المقالات

تفجيــرا الكــرادة ... حجــر لتحـريـك ميــاه الاستقــرار

1287 21:09:00 2008-03-09

( بقلم : اسعد المطيري )

اتجهت عجلة الوضع في العراق الى الهدوء والاستقرار النسبي بعد ان شارفت اغلب اوراق الحكومة على اتضاح المعالم من خلال سن قوانين وتشريعات مهمة ومن نجاح تحقق على المستوى السياسي في حشد التأييد العربي والاقليمي للحكومة وعلى المستوى الامني ومن خلال السيطرة على اغلب المناطق الساخنة وفرض هيمنة الدولة عليها وتغليب صوت الحكومة على الاصوات الاخرى ، وهو ما ولّد لدى المواطن احساسا عاليا بان رحلة الموت اليومي الى الزوال، وان الايام العصيبة السوداء ستزيحها غيوم الامن وجاهزية القوات العسكرية وقدرتها على الرد السريع وبقوة وعدم التشكيك بفرض الشعور بالانتصار وفق المعطيات الموجودة على الساحة، والتي بدأت تتضح معالمها تدريجيا يوما بعد يوم من دون وجود عوائق تحول دون ذلك ، وهذا ماصاحبه تفاؤل بتحقيق الانجازات الاخرى كون الانجاز الاهم هو استتباب الامن وعودة العوائل المهجرة الى منازلها والبدء بمشروع المصالحة الوطنية خصوصا في المناطق التي تشهد خليطا ونسيجا من اطياف وقوميات ومذاهب مختلفة في تكوينها الاجتماعي وتقريب وجهات النظر ورأب الصدع والسير مع جريان الاحداث الى التوافق والشراكة والثنائية في العمل والارتباط بالمصير الواحد والشروع ببناء ما دُمر وتأثيث مفردات المحبة والاخوة والتعايش السلمي بديلا عن البندقية والسكين ونشر السلام وامساك عود الزيتون الاخضر. كذلك احترام سلطة القانون التي تمخضت عن تشكيل مجالس الصحوة والاسناد وهي شعور عالي بالمواطنة والمشاركة في طرد قوى الشر التي عاثت بالبلاد فسادا وتغليب لغة الحس بالمسؤولية تجاه الوطن .

 ولكن ما من شك ان لدى جميع المواطنين حدسا اقرب الى اليقين بحدوث خطب ما خلال هذه المدة وهو شعور يومي لازم تفاصيل الحياة اليومية التي خرجت تسير على اثار الحطام والدمار والتي انعدمت ثقتها تماما بالشارع ومايحمله من مفاجآت يومية ، بل ان الشهر الماضي شهد موجة عنف تفاوتت في اساليبها حتى وصلت الى استخدام المتخلفين عقليا ، حينها لايمكن الجزم بأن هناك استقرارا امنيا بل هدوء مشوب الحذر يتوقع منه الانفجار في اي لحظة، والملف الامني هو احد مراهنات الدولة التي قطعت شوطا كبيرا فيه والذي نجحت في تحقيقه الى حد بعيد حتى تحركت الحياة ببعض المناطق الميتة ورفعت مسميات مثلث الموت والمناطق الساخنة ولم تكن هناك منطقة محرمة يمنع من دخولها ، ولعل هذا النجاح ولّد مدة من الخمول والكسل لدى اجهزة الامن والشرطة وصل حد اللامبالاة والاسترخاء التام، واضمحلت معه عمليات المطاردة والتعقب بالتزامن مع اصدار قانون العفو العام الذي اعطى الضوء الاخضر للكثيرين بان هناك املا في الخروج من ازمتهم والاطمئنان من مطاردات قوات الامن لالتقاط الانفاس وهي فرصة رائعة وهدية سخية لأعادة التشكيل والبدء بمناورات اخرى واساليب جديدة . وبعد يوم الخميس الدامي ارتفعت كوكبة من الشهداء ملتحقة بالركب الطويل الى منابع النور الالهي، يبرز سؤال مهم لماذا الكرادة بالذات وفي هذا التوقيت ؟

