✍️ ضياء الدين الخطيب ||
قال الله تعالى : {ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَـمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَـمُونَ}.
من سورة الزمر- آية (29)
احاول في هذه العاجلة أن اقرب بعض المفاهيم القرآنية وعلاقتها بحال ومصير التمكن الشيعي في العملية السياسية القادمة بعد أن اخذ التفرق والتباين مأخذه بمجمل قراراتنا المصيرية و التي تنبئ بأن اللاعب الشيعي بات مأخوذ على أمره وباتت (الخوشية ) هي من تفرض وتتحكم بقواعد اللعبة.
اعرض لكم هذه ألاية القرآنية التي مررت بها والتي أراها تمثل واقعنا وحالنا الديني والسياسي كمكون شيعي في العراق.
وتتكلم الآية عن عبد(الأمة العراقية) الذي ارهقه شركاء متشاكسون مُتَأمرِون ومُتآمرُون عليه والذي تمكنوا به واصبحوا احد الاسباب الرئيسية معاناته واستمرار الدوامة والاضطراب والضياع والسير نحو المجهول.
واقعنا المزري يدعونا للانتباه لبذل الجهود المضاعفة لتدارك ما حصل ويحصل وسيحصل من الأخطاء الفادحة و التي ستجعل منا كأغلبية في هذا الظرف أقلية مستضعفة في المستقبل تستجدي القليل ولا تعطى.
في افتراض الآية الكريمة لصورة هؤلاء المتشاكسون (القادة) الذين مثلونا كواجهات سياسية انهم متفرقون ومتشرذمون لا قرار لهم ممقوتون في الأرض والسماء يرهقهم الذل ويستجدون رضى الخلق ولا يصلونه . وصورة اخرى (لعبد) مغلوب على أمره تأتيه الأوامر المتناقضة والمتقاطعة ولا يعرف ماذا يفعل إذ تعدد فيه الشركاء والمتحكمون (شرائح الشعب) الشريك الاخر بما يحصل له.
أن هؤلاء المتشاكسون الذي حكموا وتُحِكم فيهم سواء كانو من الطبقة سياسية اومجتمعية تعاني من داء وبيل وهو (الاستعلاء الفارغ) الذي افرز ادعاءات كاذبة تتقمص بمدعياتها الصلاح و الاصلاح والشرعية والحقانية وتطرح نفسها كرائد يطالب بالاتباع ويرى ويرمي غيره بالفساد و الافساد ، وهذا بحد ذاته اوصلنا إلى تضييع كبريات الأمور والانشغال بالتوافه وتغليب المصالح الضيقة على المصالح العامة.
وان الداء انتشر وتحول من القادة إلى الاتباع ومن ثم انتشر في طبقات الشعب كعدوى من جرباء وباتوا شركاء في الداء وهادفين من شعروا أو لم يشعروا إلى نشره وبهذا وجهت لنا عقوبة من السماء نرضخ لكل ما يحصل.
في هذه الآية تشخيص لما يحصل من مشكلات وبذات الوقت وضعت حلولا وبطريقة الإسقاط المقارن بين الشركاء والرجل السليم (العالم العامل) الذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم .
وفي القسم الآخر من الآية يبين لنا حلا ناجعا يفرض تدخل جهة لها السطوة والقدسية والحاكمية في فرض ورقة اصلاح وصلح واتحاد ومشروع يعالج ما يحاك لنا في قادم الأيام ولو بشكل غير معلن.
وبما اننا أمام منعطف خطير بعد اعلان قرار حل البرلمان في تشرين الأول القادم من هذا العام وما يستتبع ذلك من حصول خروقات و تأخر في تشكيل الحكومة وإعداد وإقرار الموازنة والصراع على المحاصصة ان جرت الانتخابات بسلمية علما أن النتائج القادمة يصعب تكهن بمألاتها تجاه المكون و اللاعب الشيعي مع قناعتنا بضراوة وقساوة أذرع الاستكبار العالمي في العراق وما أعد لنا من فخاخ ومشاريع مدعومة بكل عناصر القوة لتضعيفنا وأحكام الحصار.
الحل في العراق يكمن بالميدانية و بإيجاد السلم الداخلي لدى هذا المكون المنقسم على نفسه والمتعدد الولاءات والضائع بين الآراء والأهواء التي فرضها الزعماء ومن سلطت عليهم الأضواء .
ان هذه الصور التي يصفها الرب الحكيم بأنها مشاكسة من قوم متشاكسون أنتجت لنا أمة جاهلة لا تعرف العدو من الصديق أمة متمادية في الجهل وألغي ولديها قناعات أعلى من السماء فرضت من نفسها أمة عظيمة (سراب) مع ان واقعها في أسفل القعر.
الأمة الشيعية في العراق تفتقر للقائد الحازم الحامل للمشروع الناهض والمجمع عليه والذي به يحفظ لهذا المذهب هيبته وعنفوانه وحقانيته وحقوقه .
هذا القائد احد اهم عوامل التأسيس والتكوين من والقوة في أبجديات المكون الناهض والقوي الذي يفرض وجوده في توازن القوى الدائر.
وبما اننا أمة ندعي اتباع وحب علي عليه السلام فهاهو يفرض علينا كاتباع هذا التصنيف وان نعمل به والذي رسمه لتابعه الخاص كميل بن زياد رضوان الله عليه بقوله : يا كميل احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق.
في هذا التصنيف والتوصيف الحاكم في كل جيل نرى حالنا أننا كامة متوفرة فيها هذه الأصناف لكنها غير مترابطة وتعاني من أزمة كبيرة وهي أزمة الثقة بين القادة والنخبة والأمة وأيضا فقدان الميدانية في الكثير من الاصعدة الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وحالنا من ضعف إلى ضعف ومن سوء إلى اسوء منه، وهذا بحد ذاته يُعين علينا أن نتدارك ونحزم أمورنا وان لا نفقد حصانتنا من الداخل والخارج وندير أمورنا ولا نخسر داعمنا المخلص ونعرف ما لنا وما علينا وهذا يشمل كل مكلف في الأمة : العالم والعامي.. السياسي والبسيط.. النخبة والأمة .
نحن أمة مسؤولة وسنقف امام العدل الحكم ونسئل عن موقفنا ومقدار شراكتنا في تأسيس واقعنا مع علمنا با الحاكم عادل مطلع خبير لا يعزب عنه مثقال ذرة.
وللحديث تتمة في القسم الثاني بإذن الله.
https://telegram.me/buratha