول تهتم بما يجري على أرض وساحة العراق وتتفاعل مع المتغيرات والاحداث التي تشهدها ، والامل والتفاؤل بنتائج (مؤتمر الكويت) ينطلق من إحساس العراق بالعلاقة الوثيقة التي تربطه بدول الجوار الممتدة عبر مئات السنين والمتأصلة عبر ترابطات سياسية واقتصادية عالية المستوى، كما انه يدرك جيدا ان دول المنطقة يمكن ان تلعب دورا مهما وفاعلا في تنامي مستوى احداث المشهد العراقي سلبا أو ايجابا كون هذ الدول لها اجندات أيدلوجية ومصالح سياسية قد تتضرر اذا ما تحقق الامن والاستقرار في العراق والعكس صحيح تماما وهذا ما أكده عدد كبير من المسؤولين العراقيين في الاجهزة الامنية إضافة الى اعترافات المتورطين أنفسهم من الجنسيات العربية بأعمال العنف والارهاب بصورة أثبتت حدود التدخل الاقليمي في الشأن العراقي سياسيا وأمنيا وتوفير الأجواء الساندة عسكريا ولوجستيا وماليا للعصابات التكفيرية والترويج لنشاطاتها الإجرامية بوسائل إعلام مُعّدة لهذا الغرض وتصدير الفتاوي التحريضية وتشكيل (بؤر التجنيد) وإرسالهم الى الأراضي العراقية مع أمتعة الاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة وتفريغ عناصر مخابراتية من هذه الدول خصيصا للشأن العراقي وإشاعة مبادىء القتل والتهجير والخطف والابتزاز فضلا عن بث روح التفرقة وزرع الفتن الداخلية التي ألقت بظلالها الكثيفة على الشعب العراقي وتحملها وكان هو الخاسر وحده دائما من دمه وحياته وامواله وثروته واحلامه الديمقراطية الجديدة.

دول الجوار والمنطقة لم تحسن استخدام مبادىء وحقوق حسن الجوار ولم تمنع نفسها من محاولات التدخل في صنع القرار السياسي العراقي والتأثير عليه من خلال التلاعب بالاوضاع الامنية مستغلة الحدود المفتوحة معها ، ولأجل ذلك فأنها ( الدول المجاورة) معنية أكثر من غيرها بتصحيح أخطاءها السابقة والتكفير عن مواقفها المضادة للشعب العراقي وحكومته واتخاذ مواقف جديدة تعبر عن مصداقيتها وحسن نيتها بمد أيادي الاخوة والدعم والاسناد شكلا ومضمونا ورسم صفحة جديدة من العلاقات تتسم في جميع جوانبها بالمواقف الواضحة والصريحة والاختيار بين مساندة حكومة بغداد أو الارهاب لأن الحكومة قد أكدت انها ماضية بمحاربة الارهاب والخارجين عن القانون وعازمة على احلال الامن والسلام وبالطبع هذا يتطلب من ( الاخوة الاشقاء وكبادرة حسن نية حقيقية لالتزامهم بهذه الاخوة) إدانة جميع اشكال الارهاب وأنواع التطرف ورفض كافة أساليب التدخل الخارجي في شؤون العراق لاسيما وان هذه التدخلات قادمة من أراضيهم واموالهم وأجندتهم.

وعلى هذا الأساس فأن دول الجوار ملزمة بدرجة كبيرة بإعادة النظر بمواقفها واجراءاتها وان التزامها هذا بمساعدة العراق لا يعني بمطلق الاحوال ان لها الفضل والمنة على أبناء الرافدين بل ان ذلك يعد أقل جزء من واجبهم الانساني والاخلاقي تجاه جارهم الذي يحارب الارهاب العالمي نيابة عن دول المنطقة والعالم بأسرها ، كما انه كان يفترض بها ان تكون هي المسارعة والسباقة لتقديم يد العون والدعم للشعب العراقي واحترام ارادته الوطنية والسياسية بدلا من الاعتراض عليها ومحاولة تعطيلها وترك فراغ كبير قد ملئت جزء منه الدول الغربية التي سارعت من جانبها بدلا من أخواننا العرب للوقوف مع العاق بعد ان عجزت الدول العربية من اتخاذ مواقف مماثلة تؤكد حرصها على العلاقات التي تربط بينهما وعلى مشاعر الوحدة العربية والاسلامية ،وأيضا فأن الدول المجاورة أصبحت اليوم بحاجة ماسة الى تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري مع العراق بعد ان أدركت هذه الدول اهمية العراق الاقتصادية ومدى تأثيره على مستقبل المنطقة وتربعه على موارد وثروات يمكن ان تحدث ثورات كبرى مؤثرة ليس على دول الجوار فحسب بل على دول العالم بأكملها فالنفط والاحتياطي منه يشكل أبرز نقاط القوة الاقتصادية التي يمتلكها العراق مع الموارد الطبيعية الاخرى واعتباره نقطة التواصل بين المشرق الاسيوي ومنطقة الخليج العربي وامتلاكه ميناء البصرة وماله من أهمية مستقبلية خطيرة فضلا عن المميزات السياحية والزراعية الاخرى.

ولذا فقد وضع مؤتمر دول الجوار الكرة في ملعب الدول العربية والمجاورة لاتخاذ مواقف تعبر توجهاتها المستقبلية ولتحدد طبيعة علاقاتها التي تريدها مع العراق الذي لم يترك فرصة أو مؤتمر أو شاردة أو واردة إلا وأكد من خلالها حرصه الشديد على إدامة العلاقات وتفعيلها مع دول الجوار ولجأ أكثر من مرة الى تأكيد ذلك من خلال حرصه على عدم التدخل في شؤون الاخرين والتعامل معهم بالمثل خاصة وانهم قد زادوا من ذلك وعمقوا جراحات العراق ونزفه كثيرا ولكن كان العراق على الدوام حريصا على هذه العلاقات التي ستظل مقيدة بالمواقف الجديدة المتخذة من قبل قادة دول الجوار والمنطقة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك