قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com||
ربما لا يعي كثيرين مقدار الخسارة الوطنية التي يسببها الفساد، وبعضهم وبطريقة ساذجة يحسبها بمقدار الخسارة المادية، لكن بالحقيقة هي في مجملها خسارة مركبة وبطريقة المتوالية العددية، تتضاعف مع أول عملية حاصل ضرب، ومن بين أشد أنواع الفساد فتكا هو وضع رجال في مراكز لا يناسبونها....
إذ أن وضع رجال لا يتوفرون على خبرات مهنية في مواقع مسؤولية تحتاج خبرات و مؤهلات خاصة، أدى الى أن يتم إتخاذ القرارات وفقا لأساليب بعيدة عن المهنية والعلمية، ولا تستند على أسس البحث العلمي أو الطرق العلمية في أتخاذ القرارات..وكانت الخسارة فادحة جدا بغياب دور العلماء والمهنيين في التحضير لأتخاذ القرار..
لقد شهدنا طوال السنوات السبعة عشر التي تلت زوال نظام القيح الصدامي، تخبطا واضحا في الأداء وفي القرارات، وكم من فكرة خلاقة كان يمكنها أن تقدم فائدة عظيمة لشعبنا ولآفاق تنميته، أحبطها مسؤول لا يتوفر على حد أدنى من المعارف المهنية التي يتطلبها إشغاله لمركزه الوظيفي..ولو تطلب الأمر منا أن نقدم أمثلة لأحتجنا الى مجلدات ..
في حالة المسؤول الذي تنقصه الخبرات والمهارات؛ والأساسات العلمية المناسبة لمركزه الوظيفي، تتخذ القرارات وفقا للمصالح الخاصة، وبناءا على النزوات الشخصية للأفراد أو للجماعات المهيمنة على المؤسسة..
والنتيجة أن تدهورا مريعا؛ هو الذي يحصل للنظام الأداري، وتتحول المؤسسة الى بناء ينخره الفساد، الذي ينتعش في البيئات الجاهلة.
إن السنوات الماضية كان عنوانها الرئيس؛ هو هذا المشهد الذي وصفناه آنفا..وأمامنا مهمة عسيرة للخروج من المأزق؛ الذي سببه تسيد أشخاص غير مناسبين على مفاصل القرار..لكن عسر المهمة لا يعني أن نستسلم لها..
مأسسة الدولة موضوع جوهري في بناء مستقبلنا، وثمة مفهوم غاب عن أذهان الساسة في معنى السلطة، فالسلطة عند معظمهم مشروع للحكم، ووسيلة للنفوذ والسلطان، وهذا مفهوم تغالبي لا يبني دولة..
في المفهوم الأسلامي للدولة؛ يمكن أعتبار السلطة أو الحكم، مشروع عام تتملك الأمة منافعه بالتساوي، الحاكم والمحكوم على قدم وساق، مشروع لا يتاح فيه للحاكم؛ فرصة تحويله الى ملك عضوض، كما حصل بعد وقبل أول تجربة للحكم العادل في الكو؛ قادها أمير المؤمنين علي (ع)، بعد أن أسس الرسول الأكرم(ص) مؤسسة الدولة العادلة الأولى للبشرية..
وحسبنا التقرير السنوي للأمم المتحد المتحدة لعام 2002، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ الخاص بحقوق الإنسان وتحسين البيئة والمعيشة والتعليم، حيث دعا الدول العربية إلى اتخاذ الإمام علي بن أبي طالب(ع)، مثالاً لتشجيع المعرفة وتأسيس الدولة على مبادئ العدالة، وقد احتوى التقرير المذكور الذي اشتمل على اكثر من مائة وستون صفحة، على ست نقاط رئيسية؛ أوصى بها الإمام أمير المؤمنين قبل أكثر من (1000) عام، مثلت العدالة والمعرفة وحقوق الإنسان.
أهم ما جاء في التقرير؛ هو كيفية تعيين الحكام والمحافظين والمدراء في الدولة!!! وكيفية ان يكونوا عدولاً مع الشعب، بل وتحمل المعارضة، فيذكر التقرير إرشادات الإمام لرئيس الدولة؛ نموذجاً في الطريقة المثلى حيث ذكر التقرير: « اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تحكمه الخصوم ولا يتمادى في الزلة, ولا يحصر من المضيء إلى الحق إذا عرفه. ولا تشرف نفسه على طمع. ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الثبوت، وأقلهم تبرماً بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، واحرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستمليه إغراء وأولئك قليل».
كلام قبل السلام: إن المطلب الأول للخروج من نفق الجهل المؤسسي، هو العمل وفقا لسلسة علامة معدة سلفا، تحمل عنوان البرامج.. برنامجنا القادم هو التخلص من الجهلة في مواقع المسؤرولية..!
سلام...
https://telegram.me/buratha