محمد مكي آل عيسى
إنتشرت على صفحات التواصل تغريدة لأحدها يقول ( انتظره أجدادي وأبي ولم يحضر وصيتي لأبنائي وأحفادي لا تنتظروه لأنه لن يأت)
وكعادتي في التحقق فتحت حسابها على تويتر فرأيت التغريدة موجودة فعلاً وكان لابد من الرد..
إن أحد أسباب الإنكار التي بسببها ينكر بعض الجاهلين حقائق معينة هو ( الاستبعاد ) . . . نعم فالاستبعاد كان ولا يزال سبباً في ضلال الكثير عندما يستبعدون وقوع أمر مستقبلي معين ويروه بعيد الوقوع بناءً على نظرتهم القاصرة .. فإنهم ينكروه لمجرد أنه بعيد الوقوع من وجهة نظرهم .
ينكروه بسبب قياسهم الباطل هذا بسبب نظرتهم الضيقة التي تحكم بأن الأمر إذا لم يحصل فهو لن يحصل
وقد حدّثنا القرآن الكريم عن هذه الحالة بقوله : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا } (سورة الكهف 35)
فصاحب الجنة كان يستبعد أن تبيد جنته وتهلك بعد أن رآها تزهو بثمرها لكن استبعاده لم يستمر طويلاً فقد عالجه الله { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } (سورة الكهف 42)
فندم على ما كان يحسب ويظن بعد فوات الأوان
كما يذكر لنا القرآن الكريم أن الاستبعاد كان سبباً في إنكار المعاد وهو حقيقة كبرى . . فليس للمنكرين للمعاد أي دليل إطلاقاً على نفي المعاد لكنهم كانوا يستبعدوه كما في قوله تعالى عنهم { وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ } (سورة الواقعة 47 - 48)
فرؤيتهم للعظام وهي تتحول الى رميم وذهاب آبائهم وأجدادهم وعدم رجوع أحد منهم يجعلهم يستعجلون الأمر فلمّا لم يجدوه استبعدوه وأنكروه { وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } (سورة السجدة 10)
لذا نجد أن الله تعالى دفع استبعادهم هذا بأن أقام لهم عدداً من المعاجز التي ترفع استبعاد المعاد كقضية أصحاب الكهف وإحياء الموتى وما جرى على النبي عزير وغيرها . . . كل ذلك ليدحض لهم عملياً فكرة استبعاد المعاد . . ويبقى من يريد الضلال على ضلاله مع كل الأدلة التي تعرض عليه..
وعلى نفس سيرة المستكبرين ومكذبي الأنبياء يسير اليوم أحدها لينكر قيام مهدي الأمة ع الذي أجمعت عليه ديانات السماء وفطرة الخلق فينكره بسبب ماذا ؟؟ بسبب أن أجداده وآباءه لم يروه !! ومن قال إنه خلق ليظهر في زمن آبائك أو أجدادك بل وحتى زمنك ؟؟
يجزم العقلاء إن عدم تحقق أمر لا يعني أن غير قابل للتحقق بل ربما لم تكتمل أجزاء العلة لظهور المعلول وأن الظروف الموضوعية لم تتوفر له فحسب .
أما نحن فلن نسمح لهذه الزعقات أن تلوث صورة الأمل المنشود والمستقبل الجميل الذي تشتاقه النفوس الزكية
وليس لصوت الباطل إلا أن يستخفَّ عقول الجاهلين ليطيعوه ويبقى الأمل الحق مؤرقاً للنفوس المريضة التي لا تود سماع سيرته
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha