عمر ناصر * ||
سأقوم بأجترار جزء من ذاكرتي الضعيفة التي استطيع وصفها بذاكرة السمكة لكونها لازالت تقاوم تأثير الحنين الى اطلال الماضي ولن يختلف معي احد أن القاسم المشترك بين الأب والمعلم هو ذلك الجهد المبذول منهم من اجل تربيتنا وتعليمنا والارتقاء بقيمتنا وقيّمنا المادية والمعنوية الى علياء الفكر ونقاء السريرة لغرض اعدادنا تربويا واخلاقياً وفكرياً لنكون تلك الاوتاد والاعمدة التي ترتقي بها الأمم الى قيم المجد وسلالم الانسانية في اختبار لماراثون الصبر والتحدي من اجل الوصول الى قمم الثقافة والتحضر والرُقي استناداً لنظرية السبب والنتيجة Cause and effect .
لم تدع السياسة ركناً من اركان الحياة الاجتماعية الا ودخلت اليه ولم تدع مفصل من مفاصل التنافس المشروع واللامشروع الا وكان لاصبعها فيه بصمة، ومنها التنافس المُغلف بغلاف النفاق الاجتماعي ومحاولة اظهار الاهتمام المزيف بتلك الشيبة لتجيير تعب وجهد تعليم هؤلاء الاجيال لمن اتت به الصدفة الى كرسي المسؤولية ، فمن التفاهه والسخافة ان لا يستذكر السياسيون قيمة المُعلم الا في الاوقات التي تتلائم مع مزاجهم النفسي وبرستيجهم السياسي وفي وقت التهاني بالاعياد والتعازي في المناسبات ليذكروني بذلك الذي يصلي في رمضان ويترك صلاته في شعبان ، حتى بدأ عيد المعلم يفقد بريقه تدريجياً ويُفرغ من محتواه بسبب تظليل الناس وخداعهم بسخاء الحرص السياسي الكاذب.
تنشط لدى بعض السياسيين تقنية عين السمكة HD عند النظر لمن حولهم فيكون لهم القدرة على رؤية ادق التفاصيل وبنقاوة عالية عندما يتم توافق مزاجهم مع اهدافهم، على العكس من بعض الاشياء التي تحتاج الى ان نسمعها لهم بواسطة مكبرات الصوت اذا اردنا المبالغة ، لنتحدث بلا رتوش ولنقارن بين قيمة المكتسبات وحجم التضحيات الموجودة لدى طبقة المعلمين الذين اصبحوا بين مطرقة ضعف الحماية والاهمال الحكومي وسندان الجهل الثقافي والمجتمعي بأهمية هذه الشريحة، وهل ادى صناع القرار والمسؤولين الحكوميين واجباتهم الوطنية والاخلاقية تجاه هذه الطبقة المكافحة ؟ وهل كانت لديهم مواقف حازمة ونظرتهم فاحصة وشاملة من التهديدات العشائرية والابتزاز والسلوكيات المنحرفة التي ادت الى خوف المعلم وهلعه وتراجع ادائه تجاه مهمة التعليم المقدسة ؟
الكل يجمع أن هنالك تقصير وتعمد وتنصل من هذه المسؤولية وعملية اضفاء صبغة البراءة والقاء الكرة في ملعب للتغريدات السياسية الموجهة اصبحت مزحة سمجة وضحك على ذقون وعقول البسطاء المغرمين بفيسبوكيات الحكم الرشيد والمولعين بالضغط على زر ( لايك و شير ) التي لم تعد تنطلي على احد ، لان عملية صبغ البيض الفاسد بطلاء براق في محاولة لاعادة الجاذبية لشكله السابق لم تعد لها فائدة ، كذلك الحال في محاولات البعض من السياسين تلميع صورهم من خلال تغريداتهم التي لاتصلح الا الحذف في وقت اضحت هواتفنا الذكية غبية وممتلئة بسخافة تلك الترهات التي تصدعت بها رؤوسنا وامتلاء ذاكرتها التي لاتتحمل كذب ونفاق ودجل السياسيين المنتفعين من بقاء الجهل يخيم على اذهان الناس بوجود ازدواجية التصريحات التي لاتسمن ولا تنفع الا للاستهلاك الاعلامي والمحلي .
انتهى ...
*عمر ناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي
https://telegram.me/buratha