المقالات

العبودية الذهبية . .  


 

 

محمد مكي آل عيسى ||

 

 (( يمكنك أنت أن تكون رئيساً للجمهورية )) بهذه العبارة واجه أحد ضباط الجيش الأمريكي المحتل أحد إخواننا البسطاء من رجال العشائر العراقية . . .

كان الرجل بسيطاً وبعيداً عن السياسة وعالماً بنفسه أنه ليس مؤهّلاً لمنصب مدير عام كي يكون رئيساً للجمهورية مرة واحدة . لكنه بعد أن سمع هذه العبارة من ضابط أمريكي إنقلبت عنده الموازين , وراحت نفسه تحدّثه بها . . ولم لا يكون وهو محبوب ومحترم ويعرفه الكثير . . عاد يفكّر بالأمر كثيراً . . تسلطت عليه الفكرة وامتطته . . حتى فقد توازنه

وأصبح يدين للضابط الأمريكي الذي أعطاه قدره الذي لم يحصل عليه حتى من نفسه . . نعم الضابط الأمريكي هو الوحيد الذي احترمني وأعطاني مكانتي التي استحقها فعلاً . . لطيف ذلك الضابط الأمريكي كم احبني وكم أحترمني وقدّرني

مضت الأيام والرجل لم يصبح رئيساً للجمهورية ولم يفكّر فيه أحد . . لكنه صار عبداً للضابط الأمريكي وللجيش الأمريكي لعله يحصل يوماً على منصب رئاسة الجمهورية .

نعم أنه أسلوب النفخ الجاذب الذي تستخدمه قوى الظلم والظلام لشراء النفوس بأبخس الأثمان

كيف يتم الإستيلاء على جماعات من الشباب البسطاء وكيف يتم توجيههم وتسخيرهم الى الهدف المطلوب ؟؟ إنه المدح والإطراء والثناء . . إنه إحترام للذات يتم تقديمه لأي كان باستحقاق أو بدونه . . وطبيعة الإنسان أن يحب من امتدحه لأنه يشعر أنه بذلك قد امتلك قلب المادح وجعله أسيره . . والعكس هو الصحيح

فإن الممدوح يتحول الى أسير للمدح والمدّاحين وهنا يتمكن المادح من أن يحرّك الممدوح كيفما يشاء

أنت عظيم  . . أنت فعلت المستحيل . . أنت تفهم أكثر من غيرك . . أنت عالم لا تحتاج لمعلم . . ما عندك من المعرفة يغنيك عن كتب الدنيا . . لا أحد يمكنه أن يفهمك . . أنت مختلف عن الآخرين . . أنت رجل التغيير . . مستقبل الدنيا يعتمد عليك . . أنت  . . أنت . . أنت . .

أكاذيب يخدعون بها بسطاء التفكير وطيبي القلوب لأن هذا المدح يرافقه التوجيه المطلوب . . أنت كذا فعليك ان تفعل كذا

من هنا نعرف لماذا ينجذب شبابنا للبرامج الغربية ولماذا يكون أداة طيّعة لها بسبب النفخ الذي يتحول أحدهم بسببه لبالون يكبر حجمه بكثير ومع كل نسمة يطير.

لقد نبهنا الإسلام العزيز منذ مئات السنين أن ننتبه ولا نقع فريسة للمدح والمادحين فإن المدح حتى وإن خلا من التوجيه فإنه مُمْرِض للنفس جاذب للرذائل روي عن رسول الله ص أنه قال لأحد مدح آخر " ويحك! قطعت ظهره! ولو سمعك ما أفلح إلى يوم القيامة ".

وورد عنه أنه قال " ألا لا تمادحوا! وإذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب "

فاحذروا النافخين الجاذبين وانتبهوا فالنفس إذا تعودت على المدح لم تقبل النقد البنّاء بل سترفض أي تربية وتعليم سترفض أن تخلع عنها الرذيلة وسترفض أن تتحلى بالفضيلة

النفس تطرب لمن يمتدحها بل قد يستعبدها , فارفضوا هذه العبودية الذهبية وإن كانت محبوبة للنفس فإنها تبقى عبودية .

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك