جعفر علي الحسيني
لابد في البداية ان نعرف المقصود من الحرب الناعمة ، فالحرب الناعمة كما عرّفها جوزيف ناي (هي القدرة على الحصول عن طريق الجاذبية بدلا عن الارغام)وانطلقنا من تعريفه لانه من اشهر الشخصيات الامريكية التي كتبت عن هذا الموضوع في كتابه المعروف ب(القوة الناعمة)وقال ايضا ان القوة الناعمة تعني التلاعب وكسب النقاط على حساب جدول اعمال الاخرين من دون ان تظهر بصمات هذا التلاعب وفي نفس الوقت منع الاخرين من التعبير عن اعمالهم وتفضيلاتهم وتصوراتهم الخاصة وهي علاقة جذب وطرد وكراهية واعجاب .
او كما عبر عنها السيد الخامنئي (ان الحرب الناعمة ترفع شعارات ودعايات محقة بالظاهر ولكنها باطلة في الباطن وتخلط الحق بالباطل وللاسف فأن البعض يكرر دعايات وشائعات العدو عن قصد او عن جهل ).
تدور الحرب الناعمة حول ثلاثة محاور رئيسية، تبدأ بالمحور الاول وهو تعزيز القيم والمؤسسات الامريكية واضعاف موارد منافسيها واعدائها .
اما المحور الثاني فهو توسيع مساحة وجاذبية الرموز الثقافية والتجارية والاعلامية والعلمية الامريكية ، واخيرا بسط وتحسين وتلميع جاذبية اميركا وصورتها وتثبيت شرعية سياساتها الخارجية وصدق تعاملاتها وسلوكياتها الدولية وضرب سياسات اعدائها .
ان المشروع الامريكي المعاصر قد ركن الى الحرب الناعمة لعجزه عن الوصول الى اهدافه عن طريق القوة العسكرية او لتخفيف التكلفة الباهضة المترتبة عليها .
وتبدا الحرب الناعمة بالانهيار من الداخل بأيدينا وبأدواتنا من دون ان نلتفت الى ما يحصل بل نعيش احيانا في حالة الغبطة بما يحصل ، يترافق ذلك مع تعديل القيم التي يريدون تأسيسنا عليها لتسود قيمهم ثم نندفع بشكل طبيعي لتصديقها وتنفيذها .
تعتمد الحرب الناعمة على كل المؤثرات والرموز البصرية والاعلامية والثقافية والبحثية فلا تترك جانب من جوانب التاثير الا وتدخل به ومن خلاله ، لتحقيق الموارد الثلاث التي ذكرناها اعلاه .
وترتكز اساليب هذه الحرب على عدة محاور اهمها هو (الاعلام) من حيث توشيحها بالمؤثرات العاطفية وتلفيق الحقائق وبث الشائعات والمفاهيم الخاطئة او من خلال الربط السياسي بمصالح الاستكبار المتمثلة بالانظمة المدعومة من الادارة الامريكية كدول الخليج التي تخلو من انظمة حقوق الانسان وحرية الراي والفكر وحرية الانتخاب !!
وانما نسمع فقط اشادات بالاعتدال الموصوف لهذه الحكومات المستبدة الظالمة لانها تغذي الاستكبار بكل متطلباته المالية والعسكرية والثقافية والاخلاقية فهي بلا رأي وبلا قرار وبلا كرامة .
وايضا من وسائل وركائز الحرب الناعمة هو الدعم المالي والاقتصادي والعسكري حيث نعلم ان لكل دعم مبرراته واهدافه الخاصة ، حيث نشهد العطاء الكريم الى جزء كبير لما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني من قبل الادراة الامريكية ونحن لانريد الاساءة الى هذه المؤسسات ولكن علينا التدقيق بالمساعدات فهم يدفعون اموالا بعنوان التثقيف عن الديمقراطية وحقوق الانسان والتفلت من القيم والافكار السائدة ومواكبة الحياة المعاصرة .
دققوا في البرامج التي تطرحها هذه المؤسسات ستجدون انها برامج تؤسس لتبعية فكرية وثقافية وسياسية لتكون تبعاً لهم و إلا فما هذا الكرم والعطاء ؟؟!!
ان الركيزة الاخيرة التي ترتكز عليها هذه الحرب هي الانشغال في ان نكون في حالة دفاعية عن انفسنا لكي يتعطل البناء والتقدم بمختلف جوانبه ونكون في حالة دفاعية من الجانب الثقافي والعسكري والاجتماعي والاقتصادي وغيرها .
ختاماً قد يرد سؤال عن كيفية مواجهة هذه الحرب ؟
ان مواجهة هذه الحرب ترتكز على عدة امور اهمها ان نعترف بوجود الحرب الناعمة ومعرفة من هو العدو؟ ماهي اهدافه؟ ماهي ادواته؟ من المستهدف؟
وكذلك يجب علينا تحصين الانتماء الايماني والعقائدي وزيادة رفع مستوى ثقة الانتماء بتاريخنا وهويتنا وثقافتنا وديننا
مما يشكل حصانة امام هذه الحرب التي شنها العدو علينا .
وفي الختام سلام
جعفر علي الحسيني
26/شعبان /1441
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)