المقالات

قانون مجالس المحافظات... ليس نقضاً وإنما تعديلاً لبعض مواده

1269 16:51:00 2008-03-10

( بقلم : عمار العطار )

في مرحلة الجمود السياسي السابق اكد السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ان هناك ما يقارب الثلاثين قانوناً شرعه مجلس النواب العراقي لم يصادق عليه المجلس الرئاسي، وكان البعض يستغرب من هذه المواقف التي ساهمت بتأخير العديد من مشاريع القوانين التي تصب في صالح المصلحة الوطنية العليا إلا انها تأخرت بعض الشيء بسبب الاختلافات السياسية وتشابك الرؤى والتصورات بشكل كبير انسحب أثرها بفاعلية كبيرة على تعطيل العديد من المشاريع السياسية والخدمية والأمنية والاقتصادية ولم يصلها مبدأ التوافق بين الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية إلا بعد ان استطاع القادة السياسيون من تذليل الصعوبات التي كانت تحول دون انجازها بالوقت المناسب.

المراقبون السياسيون يرون ان قضية المصادقة على مشاريع القوانين تخضع لاعتبارين مهمين الاول هو التمسك بمبادئ الدستور العراقي(الحق الدستوري) وثانياً مبدأ التوافق الذي يرضي الجميع، فهذان المبدآن لا يخضعان الى المزاجية او الاصطفاف الى جانب مصالح فئوية او حزبية ضيقة وانما يحكمها مبدأ المصلحة العليا للشعب العراقي، وعليه فإن مبدأ الاعتراض على بعض مواد أي مشروع قانوني لابد وان يخضع لهذه الاعتبارات ولابد ان يدور حوله النقاش والجدل تحت قبة البرلمان للوصول الى صيغة مناسبة يتفق عليها الجميع وترضي الجميع بما يحقق المصلحة الوطنية بالدرجة الاساس.

وعلى هذا الاساس فإن اعادة قانون مجالس المحافظات من قبل مجلس الرئاسة الى مجلس النواب لا يخرج من هذه القاعدة، خاصة اذا كانت بعض فقراته تخالف الدستور او لا تخدم المصلحة الوطنية العليا او اذا اكتنفها بعض الغموض الذي يمكن حمله على اكثر من محمل مما يثير مطبات لا تتسق وروح القانون ومواد الدستور العراقي، لذلك يمكن القول ان مجلس الرئاسة لم ينقض القانون بكامله وانما وردت ملاحظات على بعض مواد القانون يمكن لمجلس النواب ان يناقشها في جو ديمقراطي وشفاف مع التأكيد على اجراء الانتخابات بموعدها المحدد في تشرين اول القادم، وهذا ما اتفقت عليه اغلب الكتل السياسية.

الذي يريد ان يفسر هذا الاعتراض على انه نقض للقانون يقع في خطأ فادح، اذ ان العديد من القوانين تم تعديلها بعد اعادتها الى مجلس النواب والشواهد على ذلك كثيرة ولسنا بصدد تعدادها وهو بالتأكيد ـ قانون مجالس المحافظات ـ لم يدخل حيز التنفيذ باعتبار ان نفاذه سيكون بعد الانتخابات القادمة، وهذا ما اكده اكثر من مسؤول سياسي من مختلف الكتل والاحزاب السياسية الفاعلة في الساحة العراقية والمشاركة في الحكومة والبرلمان وحتى من هم خارج هذا الاطار.

ان مجلس النواب وبعد التئامه قريباًَ والعودة الى قبة البرلمان بعد انتهاء الاجازة الحالية سوف يناقش بالتأكيد هذه الملاحظات وبما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويحافظ على الوحدة الوطنية وبما ينسجم وروح الدستور العراقي، وهذا ما سوف يقع خاصة وان ممثلي الشعب العراقي على اختلاف كتلهم واحزابهم ومكوناتهم هم من وضع الشعب العراقي ثقته العالية بهم وبالتأكيد سوف يضعون مصلحة الشعب العراقي فوق أي اعتبار اخر، لذلك لا يرى المراقبون أي مبرر للقلق، بل القلق يكمن في تقليص صلاحيات مجالس المحافظات وخروج العراقيين من قبضة المركزية الى ساحة اوسع من خلال توسيع صلاحيات هذه المجالس التي اثبتت قدرتها على التعامل بطريقة مناسبة جداً مع كل الملفات الهامة سواء كانت سياسية ام أمنية ام خدمية ام غيرها من مفاصل الحياة اليومية للمواطن العراقي.

ان الملاحظات التي اوردها مجلس الرئاسة على القانون وكما يقول اكثر من سياسي مشارك في العملية السياسية انها دستورية وليست فنية لذلك يتطلب تعديلها بما ينسجم ورود الدستور العراقي وان تعديل بعض مواد القانون لا يعني نقضه بالكامل، وان تعديل الاخطاء التي اوجدتها المحاصصة سابقاً لابد من تلافيها بما يتناسب والمرحلة الحالية بعد اجتياز التجربة العراقية الجديدة العديد من المحطات المؤقتة التي غادرها الزمن ولابد للمرحلة الحالية من مغادرتها والانطلاق بالعراق الجديد الى آفاق اوسع وأشمل لتحقيق العديد من المشاريع الوطنية وعلى رأسها المصالحة الوطنية والاحتكام الى صناديق الاقتراع دون اللجوء مرة اخرى للمحاصصة التي خلفت العديد من المشاكل والازمات المفتعلة وغير المفتعلة.

ان التعامل الشفاف والديمقراطي مع القوانين هو المعيار الاساس لانضاج التجربة وتعميقها بما يخدم المسيرة السياسية وبما ينسجم مع مبادئ الدستور العراقي وهذا ما يريده العراقيون بعد سقوط الدكتاتورية والاستبداد والتهميش الذي عاشه العراقيون طيلة ما يقارب الثلاثة عقود من ظلم النظام المقبور. وعليه فإن مناقشة مشاريع القوانين بروح وطنية شفافة ليس غمطاً لحق احد بقدر ما هي تجذير وتأصيل للعملية السياسية وتحقيق اهداف الشعب العراقي بكل اطيافه وطوائفه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك