محمد مكي آل عيسى ||
تألّمت كثيراً وأنا أقرأ العبارة الّتي نُقِلَت عن المرجع الديني الأعلى سماحة السيد السيستاني دام ظله وتداولتها مواقع التواصل والّتي يقول فيها :"
قبل أن يفقده غيري أنا فقدته وأنا الآن أشعر بفراقه"
من عادتي أن لا أستعجل وأعطي رد الفعل بل أنتظر غيري ليكتب وأكتفي به كما أن من عادتي أن أتأكّد من أي عبارة تُنسب للسيد السيستاني قبل أن أتفاعل معها وأحاول أن أصل إلى مصدرها الحقيقي.
لكن هذه العبارة عصرت قلبي فلم أقرأها فحسب بل استشعرتها
عدت للتسجيل الصوتي الذي يظهر فيه سماحة السيد رياض الحكيم وسمعت منه العبارة باللفظ
وتوقفت . . .
عرفنا السيد السيستاني بأن كلماته توزن بميزان الذهب . . دقيق في كل حرف ينطقه . . قليل الكلام كثير الفعل ثابت الموقف
والفقد أمر مجرّد تستشعره النفوس لا تلمسه الأيدي ولا تراه العيون . . لا تسمعه الآذان ولا يتذوقه اللسان . . وما نملك مِن أداة يمكنها أن تقيس مقدار الفقد . . فكيف استطاع السيد المرجع السيستاني أن يجزم بأنه فقد السيد محمد سعيد الحكيم قبل أن يفقده غيره ؟؟
ومَن وما الذي يحدد مَن فقده قدس سره قبل مَن ؟!
بمعنى آخر ما هو المقياس الذي اعتمده السيد السيستاني دام ظله ليصرّح بأنه فقده قبل غيره؟؟
السيد السيستاني دام ظله الوارف لم يسمع الخبر قبل غيره . . ولم يكن المصاحب الوحيد للسيد الفقيد قبل فقده . .
لم يكن يسكن معه في نفس الدار . . ولم يكن يراه كل حين . .
نعم . .
يبدو أن الامر أكبر بكثير من نظرتنا الضيّقة يبدو أن هناك علاقات وروابط تفوق الروابط التكوينية قوة . . تفوق رابطة البنوة والاخوة والقرابة
يبدو لي أنها رابطة الرسالة وحملها
رابطة الهدف السامي الذي اجتمعا عليه
رابطة الهمّ المشترك . . هم الأمة
تلك التي يستشعرها هو دون غيره دام ظله
شعور الفراق . . شعور بالمكان الذي أصبح خالياً في ساحة الفتوى وجهاد العلم
هذه العلائق والروابط أكبر من علاقة ولد بأبيه أو أخ بأخيه أو صديق بصديقه والظاهر هي التي يقصدها سماحته دام ظله
فهي أكبر من المواقف وأكبر من المصاحبة والرفقة وغيرها
نسأل الله سبحانه أن يطيل عمر السيد السيستاني بخير وعافية وأن يديم ظله على الأمّة ويلهمه الصبر على هذا الفراق ويربط على قلبه المكلوم . . والسلام على فقيدنا السيد الحكيم يوم ولد ويوم رحل إلى ربه ويوم يبعث حياً.
https://telegram.me/buratha