والاجابة على هذا السؤال تقود الى معطيات عديدة منها : مراهنة الحكومة على هذا الجانب واعلانها في اكثر من محفل بان انجازها الكبير هو في عملية حفظ الامن والسعي ا لى استلام الملفات الامنية في اكثر من محافظة وفي بغداد بالذات ، وهذا التفاخر بالنجاح قاد الفرقاء السياسين الى العمل على دحض هذه النظرية والتقليل من نشوة الفوز بافتعال احداث عنف تهز المجتمع وتكون قريبة جدا من الوسط الجماهيري لتجديد لغة الحوار العنيف والاستياء الشعبي للحكومة والطعن بادائها الهزيل ، فضلا عن ان الحكومة لم تتقدم بخطوات جرئية وقوية باتجاه الشعب الذي ينتظر منها الجدية في تحقيق الوعود والامال وانجاز المشاريع والقرارات والمهمة التي تصب في مصلحتة وتحسين الخدمات والاعمار وغيرها من المواضيع ذات التماس بحياته اليومية ، وهذا مافتح الباب امام من لايريد الوصول الى بر الامان من اجندات خارجية او قوى داخلية من خارج الحكومة او داخلها لكي تأجج الموقف في الشارع الذي ينسحب بدوره على الموقف السياسي ككل وحينها ستخرج التصريحات الناقدة حول تعثر عجلة التقدم وعدم الكفاية في ادارة شؤون البلاد من داخل قبة البرلمان والحكومة وانهم الوحيدون الذين يمتلكون مفاتيح حل الازمة، وهذا المشهد سيشارك بتعطيل تشريعات مهمة منها المصالحة الوطنية التي بنيت لها قاعدة توافقية قبلت تحت واقع تحقيق الموازنة في القرار السياسي ومشاركة الجميع ورفع الاعذار والحجج في الابتعاد عن المسار الحكومي كون هذه العملية ستعطل المصادقة على القرارات التي من شأنها ان تدفع بالجهات الاخرى الى اتخاذ مواقف حساسة وضاغطة واعادة تفجير النزاع السياسي داخل اروقة الحكومة وهذا مايسعى اليه الارهابيون لآفشال العملية السياسية في العراق وهو مخطط كبير تمت مجابهته بقوة ،

ولكن يبدو ان هناك استراتيجية جديدة في العمليات ، لاسيما ان المنطقة التي تحدث فيها اعمال عنف او تفجيرات تكون مراقبة من قبل الحكومة لايام طويلة بعد حدوث الانفجارات، واختيار بغداد كحل جذري وقوي مع تشتيت الهجمات في اكثر من مكان لاسيما ان الحكومة اعلنت ان معركتها مع القاعدة ستكون الاخيرة، وسيتم طردها من البلاد نهائيا وهي الى الآن لم تباشر باية عمليات استباقية او مباغتة,لاسيما ان الحكومة جادة في المعركة ضد الارهاب ،واعمال العنف والتفجيرات ستوفر للاعلام المضاد الذي يتحين الفرصة لخلق مشهد قلق بتغطية مفبركة لها اساس من الواقع مع بعض الدس لتشارك في تأجيج رأي الجمهور، وايصال الصوت الى الجهات الراعية للشأن العراقي بان البلاد لديها جسد منخور على الرغم من عافيتها الخارجية التي توحي للجميع بأنها بصحة جيدة وتستطيع القضاء على الامراض الفتاكة من الارهاب وغيره ، ناهيك عن اختيار منطقة مكتضة بالسكان وفي وقت تعج فيه حركة التبضع لاسيما انها المنطقة الوحيدة التي تبقى فيها الحركة مستمرة الى ساعات متاخرة . فالعمليات الانتحارية الارهابية او التفجيرات تتطلب موقفا حازما وردا سريعا بعيدا عن الشجب والاستنكار باستنفار القوى العسكرية والامنية كافة والقيام بحملة تشمل جميع مناطق بغداد لتفويت الفرصة على الارهابيين واعوانهم في خلق بلبلة وازمة وفتح ثغرة للعودة ثانية، واعادة مسلسل القتل والتهجير والتشريد، واعادة الاوضاع الامنية في البلاد الى المربع الاول .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك