سعيد البدري
نحن شعب العراق بلد الحضارات المدججة بالحروب والدم والنار والحديد بلد الانقلابات العسكرية والمؤامرات والمكائد والتغييرات القسرية التي تفرض ببيان رقم واحد , بلد الاختلافات العميقة والتنوع والتناقضات السياسية والاجتماعية , بلد المتوقع واللامتوقع , بلد الصور القاتمة التي لا تحليل منطقي لمضامينها ولانهايات سعيدة بعد فك رموزها , مع ذلك فنحن شعب البطولات والامجاد والكرم والسخاء والشجاعة والعلم والفقاهة فمنا الخليل وفي ارضنا يرقد جثمان ادم ونوح ويونس وذي الكفل ولاشك ان في ارضنا علي الحق والحسين السبط وذريته من الائمة الاطهار
كما تضم ارضنا مشاهد قبور علماء المذاهب الاسلامية واصحاب طرق التصوف ومئات الصالحين والعلماء من مختلف المدارس يلحقهم مئات القادة والمخترعين واهل الفصاحة والحصافة والعقل والرأي والقائمة تطول وتطول كثيرا فعلى هذه الارض وتحت طبقاتها يقبع تاريخ لو فرقناه على اهل الارض جميعا لكفاهم ولتفاخروا بينهم مع ذلك لا تركيبة تصلح لحاضرنا غير تركيبة الاقتتال والدم والتسابق والانقياد نحو الهاوية بجنون وسوء تدبير وهذه مشكلة من يتصدون للقيادة ويحملون وزر هذا الارث فجميعهم لم يفهم ان للكون سننا وان الماضي لا يصنع الحاضر الا بشروط موضوعية وعمل دؤوب واتفاق تام ان مصلحتهم هنا ومع هذا الشعب ولن تكون لهم الاسباب مادامت النوايا شتى والقلوب محملة بالغل وان المعادلات المفروضة لا تحل بقبضة السيف ,
لم يفهم ساستنا عربا وكردا وتركمان اقليات واغلبيات ان التعايش لا يعني الانقياد لرغبة طرف بعينه بل هو انقياد للمنطق السليم وان الاعتزاز بالمذهب والطائفة والقومية والانتماء لهم لايعني استعباد الاخر وان سنة الاختلاف سارية وطبيعية ولا يمكن القفز عليها والالتفاف على معانيها العميقة ودلالاتها واعتباراتها ولاننا مجتمعين ساسة ونخب ومؤسسات وقادة رأي لم ننجح ببلورة هوية وطنية جامعة تبرز الكليات وما اتفق عليه وتعزز الشعور بالانتماء لفضاء اوسع واشمل مع الاحتفاظ بالتفاصيل والخصوصيات في اطارها الذي لا يطغى على كوننا عراقيين ننتمي لهذه الارض وكلنا يدين بالولاء لها ,
لم نفهم ان هذه الهوية الجامعة ان تحققت تطبيقاز لن تكون مشكلة عند الاخرين ولن تشكل لهم فرقا طالما تمسك بها اهل لارض وتسالموا انها الواجهة التي ينطلقون منها للتعاطي مع المحيط والعالم كما انها لن تمثل اي نوع من المخاوف على النوع ان عمل الجميع بمسارات متوازية وقدموا ما يمكن ان يسمى الضامن لسيادة روح المواطنة والتعايش في اطار الوطن , لا يمكن ان تختزل حرية الانسان ببضع قوانين جامدة لا رادع فيها للمسيء بحجة انها تستهدف ابن القومية الفلانية او المكون الفلاني كما لا يجب ان يستسلم الجميع للغة الغلبة والاستقواء ففي كردستان نوع معين من الاستقواء كما في الانبار وبغداد والنجف والناصرية والبصرة وغيرها من المحافظات والمناطق وان ما تفرضه ظروف معينة ينتهي الى المزيد من التعقيدات ولاحلول نهائية لتعاد اللعبة ذاتها بتكرار ممل لا يمكن تجاهل نتائجه وانعكاساته وارتداداته فكما تدين تدان وكما ترضى لنفسك ونوعك ان يكونوا ماهم عليه من الحماية والتحصين فسيكون لغيرك ربما اجلا ان يمارس نفس العملية وبذات الادوات مستقبلا فالايام دول وعلى من بيده ادوات التغيير ان يفهم ذلك ويعمل عليه فقد سئم العراقي المواطن ممن لايفهمون ما يريده , وما يريده حقا هو ان تتهيأ امامه اسباب الرفاهية والعزة وتساوي الفرص والوقوف على قدم المساواة مع اقرانه من شعوب الارض ولن ينفع مع هذا المطلب الترقيع والالغاء وقوة الهراوة والعصا ,
نعم نحن نعتز بانتمائتنا الفرعية ولكل ترتيبه في تقديم وتاخير الاولويات لكن نحتاج ان نفهم ان هذا الترتيب ينبغي ان يتقدمه الانتماء للوطن وينتهي بشعب متحاب والا فلن يهدأ من وصلوا لهذه القناعة الا بمن يحول الحال ويصلوا لدولة وطنية تحترم الخصوصيات وهذا امر ممكن فنحن بلد غني تكفي موارده الجميع ان توافرات معايير العدالة والنظر بعين واحدة تحمي وتحفظ وتنظر لكل من يحمل صفة العراقي بدون تخوين مسبق انهم مواطنين يستحقون الافضل ، لكن الوصول لذلك شاق بكل تأكيد ومع مشقته فهو يستحق المحاولة لاننا دفعنا ما يكفي من التضحيات والدماء حتى وصلنا لهذه القناعة ولمن لم يفهموا كل ذلك داخليا وخارجيا سنذكر بالمضمون و نقول نحن شعب ( نريد واحد يفتهم موضوعنه ) !!؟؟؟
https://telegram.me/buratha