عمر ناصر *||
قد نكون مرغمين على تقبل وجود ورؤية الكثير من الاشياء التي لانرغب برؤيتها في حياتنا اليومية فنجد انفسنا مجبرين مثلاً على تحمل ترهات الجانب السلبي من الديموقراطية وحرية الرأي التي تضطرنا احيانا الى الانصات لاراء الامعات السخيفة التي لم نكن نود رؤيتها او حتى نسمع بوجودها بيننا ، الا ان الظروف القسرية تجعل من ذلك الاضطرار اعتياداً بمرور الوقت يتحول وجوده مألوفاً وبسبب ذلك الاعتياد تصبح الرؤية لهذه الامور اشبه بالطبيعية وكانها احدى بديهيات حياتنا اليوميه .
انتابني الفضول لكي ادخل بتفاصيل خطبة احد رجال الدين الذي نادى فيها بأهمية الرجوع الى العمق العقائدي لطائفته بدلاً من البقاء داخل شرنقة وكذبة مفهوم المواطنة يقيناً منه ان بالله تعالى سيبعث الناس على دينهم وعقيدتهم يوم القيامة وليس على اساس انتمائهم الوطني وفي هذا الرأي شيء كبير من المنطق ورأيه قطعاً يأتي من المسلمات الفكرية التي تستند الى مبادئ الخلاص من النار والدخول الى الجنة بل لايختلف على ذلك احد لانها من صلب ديانة الاسلام الذي ندين له بالولاء ، الا انني تابعت بعدها بعض محاضراته الدينية فوجدت اغلبها يتخلله حقن مبطن وعلني لفايروس الفتنة الطائفية وتأكدت انذاك بانها العصى التي يهش بها على غنمه وله فيها مأرب اخرى.
مايزال البعض منا يفكر ويمحص اغلب التحليلات ويريد الوصول الى قناعة تامة تفسر له كيف تحولت الشرنقه الى فراشة وهي مسألة في غاية التعقيد اذا ما امعنا النظر فيها من الناحية البايلوجية لان التحول لا يحتاج الى تداخل جراحي كذلك الحال في موضوع الاصوات الطائفية التي اعتدنا على سماعها قبيل كل انتخابات فهي لاتحتاج الا قانون تجريم الطائفية على غرار قانون مكافحة الارهاب.
وأذا ما اردنا التسليم لرأي هذا الشيخ سنرى اننا سنبقى ندور في نفس الازمات والصدع المجتمعي ونبقى داخل الصندوق الذي تقوقعنا فيه ولم نعطي الفرصه لافكارنا بأن تكسر قيودها وترتقي لابعد مما نحن عليه اليوم ، فأتخاذ مثل هذا القرار يحتاج الى جرعة من لقاح التنوع الفكري والى ارادة حقيقية للتمرد على الذات اولاً وعلى الواقع المزري الذي نحن فيه وسماحته سيكون له نصيب من ذلك قطعاً.
دعنا ندخل في جوهر الحديث ونتذكر بأن الأرهاب وإثارة النعرات الطائفية والعنصرية هما وجهان لنفس ( البابوج ) لكونهما يشكلا تهديداً للامن والسلم المجتمعيين ويرتقيان الى اعلى من مستوى الجرائم ضد الانسانية ، والقاسم المشترك بينهم هو تمزيق وتفتيت النسيج المجتمعي والديني الذي انتجته غياب الخبرة والحنكة السياسية وفشل السياسيين في خلق اجواء ايجابية لدولة مؤسسات قادرة على مواجهة مثل هذه التحديات التي ساهمت الدول الاقليمية في تثبيت جذورها وتعميق الخلافات داخلها ، وعجز الكثير من السياسيين من ايجاد الاسلوب الناجع للقيادة المرنة ناهيك عن وجود قطعان من الاغنام البشرية تسير خلف رجل الدين الذي ذكر اعلاه بلا وعي او ارادة .
انتهى ....
/ *كاتب وباحث في الشان السياسي
https://telegram.me/buratha